ملخص المسطرة الجنائية الفصل السادس S6

ملخص المسطرة الجنائية الفصل السادس S6

ملخص المسطرة الجنائية الفصل السادس S6

المسطرة الجنائية,ملخص قانون المسطرة الجنائية,ملخص المسطرة الجنائية,المسطرة الجنائية الفصل السادس s6

العنوان  ملخص المسطرة الجنائية
الفصلالسادس قانون خاص
اعدادسعيد عبد الكبير ومحمد الزهيري
عدد الصفحات33 صفحة
نوع الملفPDF
منصة التحميلMediafire  
حجم الملف2 ميگا

أولا : مفهوم المسطرة الجنائية

وهي مجموع القواعد الاجرامية التي تطبق بشأن القضايا الزجرية بدأ بمرحلة البحث والتحقيق في الجريمة مرورا بمرحلة المحاكمة وإصدار حكم في النازلة، وصولا الى مرحلة تنفيذ العقوبة عند الإدانة. 

وقانون المسطرة الجنائية يتجسد في التشريع المغربي في قانون رقم 22-01 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 03 أكتوبر 2002.

وما يجب الإشارة إليه أن قانون المسطرة الجنائية لا يقف على قانون رقم 01_22 بل هناك مقتضيات أخرى في القوانين الأخرى.

ثانيا : علاقة قانون المسطرة الجنائية مع قانون والمسطرة المدنية

لم تكن الحقوق المدنية متميزة عن الحقوق الجزائية في القديم وبالتالي لم تكن إجراءات ق.م.ج تختلف عن الإجراءات المدنية، إلا أن التطور التاريخي أدى إلى انفصال كل منهما عن الأخرى وظهرت أوجه اختلاف بينهما وهي :

- أن ق.م.م يرمي لضمان حقوق الفرد المالية وتمكينه من التعويض المناسب، أما ق.م.ج يهدف إلى حماية المصلحة ويعمل على إلحاق الجزاء بكل مجرم، مع المحافظة على براءته وضمان حقوقه في الدفاع عن نفسه.

- إذا كان موضوع ق.م.م هو التثبت من حق أو واقع يبحث بصورة مجردة ولا تستلزم في القاضي الذي يقوم به أكثر من كونه فقيها، فإن موضوع ق.م.ج هو الكائن البشري والبحث عن جريمته وإثبات مسؤوليته وبالتالي لا يكفي في القاضي الذي يقوم بذلك أن يكون فقيها وإنما يجب أن يكون عالما. 

- يرتبط ق. م. ج بكثير من العلوم الأخرى مثل علم الإجرام، وعلم النفس، وعلم الاجتماعي، حتى يستطيع أن يقوم بعملية الإسناد أي لإسناد الفعل الإجرامي إلى صاحبه دون الوقوع في الخطأ. 

- إذا كانت الجريمة تولد غالبا نوعين من الضرر، ضررا عاما هو الجريمة المرتكبة وضررا خاصا وبالتالي نوعين من الدعاوی، الدعوى الجنائية الغرض منها تطبيق العقوبة والدعوى المدنية لتعويض الضرر، فإنه في بعض الأحيان لا تتسبب الجريمة في أي ضرر خاص وبالتالي لا تقام إلا الدعوى ع كما هو الشأن في جريمة المحاولة، جريمة حمل السلاح بدون رخصة، في المخالفات عموما.

وبالتالي نجد أن م. م و م. ج تجمع بينهما علاقة وطيدة تكمل في النقط التالية :

- إن كلا  المسطرتين يندرجان في إطار واحد هو القانون الإجرائي. 

- ان قانون المسطرة المدنية يتم اللجوء إليه في حالة هناك فراغ في المسطرة الجنائية ولكن بشرط ألا يكون هناك تعارض، وهذا ما يؤكده الفصل 752 من ق م ج. 

ثالثا: نطاق تطبيق المسطرة الجنائية من حيث المكان

إن مجموعة القانون الجنائي كما هو معروف أنه يخضع لمبدأ اقليمية القوانين ، ومفادها أن القانون الجنائي المغربي يطبق على كافة الأشخاص الذين لديهم الجنسية المغربية و على الأشخاص الأجانب و على الأشخاص الذي لديهم الجنسية المختلطة، وحتى على الأشخاص منعدمي الجنسية، والجهة القضائية المختصة هي المحاكم المغربية ، ولكن هناك استثناء بحيث أن بعض الجرائم قد تكون خارج المغرب ظ ولكن يطبق بشأنها التشريع الجنائي المغربي في شقه الموضوعي والمسطري ويستند الاختصاص الى المحاكم المغربية بشأن تلك الجرائم التي تكون ضد :

- الأمن العمومي وحماية السلم الاجتماعي والاستقرار وحماية المصالح والحقوق الأساسية. 

وهذا راجع للمحاكم المغربية ويكون مستثنى من اقليمية القوانين، كما تؤكد المواد 707 و708و 709 من ق م ج وتأكد على أن المغرب له حق المتابعة وتجاوز مبدأ اقليمية القوانين.

رابعا : نطاق تطبيق مسطرة الجنائية من حيث الزمان

إن قانون المسطرة الجنائية يخضع من حيث الزمان إلى أثر فوري من حيث التطبيق، لأنه عندما يصدر قانون جديد فإنه تكون له الفورية في التطبيق وهذا ما خرج عن مبدأ عدم رجعية القوانين، لأن هذا الأثر الفوري يكون حتى الجرائم التي لم يصدر فيها حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به ما لم يكن القانون القديم أصلح للمتهم مثل "نقل اختصاص وزيادة مدة التقادم وإلغاء بعض أوجه الطعن"،

خامسا : تطور التاريخي لقانون المسطرة الجنائية

܀ مرحلة قبل الحماية
تتمثل هذه المرحلة في:
القواعد العرفية : وهي الاعراف المحلية التي كان يعتمد عليها ، كأحكام المسطرة الشكلية في المتابعة بخصوص بعض الجرائم التي كان يمارسها الباشوات أو القياد،  وإما القبيلة نفسها، من خلال اسناد  بعض الأعراف في القبيلة لبعض الأشخاص لممارسة بعض المهام المتعلقة بالشكلية والمتابعة و على نحو ذلك: "أمناء الحرف والمهن". 

القضاء الشرعي : المجسد في الفقه المالكي ومجسد بشكل خاص بما جرى به العمل في المذهب المالكي. 

القضاء المخزني : وهو الذي كان يمارس من قبل القياد في المناطق القروية والباشوات في مناطق الحضرية.

܀ مرحلة الحماية
هذه المرحلة عرفت صدور مجموعة من النصوص التشريعية  كالتالي :

• ظهير 12 غشت 1913 القاضي بتطبيق قانون المسطرة الجنائية الفرنسية أمام المحاكم الفرنسية بالمغرب.

• ظهير الخليفي الصادر بتاريخ 3 يوليو 1913 والقاضي بتطبيق قانون الإجراءات الجنائية الإسباني أمام المحاكم الإسبانية التي توجد في الشمال. 

• ظهير 4 غشت 1918 المنشئ للمحاكم سميت أنداك بالمحاكم المخزنية التي عهد بوسطتها إلى القياد والباشوات بالنظر في المسائل الزجرية فيما يتعلق بالمحاكم الفرنسية. 

