العنوان | تاريخ الأفكار السياسية المعاصرة |
---|---|
التصنيف | كتاب |
الفصل | الخامس قانون عام |
تأليف الدكتور | محمد الفاضيلي |
عدد الصفحات | 108 |
حجم الملف | 2 ميگا |
نوع الملف | |
منصات التحميل | mediafire أو google drive |
مقدمة
يعد الفكر السياسي أقدم فروع العلوم السياسية، إلا أنه أكثرها إثارة للبس والجدل. والسبب في ذلك يعود إلى أن مفهوم الفكر السياسي يتداخل مع مفاهيم أخرى كالإيديولوجية والعقيدة والمذاهب السياسية وغيرها.
كما أن مجال الفكر السياسي يتقاطع مع غيره من المجالات إذ يهتم بالظاهرة السياسية في شموليتها وترابطها مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعقدية... إلخ.
والفكر السياسي يعتبر الأساس العلمي لأية دراسة جدية واقعية في مجال العلوم السياسية. فكل المثل العليا التي بلورها الفكر السياسي كالحرية، والعدالة والمساواة، والديمقراطية ودولة القانون تجد مصدرها في هذا الفرع مع استمرارية المفاهيم وتغير معانيها على مر العصور باختلاف الظروف التي مر بها المفكر السياسي، والتي تنعكس على أفكاره.
كما أنه في بحث مستمر في القضايا التي تهم علاقة الفرد بالسلطة والدولة كظروف نشأة الدولة، ظاهرة السلطة السياسية داخل المجتمع السياسي، مصدر السلطة السياسية وطرق ممارستها، علاقة الحاكم بالمحكوم، حقوق الفرد وواجباته داخل المجتمع السياسي المنظم، أشكال الحكومات وتأثيرها على ممارسة السلطة... إلخ.
فالأفكار السياسية تعتبر نتاج المفكر السياسي لتفاعله مع مجتمعه وقضاياه وانشغالاته، فهي بمثابة المرأة التي تعكس الأوضاع والظروف التي عاشها والمؤسسات السياسية التي عاصرها، إنها تعبير الفيلسوف السياسي عن إرهاصات المجتمع الذي يعيش فيه بما تتجاذبه من قوی وتیارات فكرية ودينية وسياسية.
فالأفكار السياسية تهتم بدراسة الظاهرة السياسية عن طريق التنظير والتفكير وتحليل السلوك البشري في إطار الحياة السياسية. والفكر السياسي يعد تعبيرا عن نتاج عقلي أمام أوضاع سياسية، اجتماعية واقتصادية طبعت عصره. ولهذا فالفكر السياسي تطغى عليه الشخصانية للأفكار كما يعبر عنها المفكر السياسي باعتبارها انعكاسا لفكره وانشغالاته وهواجسه والتي تعد ترجمة لبيئته ومجتمعه.
ودراسة تاريخ الأفكار السياسية منذ عصر النهضة تطرح ثلاث إشكاليات أساسية : الأولى تتعلق بضرورة معرفة مميزات وخصوصیات الحقبة التاريخية التي ستتناولها هذه المحاضرات، والثانية تهم ضرورة تحديد مصطلح الأفكار السياسية وأهميتها، أما الثالثة فتخص الطريقة المعتمدة لدراستها.
الفصل الأول : الفكر السياسي لعصر النهضة والدفاع عن الحكم المطلق
يمثل عصر النهضة مرحلة الانتقال بين العصور الإقطاعية وبداية العصر الحديث. تميزت هذه الحقبة بعقلية ومناخ فكري مختلف عما اتسمت به العصور الوسطى، حيث كانت السلطة متمركزة في الكنيسة، بينما في العصور الحديثة تضاءلت سلطة الكنيسة وتضاعفت سلطة الملوك بشكل خاص.
كما كانت ثقافة العصور الحديثة ثقافة علمانية قائمة على أسس التحليل العلمي التي لا تقبل الجدل أو النقد، إضافة إلى ذلك فقد شهد ذلك العصر ظاهرة تسلم الحكم من قبل ملوك ذوي سلطات مطلقة تدعمهم وتقاسمهم السلطة طبقة من التجار الأغنياء.
وهذا التحول الفكري والعلمي والسياسي الذي رسم معالم العصور الحديثة، لم يكن ليتم ويتحقق إلا بفضل عاملين أساسيين هما :
- ضعف الكنيسة وظهور النزاع حول سلطة البابا
- التحولات الإقتصادية
الفصل الثاني : الفكر السياسي الحديث والدفاع عن الحرية والمساواة
يبدأ العصر الحديث مع القرن السابع عشر نتيجة لأحداث جسام وبالذات الصراعات المحلية والدولية. ولقد بذرت مجموع من العوامل الدينية، الاجتماعية، الاقتصادية، الدستورية، بذور خلافات وعداوات لم يكن من اليسير التغلب عليها، فاشتعلت حرب الثلاثين عاما (1618- 1649) بثورة البروتستانت في بوهيميا، ثم سرعان ما امتد الصراع واتسع نطاقه ليشمل معظم الدول الأوربية متمثلا في حروب أهلية، وثورات امتدت من إيطاليا حتى إنجلترا. أما ألمانيا التي كانت المسرح الرئيسي للنزاعات فقد تأثرت من كل النواحي الاجتماعية والاقتصادية.
ولم يحقق أي من البروتستانت أو الكاثوليك نصرا حاسما على الآخر. ومن ثم برز سؤال مفاده : هل من المعقول أن يحدث هذا الدمار المادي والمعنوي بفعل الصراع الديني؟
من ناحية أخرى فإنه حتى عصر الاكتشافات الجغرافية، أي طالما كان البحر المتوسط يمثل مركز الصدارة في حركة التجارة والحضارة، عاشت انجلترا بعيدة عن "قلب المعمورة". ولكن هذا الموقف تبدل مع الاكتشافات الجغرافية والتوسعات فيما وراء البحار، إذ تحول بذلك مركز الاهتمام العالمي من حوض البحر المتوسط إلى شواطئ الأطلسي في أوربا الغربية حيث أصبحت انجلترا مركز عالم بحري من صنعها.
وساعدتها نهضتها التجارية والصناعية على أن تحتل مركز الصدارة بين الدول الأوربية. أضف إلى هذا أن القرن السابع عشر شهد وضع أسس تقدم هائل في ذلك القطر في مجالات : العلوم والطب، الملاحة البحرية، الفلسفة والفكر السياسي.
وعليه، اذا كان القرن التاسع عشر يلقب باسم "قرن إنجلترا" حيث بلغت فيه ذروة قوتها المادية ونفوذها العالمي، فإن القرن السابع عشر هو أكثر القرون إنتاجية في التاريخ الإنجليزي.
والحقيقة أن النجاح الذي تحقق في القرن التاسع عشر إنما ارتكز على منجزات القرن السابع عشر.
كتاب تاريخ الأفكار السياسية المعاصرة للدكتور محمد الفاضيلي
تعليق