• قرار 8 أبريل 1934 الذي جاء مكرسا للمسطرة المتعلقة بالمرافعات المطبقة في المحاكم المؤسسة بظهير 16 ماي 1934 التي سميت أنداك المحاكم العرفية.

• صدور ظهير 24 أكتوبر 1953 والذي جاء مشتملا على قانون المسطرة المتبعة أمام المحاكم المخزنية والتي أصبحت تطبق ما تضمنه نفس الظهير من مقتضيات تجريمية ومسطرية في إطار نفس النص. 

܀ مرحلة بعد الاستقلال
عرفت هذه المرحلة صدور ظهير 10 فبراير 1959 بمثابة قانون المسطرة الجنائية، والذي بمقتضاه تم إلغاء جميع النصوص الصادرة كما طبق بشكل موحد على جميع المناطق والأشخاص المتواجدين  في المغرب. 

وتم تعديله بظهير 28 شتنبر 1974 بالإجراءات الانتقالية إلى حين صدور قانون رقم 01-22 الذي جاء  بعدة مبادئ هامة جدا ملخصة على الشكل التالي:

🔹مبدأ قرينة البراءة 
نظرا لأهمية هذا المبدأ الذي جاء به المشرع المغربي في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية الذي ينص على "كل متهم أو متشبه فيه بارتكاب الجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا..."

وهكذا تعتبر البراءة هي الأصل إلى أن تثبت إدانة الشخص بحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية، وهذا المبدأ يكرس ما تضمنه الدستور من حقوق وواجبات تؤكد التشبث بحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا ، وهناك مبدأ يتفرع على مبدأ قرينة البراءة هو :

🔹مبدأ الشك يفسر لفائدة المتهم
ومفاد هذا المبدأ كلما وقع شك للقاضي يفسره لصالح المتهم، وتم التنصيص عليه في الفقرة الثانية من المادة الأولى من ق.م. ج، لأنه له أهمية كبيرة.

🔹مبدأ تطوير تفعيل الإثبات الجنائي
حرص القانون الجديد على إبراز دور القاضي في مراقبة وسائل الإثبات وتقدير قيمتها، وفي هذا الصدد أصبح القاضي ملزما بتضمين ما يبرر اقتناعه ضمن حيثيات الحكم الذي يصدره، من خلال الإعتماد على مجموعة من الأحكام الجديدة، وعلى نحو ذلك ما نصت عليه المادة 293 صراحة على عدم الاعتداد بكل اعتراف ينتزع بالعنف أو الإكراه.

وكذلك جاءت بحماية قوية لكل من الشهود والخبراء والمبررين، وهذا ما جاءت به احكام القانون رقم 10-35 الذي أدرجت احكامه في قانون المسطرة الجنائية. 

وعلى على غرار الحماية التي وفرها المشرع للضحية نجد الشاهد قد خصة المشرع بحماية خاصة، كما أن هذه الحماية تختلف عن ما كان مقررا ضمن القواعد العامة التي تهم الشهود في الجرائم العادية.

 والجدوى من الاهتمام بهذه الفئة يتمثل فب دورها في بعض الجرائم التي يطبعها التستر وصعوبة الكشف عن مرتكبيها و الحديث هنا عن جرائم الرشوة و استغلال النفوذ أو الاختلاس أو الغدر أو غسل الأموال أو الجرائم الإرهابية والعصابات الإجرامية وجرائم الاختطاف والتسمم والتزييف وتزوير النقود إلى غير ذلك من الجرائم التي عاقب عليها المشرع ضمن القانون الجنائي.

ومن هذه التدابير نذكر مثلا إخفاء هوية الشاهد أو الخبير في المحاضر والوثائق التي تتعلق بالقضية المطلوب فيها شهادة الشاهد أو إفادة الخبير وذلك بشكل يخول دون التعرف على هويته الحقيقية.

🔹تعزيز وتقوية ضمانات الأحداث 
بهذا تم رفع سن الرشد الجنائي من 16 إلى 18 سنة، وتم إحداث هیئات قضائية متخصصة في النظر في قضايا الأحداث.

🔹تقوية مراقبة القضاء للشرطة القضائية.
تم إعطاء النيابة العامة وقضاء التحقيق والغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف صلاحيات مهمة في إطار مراقبة الشرطة القضائية المرتبطة بالمتابعة. 

🔹تحديد آجال الإجراءات المسطرية بشكل دقيق
والغاية منه وهو عدم إطالة المتابعة الزجرية كمثال الحراسة النظرية والاعتقال.

وهناك مبادئ أخرى لها نفس أهمية سوف نذكرها على شكل التالي:
🔹تقليص نطاق اعتماد مسطرة الإكراه البدني
🔹توسيع دائرة الصلح
🔹تفعيل دور النيابة العامة في حماية المجتمع من الجريمة
🔹اعتماد بدائل الاعتقال الاحتياطي
🔹تفعيل دور القضاء فيما يتعلق بتنفيذ العقوبة

الفصل الأول: الدعوى العمومية

جاء في المادة الثانية من قانون المسطرة الجنائية " يترتب عن كل جريمة الحق في اقامة دعوى عمومية لتطبيق العقوبات والحق في إقامة دعوی مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه الجريمة". 

وبالتالي فالدعوى العمومية هي وسيلة للمجتمع لتوقيع العقاب على الجاني وطرفاها هما النيابة العامة بوصفها ممثلة للمجتمع والجاني باعتباره مرتكبا للجريمة.

وأن الدعوى التي تقام امام المحاكم الزجرية ضد مرتكب الجريمة من أجل المطالبة بتوقيع الجزاء عليه تسمى دعوى عمومية، لأنها تثار باسم المجتمع بكامله، ولم يصل الفكر القانوني لهذه النتيجة إلا بعد مروره بعدة مراحل تطورت فيها الهيكلة السياسية والاجتماعية للمجتمعات.

المبحت الأول : اطراف الدعوى العمومية

للدعوى العمومية طرفان رئيسان، طرف مدعي وطرف مدعي عليه، فالطرف المدعي يكون إما النيابة العامة أو المتضرر او جهات أخرى عينها القانون، والطرف المدعي عليه هو المجرم سواء كان فاعل أصليا أو مشاركا أو مساهما.

وقد يقتضي الأمر إدخال أطراف أخرى في الدعوى أو تدخلها فيها تلقائيا، كالمطالب بالحق المدني والمسؤول عن الحقوق المدنية.

الفقرة الأولي : الطرف المدعي
يقصد بالطرف المدعي، الطرف الذي خوله القانون حق إقامة وممارسة الدعوى العمومية، كما عهد لبعض الأشخاص أو الهيئات بإقامتها في حدود معينة، فالمادة 3 تنص على أن "تمارس الدعوى العمومية ضد الفاعل الأصلي للجريمة والمساهمين والمشاركين في ارتكابها، يقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة النيابة العامة، كما يمكن أن يقيمها الموظفون المكلفون بذلك قانونا"

أولا : النيابة العامة
إن النيابة العامة هي جهاز قانوني يمثل المجتمع ذلك من خلال السلطات التي منحها لها المشرع فإذا كان هدف الطرف المدني المتضرر أو المدعي هو الحصول على التعويض بصفة أساسية فإن هدف النيابة العامة هو تمثيل المجتمع من خلال سلطتها العقابية ، وتعد طرف رئيسي في إقامة الدعوى العمومية، ونقصد بإقامة الدعوى العمومية، تحريكها، أو إحالة الخصومة الجنائية على المحكمة لتنظر فيها. 

1) تنظيم النيابة العامة

- النيابة العامة أمام المحكمة الابتدائية
ويمثل النيابة العامة أمام المحاكم الابتدائية وكيل الملك أو أحد نوابه، ويلتزم وكيل الملك بإخبار رئيسة الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بجميع الجنايات التي من شأنها المساس بالنظام والأمن العام للمملكة.

- النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف
تتكون النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف من وكيل عام للملك أو أحد نوابه. ويمارس الوكيل العام للملك أو أحد نوابه الدعوى العمومية في الجنايات كل  في حدود دائرة نفوذه.

عموما فإن الوكيل العام للملك يمارس الدعوى العمومية في الجنايات والجنح استثناء وحالات التلبس المنصوص عليها في الفصل 56 من ق.م. ج

- النيابة العامة لدى المحاكم العسكرية
وتتكون النيابة العامة لدى المحاكم العسكرية من وكيل عام للملك أو أحد نوابه. 

- النيابة العامة لدى المحاكم التجارية
قانون رقم 95-53 المحدث للمحاكم التجارية نص على وجود النيابة العامة ولكن ليس لها طابع زجري محض، بحيث تتكون من وكيل الملك و نائب أو عدة نواب، لكن مهامهم ليست زجرية. 

- المحاكم الإدارية
لا توجد بها النيابة العامة، بل نجد المفوض الملكي يدافع عن الحق والقانون.

و إن من أهم المستجدات التي جاءت بها الساحة التشريعية هي الرقابة القضائية على النيابة العامة من خلال صدور قانون رقم 17-33 الذي نقل اختصاص الرقابة على النيابة العامة من وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لمحكمة النقض بصفته رئيس للنيابة العامة وتكريس استقلالية السلطة القضائية. 

2) خصائص النيابة العامة
إن النيابة العامة تتميز بمجموعة من الخصائص أو الصفات وهي على الشكل :

- توصف بالقضاء الواقف
والنيابة العامة كطرف رئيسي في الدعوى العمومية تنعت بالقضاء الواقف في الفقه الجنائي لأن ممثلها يقف لزوما حين يأخذ الكلمة أمام المحكمة لبسط مطالب الادعاء الشفوية أو لمناقشة أوجه إسناد التهمة إلى المتهم، في حين أن قضاة الأحكام لا يقفون أبدا لذلك اتسموا بالقضاء الجالس كما تنعت بالطرف الشريف في الدعوى العمومية لأنه ولو جرت العادة على التماسها دائما لسبل إدانة المتهم سعيا منها في الدفاع عن المجتمع من كيد المجرمين والأشرار.

- صفة التدرج والخضوع الرئاسي
فإن كل عضو من أعضاء النيابة العامة مرؤوس خاضع لرئيس الهيئة التي يتبعها في حدود الدائرة القضائية التي تختص بها هذه الهيئة.

هذا ولعل أهم تساؤل يتعلق بهذه الخاصية التي نحن بصددها يتمحور في مدى صحة إجراء يتخذه أعضاء هيئة النيابة العامة خلافا للتعليمات التي قد يكون قد تلقاها من رئيسه؟

والجواب هو أن كل مرؤوس عليه التقيد بتعليمات رئیسه عند القيام بكل الإجراءات المتعلقة بالخصومة الجنائية من بدايتها إلى نهايتها وإن هو خالفها - وبغض النظر عن إمكانية مجازاته تأديبا - فإن الإجراء المنجز خلافا للتعليمات الموجهة لرئيس المرؤوس يكون صحيحا، ومثال ذلك في الحالة التي يأمر فيها رئيس النيابة العامة الوكيل العام للملك بإحدى المحاكم بعدم إثارة المتابعة وحفظها أو بعدم التماس تحقیق أو الكف عن ممارسته طرق الطعن... لكن الوكيل العام للملك ان خالف تلك الأوامر فإن كل التصرفات القانونية التي قام بها تكون صحيحة. 

- صفة الوحدة
ويقصد بخضوع النيابة العامة لمبدأ الوحدة غير المجزئة هو أن النيابة العامة تمثل على صعيد المحاكم الابتدائية على سبيل المثال لا الحصر سواء من طرف وكيل الملك شخصيا أو أحد نوابه بغض النظر عن شخصية النائب الممثل لوكيل
الملك في الجلسة. وبالتالي فإن أي عضو من أعضاء النيابة العامة يمكن أن يقوم بأي إجراء من إجراءات الدعوى العمومية، عوض عضو آخر في هذه الهيأة، ففي الجلسة الواحدة يمكن أن يخلف أحد أعضاء النيابة العامة زميله و المحاكمة جارية لا تتوقف لكن كل هذا مرتبط بشرط احترام الاختصاص الترابي، فلا يجوز لعضو من أعضاء النيابة العامة أمام محكمة عادية أن يقوم باتخاذ إجراء أمام محكمة ثنائية نيابة عن أحد قضاة النيابة العامة في هذه الأخيرة. 

- النيابة العامة خصم في الدعوى العمومية
إن النيابة العامة ليست بالخصم العادي بالنظر لما تتمتع به من ميزات، وهي في موقع الخصم، وخاصة ما يتعلق بعدم أحقيتها بالتنازل عن المتابعة وعدم أحقيتها بالتنازل عن الطعن بعدم التصريح به، كما لا تسأل جراء خصمها، وذلك على خلاف الطرف العادي في الدعوى العمومية، الذي يسأل إذا صدر عنه خطأ ما بمناسبة الادعاء ان كان يتعلق الأمر مثلا بإقامة دعوى كيدية من المشتكي أو أن يتجاوز المتهم الحدود المشروعة عند الدفاع عن نفسه أمام المحكمة. 

- عدم ارتباط النيابة العامة بمطالبها
هذه الخاصية نابعة من كون النيابة العامة وإن كانت خصما أصليا في الدعوى العمومية، فهي مع ذلك خصم يوصف بالشريف" مادامت ترمي إلى تحقيق العدالة بالدرجة الأولى، ويرى بعض الفقهاء أن جهاز النيابة العامة له مصطلح آخر أكثر دلالة ودقة في التعبير والمعنى وهو المتمثل في اعتباره جهاز جهة الحق العام.

وباعتبار النيابة العامة كذلك تسهر على تطبيق القانون الجنائي وتعاقب المجرمين وإحقاق العدالة الجنائية الحقة، وما للنيابة العامة من سلطة فقد تطالب بالبراءة الكاملة لمصلحة شخص وقعت متابعته وفقا للأصول أمام المحكمة أو مؤاخذته مؤاخذة مخففة ويصدر الحكم وفق طلباتها، لأنها تطالب بالإدانة أو تشديد العقوبة عند طلبها الاستئناف لأنها اكتشفت أسبابا للإدانة، أو التشديد لم تظهر لها من قبل.

الفقرة الثانية : الطرف المدعي عليه
تبعا لما نصت عليه المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية " تمارس الدعوى العمومية ضد الفاعل الأصلي للجريمة والمساهمين والمشاركين في ارتكابها. "

ويقصد بالفاعل الأصلي للجريمة هو كل شخص يعتبر قانون مسؤولا جنائيا وشخصيا على الجريمة ولو لم ينفذها بنفسه، ولم يتحقق فيه وصف المساهمة أو المشاركة المحدد و في المادتين 128 أو 129 من القانون الجنائي.

وأما المساهم في ارتكاب الجريمة، فهو كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي للجريمة ويمكن أن نختصر هذا التعريف بالقول إن المساهم هو الفاعل مع الغير. 

أما المشارك في الجناية أو الجنحة فهو من لم يساهم في تنفيذها، ولكنه قام بأحد الأفعال المبينة في الفصل 129 من القانون الجنائي وهي على نحو ذلك الأمر أو التحريض بوسائل معنية على ارتكاب الفعل، أو تقديم أسلحة أو أدوات أو وسائل تساعد على ارتكابه، أو المساعدة على الأعمال التحضرية له.

هذا التحديد الذي جاء به المشرع في المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية، إنه تحديد حصري، ومن تم يمنع إقامة الدعوى العمومية ضد غير هؤلاء نزولا على احترام مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية. 

ومرتكب الجريمة ليس دائما شخصا ذاتيا، إذ يمكن أن يكون شخصا قانونيا، أي معنوي ونص الفصل 127 من ق.ج المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية، إلا أن العقوبة التي تصدر في حقها تقتصر على العقوبات المالية وبعض العقوبات الإضافية والتدابير الوقائية العينية.

وإذا كان الفاعل المتابع موظف عمومي أو القاضي أو مأمور من السلطة أو غير ذلك وتم إقامة الدعوى العمومية ضده يجب أن تبلغ الدعوى العمومية إلى الوكيل القضائي للمملكة، ونقصد بالموظف العمومي هنا الذي تم التنصيص عليه في الفصل 224 من القانون الجنائي، وهو كل شخص  وكلت إليه مهمة لمصلحة المنفعة العامة ولو كانت تلك المهمة مؤقتة ومجانية. 

وما يجب الإشارة إليه إذا تم وقوع جريمة أو تم التبلیغ عليها هل يجعل النيابة العامة ملزمة بإقامة الدعوى العمومية أم لها السلطة التقديرية في إقامتها؟

للإجابة عن هذا السؤال تشير التشريعات الجنائية الى أن هناك توجهين تم اعتمادهما :

أولا : التوجه الذي يسمى بالأسلوب القانوني، بحيث أنه لا يعطى للنيابة العامة أي سلطة تقديرية في إقامة الدعوى العمومية، فإذا وقعت الجريمة فإن النيابة العامة ملزمة بإقامة الدعوى.

ثانيا : التوجه الذي يسمى بالأسلوب التقديري، مفاده أن النيابة العامة لها السلطة التقديرية في إقامة الدعوى العمومية وغير ملزمة بإقامتها، وهذا الأسلوب يتمثل في قانون المسطرة الجنائية وخصوصا في المادتين 40 و 49 وسوف نفصل فيها على الشكل التالي بين إقامة الدعوى من طرف وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية و الوكيل العام للملك لمحكمة الاستئناف. 

1) إقامة الدعوى عن طريق وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية
يختص الوكيل العام للملك بإقامة الدعوى العمومية وممارستها في المخالفات والجنح، إلا ما استثناه القانون، ويختص بإقامة الدعوى إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بدائرة نفوذه، أو كان أحد المشتبه فيهم بارتكابها يقيم بدائرته، أو إذا تم إلقاء القبض على أحد هؤلاء بدائرة نفوذه.

وحسب الفصل 40 من قانون المسطرة الجنائية فإن وكيل الملك يتلقى المحاضر والشكايات والوشايات ويتخذ بشأنها ما يراه ملائما.

يباشر بنفسه أو يأمر بمباشرة الإجراءات الضرورية للبحث عن مرتكبي المخالفات للقانون الجنائي ويصدر الأمر بضبطهم وتقديمهم ومتابعتهم.

يحق لوكيل الملك، للضرورة تطبيق مسطرة تسليم المجرمين وإصدار أوامر دولية بالبحث وإلقاء القبض عن المجريمين.

ما يتلقاه من محاضر وشکایات ووشايات وما يتخذه من إجراءات بشأنها، يقدمها إلى هيئات التحقيق أو إلى هيئات الحكم المختصة أو يأمر بحفظها بمقرر يمكن دائما التراجع عنه. ويقدم لتلك الهيئات ملتمسات بقصد القيام بإجراءات التحقيق.

يطالب بتطبيق العقوبات المقررة في القانون ويقدم باسم القانون جميع المطالب التي يراها صالحة، وعلى المحكمة أن تشهد بها عليه بتضمينها في محضرها وأن تبت في شأنها.

يستعمل عند الاقتضاء وسائل الطعن ضد ما يصدر من مقررات.

يجوز له، إذا تعلق الأمر بانتزاع حيازة بعد تنفيذ الحكم، أن يأمر باتخاذ أي إجراء تحفظي يراه ملائما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، على أن يعرض هذا الأمر على المحكمة أو هيئة التحقيق التي رفعت إليها القضية أو التي سترفع إليها خلال ثلاثة أيام على الأكثر لتأييده أو تعديله أو إلغائه.

يجوز له في حالة عدم وجود منازعة جدية، أن يأمر برد الأشياء التي ضبطت أثناء البحث لمن له الحق فيها، ما لم تكن لازمة لسير الدعوى أو خطيرة أو قابلة للمصادرة.

يسهر على تنفيذ أوامر قاضي التحقيق وقضاء الأحداث ومقررات هيئات الحكم. 

يحق له كلما تعلق الأمر بجنحة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو أكثر - إذا اقتضت ذلك ضرورة البحث التمهيدي - سحب جواز سفر الشخص المشتبه فيه وإغلاق الحدود في حقه لمدة لا تتجاوز شهر واحد، ويمكن تمديد هذا الأجل إلى غاية انتهاء البحث التمهيدي، إذا كان الشخص المعني بالأمر هو المتسبب في تأخير إتمامه.

ينتهي مفعول إجراء إغلاق الحدود وسحب جواز السفر في كل الأحوال، بإحالة القضية على هيئة الحكم أو التحقيق أو باتخاذ قرار بحفظ القضية، وبوضع حد لإغلاق الحدود ويرد جواز السفر إلى المعني بالأمر فور انتهاء مفعول الإجراءين.

يتعين على وكيل الملك إذا قرر حفظ الشكاية، أن يخبر المشتكي أو دفاعه بذلك خلال خمسة عشر يوما تبتدئ من تاريخ اتخاذه قرار الحفظ. 

2) إقامة الدعوى من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستنناف
يختص الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بإقامة الدعوى العمومية في الجنايات التي ترتكب في دائرة نفوذها أو التي يكون مقيما فيها أحد الأشخاص المشتبه به في مشاركته في ارتكابها أو يكون القبض عليه فيها أو كان القبض تم لسبب آخر (المادة 20 التي تحيل على المادة 44). 

وعملا بالمادة 49 الفقرة السادسة ق م ج فإن إقامة الدعوى العمومية تتم بطرقتين :

- الطريقة الأولى : تتمثل في ضبط المتهم في حالة تلبس بجناية لا يكون التحقيق الإعدادي فيها إجباريا، حيث يحال المتهم بعد استنطاقه من طرف الوكيل العام للملك أو نوابه ، وبوجود محام له رهن الاعتقال على غرفة الجنايات داخل أجل 15 يوما إذا كانت القضية جاهزة، أما إذا لم تكن جاهزة فيتم تقديم ملتمس إلى قاضي التحقيق لإجراء تحقيق إعدادي (م 75 من ق.م. ج). ويستشف من هذه الوسيلة مساس كبير بحرية المتهم خاصة الإبقاء عليه إلى حين استنفاد إجراءات التحقيق المتصفة بطولها.

- الطريقة الثانية : تتمثل بقيام الوكيل العام للملك بواسطة التماس بإجراء تحقيق إعدادي في القضية سواء كان التحقيق إجباريا أو اختياريا، احتراما لمقتضيات المادتين 83 و 84 من ق.م. ج، 

المطلب الثاني : القيود والموانع الواردة على إقامة الدعوى العمومية

ان النيابة العامة من حيث الأصل والمبدأ العام هي التي تحرك الدعوى العمومية الا ان هذا المبدأ ترد عليه بعض القيود منها ضرورة القيام بشكوى من الضحية وخاصة سرقة الاقارب وفي بعض الحالات يكون مانع يمنع إقامة الدعوى العمومية ويخص أعضاء البرلمان، وبناء على ما سبق نتناول هذه القيود بشيء من الايجاز. 

أولا : الشكاية
يقصد بالشكوى تبليغ السلطات العامة من المدعي او من يقوم مقامه عن جريمة وقعت عليه، هنا تكون الشكاية من القيود على إقامة الدعوى العمومية إلا إذا تم تقديم شكاية في الموضوع، وخير مثال هو جريمة الخيانة الزوجية لا تقوم هذه الجريمة إلى إذا تم تقديم شكاية.

ثانيا : المنع
عندما يتعلق بنائب برلماني هنا يمنع إقامة الدعوى العمومية اتجاهه إلا عندما يكون في حالة تلبس وذلك استنادا إلى قانون المسطرة الجنائية ومقتضيات الفصل 64 من الدستور المغربي، وكذلك شخص الملك لا يمكن متابعته بأي حال من الأحوال حسب الدستور، وغيرها من الهيئات الأخرى...

المطلب الثالث: الجهات الأخرى التي يحق لها رفع الدعوى العمومية

كما تمت الإشارة فيما سبق بأن تحريك الدعوى العمومية كحق أصيل مخول لجهاز النيابة العامة، فإن المشرع أوكل حق تحريك الدعوى العمومية إلى جانب النيابة العامة والمتضرر لجهات أخرى وذلك لاعتبارات معينة يراها المشرع جديرة بالحماية فمن هي هذه الجهات الأخرى التي أوكل لها المشرع حق تحريك الدعوى العمومية؟

1) الإدارات العمومية
خول القانون لبعض الإدارات العمومية إثارة الدعوى العمومية، حيث نصت المادة الثالثة من ق.م.ج على أن "يقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة النيابة العامة، كما يمكن أن يقيمها الموظفون المكلفون بذلك قانونا"، وعليه فإن القانون هو الذي منح لبعض الموظفين خارج أسلاك قضاة النيابة العامة حق إثارة الدعوى العمومية. 

ومن بين الموظفين الذين أعطى لهم القانون حق إقامة الدعوى العمومية نجد :

- موظفي إدارة الجمارك : بحيث نجد أن الفصل 249 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة ينص على أن "الدعوى العمومية يمكن تحريكها من قبل النيابة العامة والوزير المكلف بالمالية أو مدير إدارة الجمارك أو أحد ممثليه المؤهلين.

- موظفي إدارة المياه والغابات، فبالرجوع إلى الظهير المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها الصادر ب 10 /1917/10 والتي حلت محلها المندوبية السامية للمياه والغابات خول لهؤلاء حق متابعة مرتكبي المخالفات الغابوية وتوجيه الاستدعاء إليهم إلى جانب حق ممارستها و استعمال الطعن. وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى محكمة النقض حاليا "أن ضابط مصلحة المياه والغابات هو محرك الدعوى العمومية في موضوع المخالفات الغابوية وأن النيابة العامة تملك فقط تبني تلك التابعة" 

2) المتضرر
أهم طرف خول له القانون حق تحريك الدعوى العمومية مباشرة بعد جهاز النيابة العامة هو المتضرر أو المطالب بالحق المدني وذلك راجع للعلاقة التي تربطه بالوقائع الإجرامية. 

مبدئيا يبقى حق المتضرر في إقامة الدعوى العمومية حقا عاما وشاملا لكافة الجرائم إلا ما تم استثنائه من قبل القانون كالمساطر الخاصة لمتابعة بعض القضاة وأصناف من الموظفين، المواد من 264 إلى 268 من ق.م.ج. فهذا الحق الممنوح للمتضرر محصور في الحق في إقامة الدعوى العمومية دون ممارستها وهو ما أكدته محكمة النقض في إحدى قراراتها، حيث جاء فيه " أن حق المتضرر في إقامة الدعوى العمومية ينحصر أثره في تحريك الدعوى ووضعها في المحكمة، في حين أن النيابة العامة تملك سلطة مباشرتها، ويبقى للمتضرر حق الادعاء فقط".

ويرجع السبب في منح المشرع للمتضرر حق تحريك الدعوى العمومية،  لتفادي الوقوع في أخطاء قد ترتكب من قبل جهاز النيابة العامة، يترتب على إثرها عدم متابعة المتهم، وهو ما يؤدي إلى عدم حصول المتضرر عن التعويضات المستحقة على الأضرار اللاحقة به، إضافة إلى عدم إنزال العقاب الجنائي على المتهم. 

كما يتعين علينا أن نشير بأن المشرع أعطى هذا الحق للمتضرر إذا تقاعست النيابة العامة عن ذلك أي عن تحريك الدعوى العمومية بالإضافة إلى كونه قد ينتج عنه تخفيف عبء التحقيق في الجرائم التي تمثل جنحا أو مخالفات عن النيابة العامة التي تشكل الحيز الأكبر. 

بالإضافة إلى ما سبق يجب ألا نعتقد بأن المشرع وضع المتضرر على قدم المساواة مع النيابة العامة، لذلك فإن هذا الحق في تحريك الدعوى العمومية يجب ألا يستعمله المتضرر كما يشاء، ومتى شاء، بل إن المشرع تولى تحديد مجاله ونطاق ممارسته من خلال إخضاعه لبعض الشروط التي لابد من توافرها وهي :

- أن يكون الفعل المسبب في الضرر المطلوب تعويضه مشكلا لجريمة
- أن تكون الجريمة مستوجبة العقاب
- أن تكون المحكمة الجنائية المختصة بالبث في الدعوى العمومية تملك قانونيا صلاحية البث في الدعوى العمومية. 
- كما يستلزم على المتضرر أن يضع بكتابة الضبط المبلغ الذي يعتبر ضروري لمصاريف الدعوى داخل الأجل الذي يحدده له قاضي التحقيق أو المحكمة.

3) محاكم الحكم  

بالرجوع إلى قانون م.ج نجدها خولت للقضاء الجالس الحق في تحريك الدعوى العمومية إلى جانب النيابة العامة، ومن بين الحالات التي يتم فيها تحريك الدعوى من قبل قضاة الأحكام هي تلك الجرائم التي ترتكب أثناء جلسات المحاكم والمنصوص عليها في المواد 269 و 357 إلى 362 من ق.م.ج.

المطلب الرابع : أسباب سقوط الدعوى العمومية

تولى قانون المسطرة الجنائية تحديد أسباب سقوط الدعوى العمومية وذلك على سبيل الحصر في المادة الرابعة والتي تنص على أن "تسقط الدعوى العمومية، بموت الشخص المتابع، وبالتقادم وبالعفو الشامل وبنسخ المقتضيات الجنائية التي تجرم الفعل، وبصدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به، وتسقط بالصلح عندما ينص القانون صراحة على ذلك. تسقط أيضا بتنازل المشتكي عن شكايته، إذا كانت الشكاية شرطا ضروريا للمتابعة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".

الفقرة الأولى : وفاة المتهم
بالاعتماد على مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية، تعتبر وفاة المتهم سببا مسقطا للدعوى العمومية، ما لم تكن قد انقضت لسبب أخر مثل مضي مدة التقادم، العفو من الجريمة... وواضح أن وفاة المتهم لا تسمح بكل وضوح في غيابه بإقامة محاكمة عادلة، يدافع فيها عن نفسه، ويستعمل مختلف وسائل الإثبات التي حددها القانون ويقدم مختلف الضمانات التي يتمتع بها.

وطبقا لمقتضيات المادة 4 من ق.م.ج، إن المشرع المغربي لم يحدد أية مرحلة يمكن اعتبار الوفاة فيها سببا يترتب عنه سقوط الدعوى العمومية. في هذا الإطار يجب التمييز بين حالة وفاة المتهم قبل إقامة الدعوى العمومية ووفاته بعدها.

فإذا وقعت الوفاة قبل أن تلجأ النيابة العامة إلى اتخاذ إجراء ما لتحريك الدعوى العمومية، ففي هذه الحالة يتم حفظ الملف بصورة نهائية وبالتالي يصبح متعذرا على النيابة العامة اللجوء إلى تحريكها وذلك لسقوطها، ولكن إذا فرض وأن حركت الدعوى العمومية وكانت النيابة العامة تجهل بواقعة الوفاة، فإن على هذا الجهاز اتخاذ قرار نهائي يقضي بحفظ الملف، حتى وإن قامت بإحالته على جلسة الأحكام، لأن القانون يمنع عليها مناقشة الوقائع والاكتفاء بالتصريح بسقوط الدعوى، بل إنه حتى و إن تم صدور حكم أو قرار يدين المتهم المتوفی أو يبرؤه، فإن هذا الحكم يكون منعدما قانونا ولا يعتد به. 

أما إذا وقعت الوفاة بعد تحريك الدعوى العمومية أمام المحكمة المختصة، وجب على هذه الأخيرة إيقاف المناقشات في الدعوى الجنائية وان تصرح بانقضاء الدعوى دون التعرض للموضوع، وسواء وقعت الوفاة قبل النطق بالحكم أو بعده.

أما إذا حدثت الوفاة بعد صدور حکم ابتدائي في الدعوى وقبل الطعن فيه، فلا تستطيع النيابة العامة ولا الورثة سلوك طرق الطعن القانونية، وهذا ما أكده قرار المجلس الأعلى سنة 1968 " إذا ثبت أن طالب النقض المحكوم عليه من أجل جنحة قد توفي بعد تقديم طلبه بالنقض، فعلى محكمة النقض أن تصرح بسقوط الدعوى العمومية" كما أكده القضاء المصري سنة 1993 " وفاة الطاعن قبل الفصل في طعنه بالنقض يوجب الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية".

قد يثار الإشكال في حالة تصريح المحكمة بانقضاء الدعوى العمومية لوفاة المتهم ثم يظهر بعد ذلك أنه ما زال على قيد الحياة ، ففي هذه الحالة أجاز المشرع للنيابة العامة بإقامة الدعوي العمومية مجددا ولا يسوغ للمتهم التمسك بمقتضيات المادة 369 من ق.م.ج.

الفقرة الثانية: التقادم
إن التقادم المسقط للدعوى العمومية هو تلك الواقعة المادية التي تنشأ بمرور وقت محدد بدقة من طرف المشرع ابتداء من تاريخ اقتراف الجريمة دون اتخاذ أي إجراء ضد مرتكبها (فاعلين أصليين وفاعل معنوي ومساهمين ومشاركين) بقصد اقتضاء حق الدولة في العقاب، مما يعني امتناع إقامة الدعوى العمومية بعد انصرام هذه المدة، فيصبح الفعل المجرم متأثر بواقعة التقادم هذه وكأن المشرع نزع عنه صفته الإجرامية فأصبح عدم العقاب عليها فعل مباح. 

فبانصرام مدة التقادم المنصوص عليها تسقط الدعوى العمومية كنتيجة لذلك التقادم تطبيقا للمادة 4 من ق.م ج. 

وبالاعتماد على المادة 5 من ق.م.ج. فإن الدعوى العمومية تتقادم بمرور خمسة عشر سنة بالنسبة للجنايات وأربع سنوات بالنسبة للجنح وسنتان بالنسبة للمخالفات ما لم تنص قوانين خاصة على خلاف هذه الأجال.

ومن نفس المادة يستنتج أن أجال التقادم المقررة فيها تشكل القاعدة العامة أو المدة النموذجية في تقادم الدعوى العمومية، مما يعني وجود استثناءات على هذه القاعدة كما هو الحال بالنسبة لقانون العدل العسكري الذي يطيل من مدة التقادم في جريمتي العصيان والفرار من الجندية لتصبح خمسين سنة، وقانون الصيد البحري الذي يكتفي بسنة واحدة لتقادم الجرائم الخاصة بهذا المجال وكذلك جريمة القذف بواسطة الصحافة التي تتقادم بستة أشهر.

ويعتبر تاريخ ارتكاب الجريمة هو منطلق احتساب أجل التقادم، ومعنى ذلك أنه إذا انصرمت المدة التي يحددها المشرع دون أن تبادر النيابة العامة أو الجهة المخول إليها حق إقامة الدعوى العمومية إلى ممارسة هذه الأخيرة فإن الدعوى تعتبر قد سقطت بمضي المدة وتمنع بعد ذلك ممارستها ويتعين على القضاء وفي كل الأحوال التصريح بسقوطها.

إن تحقق شروط التقادم يترتب عنه كما سلف سقوط الدعوى العمومية، وبالتالي منع النيابة العامة بصفة نهائية وحرمانها من آية إمكانية لتحريك الدعوى العمومية وممارستها، وذلك من أجل تطبيق العقوبات الجنائية على المتهم.

ويمكن إجمال شروط التقادم في انصرام مدة التقادم وعدم انقطاع مدة التقادم وعدم توقف سريان احتساب أجله. 

الفقرة الثالثة: العفو الشامل والعفو الخاص
وبالرجوع إلى المادة 4 من ق.م.ج فإن العفو الشامل يعتبر كذلك أحد أسباب سقوط الدعوى العمومية، وبناء على ذلك يتم محو الطابع الإجرامي عن الفعل، وهو شبیه من هذه الناحية بإلغاء القانون الجنائي أو نسخ مقتضياته مادام يترتب عنه هدم الركن المادي للجريمة، وبذلك يصبح الفعل الإجرامي مباحا، بمعنى أنه يستحيل ويمنع قانونا على القضاء المعاقبة عنه ومتابعة مرتكبه. 

كما يمنع في هذه الحالة على النيابة العامة إذا كانت لا تزال مختصة بالقضية الاستمرار في المتابعة بل يجب عليها اتخاذ قرار حفظ القضية بصفة نهائية وإذا كانت قد أحالته على هيئة الحكم فيتعين على قضاة الموضوع وقف المناقشات وإصدار حكم يقضي بسقوط الدعوى العمومية. 

فإذا كانت المادة أعلاه تشير إلى العفو الشامل، فإنه يتعين علينا التذكير بأن العفو الخاص يترتب عنه بدوره سقوط الدعوى العمومية وذلك بالاعتماد على ظهير 8-10-1977، المعدل لظهير 6-2-1958 . 

ويندرج ضمن الأسباب الخاصة لسقوط الدعوى العمومية أيضا العفو الخاص، فخلافا للعفو الشامل كان العفو الخاص في مرحلة من الزمان وبالضبط قبل صدور ظهير 1977/10/08، لا يمكن تصوره سببا من أسباب سقوط الدعوي العمومية وخلال جميع مراحلها على اعتبار أن العفو الخاص كان يصدر فقط ويمارس كصلاحية عند إدانة المتهم بحكم جنائي غالبا ما يكون نهائي، ويترتب على العفو الخاص بناء عليه إعفاء المتهم من العقوبة، ولذلك كان ينعت " بالعفو عن العقوبة".

وإذا كان العفو الخاص يتعلق تاريخيا بالعقوبة فإن الوضع قد تغير منذ تعديل ومراجعة ظهير العفو المؤرخ به 06 فبراير 1958 وذلك بموجب ظهير 08 أكتوبر 1977، حيث أصبح ممكنا للملك وهو بصدد ممارسته صلاحيته المتعلقة بالحق في العفو أن يمارس هذا الأخير مباشرة بعد ارتكاب الجريمة، أثناء مرحلة تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو أثناء التحقيق الإعدادي أو أثناء جلسات الحكم قبل إصدار الحكم، سواء كان الأمر يتعلق بحكم نهائي أم لا وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في أحد قراراته حيث قضى بأن العفو الصادر قبل الشروع في المتابعة أو خلال إجراء يحول دون ممارسة الدعوي العمومية أو يوقف سيرها حسب الحالة في جميع مراحل المسطرة ولو أمام محكمة النقض. 

وينص الفصل الثالث من الظهير أعلاه على " أن العفو لا يشمل إلا الجريمة التي صدر بشأنها ولا يحول دون متابعة النظر في الجرائم أو تنفيذ العقوبات الأخرى، في حالة تعدد الجرائم..." كما أنه يخص من صدر باسمه فقط دون باقي المشاركين والمساهمين في الجريمة.

وتجدر الإشارة إلى أن سقوط الدعوى العمومية لا يعني بالأساس سقوط الدعوى المدنية فتقادم الدعوى العمومية لا يعني تقادم الدعوى المدنية التي تتقادم طبقا للقواعد المعمول بها في القانون المدني، كما أن صدور العفو الشامل لا يلغي حق الضحية في المطالبة بالتعويض فلا يعقل أن تمارس السلطة التشريعية حقها بالعفو الشامل باسم المجتمع ليتم الإضرار بالمصالح المادية للضحية أو المطالب بالحق المدني، فالمبدأ أنه لا يمكن أن يترتب عن العفو المساس بحقوق خاصة، وقدکرس المشرع المغربي هذا المبدأ، حيث نص على أنه لا يمكن أن يترتب عن العفو...ويلحق في أي حال من الأحوال ضررا بحقوق الغير" في المادة 7 من ظهير 08 أكتوبر 1977.

الفقرة الرابعة : نسخ مقتضيات الجنائية التي تجرم الفعل
قد يعمد المشرع إلى إلغاء نص جنائي أو نسخ مقتضيات قانونية تجرم فعل من الأفعال لاعتبارات سياسية اقتصادية أو اجتماعية، وأثر هذا الإلغاء يتلخص في محو الطابع الإجرامي عن الفعل، وبالتالي هدم الركن المادي للجريمة وانتقاله من دائرة الأفعال المحظورة إلى دائرة الأفعال المباحة. 

وقد كرس المشرع الجنائي المغربي هذا المبدأ في الفصل 5 من ق.ج وتبعا لهذا الفصل فإنه إذا صدر القانون الجديد الذي يبيح الفعل الجرمي المرتكب، فإنه يتعين على النيابة العامة وضع حد فورا للمتابعة، فاذا كانت النيابة العامة لازالت في مرحلة البحت التمهيدي أو كان قاضي التحقيق لا زال في إطار مسطرة التحقيق الإعدادي، فيتعين وضع حد لتحريك الدعوى العمومية. 

كما يتعين وضع حد لسير جلسات الحكم إذا كانت القضية محالة على المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف، بل إلى حدود محكمة النقض ، ويتعين على قضاة الأحكام الاكتفاء بالتصريح بسقوط الدعوى العمومية بسبب إلغاء النص الجنائي وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 4 من ق.م.ج وتجدر الإشارة إلى أن الفصل 5 من ق.ج دهب إلى أبعد من اكتفاء القضاء الجنائي بالتصريح بسقوط الدعوى العمومية، ذلك أنه حتى ولو صدر حكم جنائي بالإدانة اكتسب قوة الشيء المقضي به أم لا، فإنه يتعين وضع حد لتنفيذ العقوبات الجنائية المحكوم بها، سواء كانت هذه العقوبات أصلية أو إضافية (الفصل 96 من ق.ج)، على أنه لا يصح التحايل على القانون باللجوء إلى تقييد نفس الأفعال القديمة التي أصبحت مباحة بفعل الإلغاء تكيفا جديدا من أجل متابعة المتهم من جدید وعرضها على القضاء مرة ثانية. 

الفقرة الخامسة : صدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به
يندرج أيضا ضمن الأسباب العامة لسقوط الدعوى العمومية بت القضاء وبصفة نهائية في القضية المرفوعة عليه وهو ما أشارت إليه المادة 4 من ق.م.ج حيث نصت على أنه: "...بصدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به". 

ويترتب على صدور حکم بات منع القضاء من إعادة البت في نفس القضية مرة أخرى تطبيقا لمبدأ اسبقية البت، وهو المبدأ الذي جاءت به المادة 369 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثانية.

إلا أنه إذا كان الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به يعتبر سببا من أسباب سقوط الدعوى العمومية، فإنه لإمكانية اعتباره كذلك يجب أن يستجيب لعدة شروط والمتمثلة في أن يكون الحكم الفاصل في الدعوى العمومية صادرا عن سلطة قضائية يدخل ضمن اختصاصها، وأن يكون الحكم نهائيا و غير قابل للطعن بأية وسيلة من وسائل الطعن، كما يجب أن يكون الحكم القضائي الجنائي قد تولى الفصل في الدعوى العمومية نهائيا، ويجب أن يعكس الحكم القضائي نفس خصوم الدعوى العمومية أي نفس الدعوى العمومية كطرف إيجابي ونفس المتهم كطرف سلبي مدعى عليه بنفس الصفة في الدعوى، وأن يتعلق الأمر بنفس الفعل الإجرامي الذي توبع المتهم من أجله. 

وبتوفر هذه الشروط التي يتحقق فيها شرط وحدة السبب وبالتالي وحدة سبب الدعوى العمومية، فإنه يتعين على هيئة الحكم التصريح بسقوط الدعوى العمومية ويمنع عليها إعادة مناقشة جوهر ووقائع القضية. 

وتجدر الإشارة في ختام هذه الفقرة إلى أن سقوط الدعوى العمومية، لا يعني تقرير سقوط الدعوى المدنية ولذلك فإن الحكم الجنائي الحائز لقوة الشيء المقضي به لا يمنع المطالب بالحق المدني من اللجوء إلى القضاء المدني للمطالبة بالتعويض عن الأضرار اللاحقة به جراء الفعل الإجرامي.

الفقرة السادسة: الصلح والتنازل بسحب الشكاية
لا يناقش أحد في أن من أهم غايات العدالة الجنائية المعاصرة جبر الضرر اللاحق بضحايا الجريمة، ولذلك فإن من أهم مظاهر تحقيق الإنصاف الحصول على رضى الضحايا واقتناعهم بالإجراء الزجري، فكلما لم يحقق الإجراء هذا الهدف كلما كان عرضة للانتقاد والتذمر، ولذلك فسح المشرع المغربي المجال لإرادة المتنازعين لتحديد مصير نزاعهم، وتفعيلا منه لهذا، أعطى القانون لوكيل الملك دورا في التسوية وإجراء السدد بين الخصوم بالنسبة لبعض الجرائم.

فمن حيث المبدأ لا يترتب عن الصلح بين الجاني و المجني عليه سقوط الدعوي العمومية، اعتبارا لكونها حقا للمجتمع تنوب عنه النيابة العامة في ممارستها والتي لا يحق لها قانونا إبرام الصلح مع الجاني والتنازل عن ممارسة الدعوى العمومية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهو ما نصت عليه المادة 13 من ق. م.ج. " إذ يمكن للطرف المتضرر أن يتخلى عن دعواه، ويصالح بشأنها أو يتنازل عنها دون أن يترتب عن ذلك انقطاع سير الدعوى العمومية أو توقفها".

ففي الحالات التي يقرر فيها القانون سقوط الدعوى العمومية كنتيجة للصلح المبرم بين الأطراف، فإن تنازل المجني عليه يترتب عنه تصريح المحكمة بسقوط الدعوى العمومية تطبيقا لما قررته المادة الرابعة من ق.م. ج، يمكن للصلح الواقع بين الأطراف طبقا للشروط التي ينص عليها القانون، أن يمنع النيابة العامة من تحريك المتابعة كما هو مقرر (في المادة 41 ق م.ج) وبالاعتماد على المادة 372 ق م.ج فإن الصلح يوقف سريان الدعوى حتى وإن كانت قد أحيلت على هيئة الحكم.

وتندرج أيضا ضمن الحالات التي أجاز فيها المشرع المغربي قانونية اللجوء إلى الصلح المادة 74 من ظهير 17-10-1917 المتعلق بالمحافظة على الثروة الغابوية والمواد من 273 إلى 277 من مدونة الجمارك (1977-10-9)، إضافة إلى نصوص أخرى تسمح باللجوء إلى تقنية المصالحة كالفصل 53 من قانون الصيد البحري، المؤرخ في 23-11-1973، والفصل 33 من ظهير 11-04-1926 المنظم لصيد الأسماك في المياه الداخلية.

وكما هو معلوم فإن للصلح مزايا عدة ومتعددة يمتاز بها عن مسطرة التقاضي العادية التي تتسم بالبطء وهدر الطاقات والجهود البشرية والمصاريف، إضافة إلى ما يولده من تدهور العلاقات الاجتماعية وتجدر الإشارة إلى أن الإحصائيات الأخيرة لسنة 2007 أثبتت أنه تم تسجيل 1851 صلحا من بين 259266 شخصا قدموا للنيابة العامة، وهو ما يوضح ندرة اللجوء إلى مسطرة الصلح. 

مبدئيا لا يمكن اعتبار الشكاية قانونيا شرطا لتحريك الدعوى العمومية، وعليه إذا تم سحب هذه الشكاية من قبل الضحية لا يترتب سقوط الدعوى العمومية. إلا أنه لاعتبارات متعددة قرر المشرع إخضاع هذا المبدأ الذي أشرنا إليه، لاستثناء مفاده سقوط الدعوى العمومية، بالتنازل عن الشكاية متى كانت هذه الأخيرة شرطا ضروريا للمتابعة و هو ما نصت عليه المادة 4 من ق.م.ج في فقرتها الثالثة.

ومن بين الجرائم التي تتوقف المتابعة فيها على تقديم شكاية، جريمة الخيانة الزوجية، إهمال الأسرة، السرقة بين الأقارب... وغيرها من الحالات المنصوص عليها في القانون المغربي.

وعليه، فإن سحب الشكاية يضع حدا لآثار الحكم بالمؤاخذة الصادرة ضد الزوج أو الزوجة، وفق ما جاء في نص الفصل (492 من ق.ج).

وقد قضى حكم المحكمة الابتدائية بمكناس بسقوط الدعوى العمومية في جريمة الخيانة التي تقدمت بها الزوجة ضد زوجها، ولكنها تنازلت عنها خلال مرحلة سير الدعوى، لذلك فإن سحب الزوجة لشكايتها تسقط الدعوی.

وقد قضت كذلك المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء الفداء درب السلطان على أن الدعوى العمومية تسقط في حالة سحب الشكاية إذا كانت شرطا لازما للمتابعة وبالتالي فإن سحب الشخص المهمل لشكايته يسقط دعوى إهمال الأسرة.

أما فيما يخص تعدد المتهمون، كالمساهمين و المشاركين يترتب على سحب الشكاية و التنازل عن المتابعة من قبل المتضرر، استفادة المتهم الذي قرر المشرع صراحة لفائدته الشكاية كشرط للمتابعة دون باقي المتهمين، وقد أكد المشرع على ذلك في الفصل 492 من ق، ج، حينما نص على أنه: " لا يستفيد مشارك الزوجة ولا مشاركة الزوج من هذا التنازل".

__________________
المصدر ملخص المسطرة الجنائية للطلبة سعيد عبد الكبير ومحمد الزهيري 

   دروس ذات صلة :
كتاب المسطرة الجنائية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-