العنوان | شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17 |
---|---|
نوع المرجع | كتاب |
الفصل | الخامس S5 |
المؤلف | الدكتور عبد الرحيم شميعة |
طبعة | 2018 |
المطبعة | سجلماسة مكناس |
عدد الصفحات | 332 |
حجم الملف | 42 ميگا |
نوع الملف | |
روابط التحميل | mediafire أو google drive |
الإطار العام المؤطر لنظام صعوبات المقاولة
يعتبر العقد الأخير من القرن العشرين محطة مفصلية في تاريخ الحياة القانونية المغربية لما تميز به من إصدار لقوانين عديدة ، شكلت تلك المؤطرة لميدان الأعمال والمال الحصة الكبرى منها، كما يمكن تصور أن تلك الحقبة كانت مقدمة وأرضية ضرورية بمقدورها استيعاب ما استتبع من قوانين جديدة، منها ما هو تعديل لقوانين سابقة، ومنها ما اتسم بطابع الجدة والحداثة.
لقد شكلت مدونة التجارة منعطفا جديدا في الحياة القانونية المغربية على مستوى إعادة صياغة القوانين القديمة ومنطلقا ضروريا للتناغم مع مجمل القوانين المؤطرة لميادين الأعمال والمندرجة في ذات التصور ، تأهيل المغرب ليكون في مصاف الدول المعاصرة من حيث التوفر على ترسانة قانونية حديثة لتأهيل الاقتصاد وجلب الاستثمار.
وازداد اهتمام الدول بتحديث وتحيين ترسانة القوانين ذات الصلة بالأعمال حتى يستطيع المغرب أن يحسن ترتيبه على المستوى الدولي ، كجهة جاذبة للاستثمار الخارجي، كل ذلك في إطار المجهودات المبذولة لتحسين مناخ الأعمال، الذي تسهر عليه اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال التي يترأسها رئيس الحكومة، والتي تم إنشائها منذ سنة 2009.
وإذ تعتبر مصطلحات الوقاية والمعالجة والصعوبات والمقاولة جديدة في تعاطي التشريع التجاري المغربي مع ميدان الأعمال، فإن الأمر لم يقف عند هذا المستوى، ذلك أن المضامين القانونية هي أوسع نطاقا وأبلغ دلالات.
ويندرج الكتاب الخامس من مدونة التجارة الذي تم تبنيه سنة 1996 كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون 73.17 المعنون بمساطر صعوبات المقاولة في سياقات هامة يمكن تلخيص معالمها ومداها من خلال محاولة الوقوف على بعض المؤشرات (I) وبعض المؤثرات (II) ....
الفصل الأول : المساطر غير القضائية للمعالجة
آثر القانون المغربي أسوة بنظيره الفرنسي أن يدشن أحكام نظام معالجة صعوبات المقاولة ببدء البحث عن الأسباب التي قد تؤدي إلى أن تصل هذه الأخيرة إلى التوقف عن الدفع، فانتهج منطقا طبيا يقوم على قاعدة أن الوقاية من الأزمات هي أضمن وأفيد من معالجتها.
وإذا علمنا أن نشاط المقاولة مستمر في الزمان تتداخل فيه عوامل متعددة، قد تكون داخلية كما قد تكون خارجية، فإنها قد تعرف بالإضافة إلى ذلك فترات ازدهار وكذلك لحظات انكماش للنشاط جراء ظرفية اقتصادية عامة أو تراخي من قبل المسيرين أو اضطرابات اجتماعية، كل هذه العوامل إذا لم تؤد إلى جعل المقاولة تتوقف عن أداء دیونها بما يستوجب فتح المسطرة القضائية للمعالجة، فإن عدم التصدي لها، في الوقت المناسب سيؤزم وضعیتها ويقلل من فرص إنقاذها.
إن الصعوبات التي قد تمر منها المقاولة دون أن تصل إلى حالة التوقف عن الدفع، إذا كانت تترك الحرية لرئيس المقاولة في اتخاذ التدابير القمينة بتجاوزها أو عدم اتخاذها، فإنه بالمقابل واستحضارا للأهمية التي أضحت تمثلها المقاولة، فإن القانون المغربي أقر مسطرة غير قضائية وأخرى شبه قضائية، لمعالجة الصعوبات التي تعرفها المقاولة قبل تحقق واقعة التوقف عن الدفع.
ونظرا للحرية المعترف بها لرئيس المقاولة في التسيير والتدبير مادام أن مقاولته لم تصل بعد إلى حالة التوقف عن الدفع، فإنه تم إقرار مسطرة للوقاية من الصعوبات تضمن تحفيز الانخراط فيها من خلال الرهان على تحقيق السرعة والسرية والمرونة حتى تصل إلى مبتغاها.
ينضاف إلى ذلك إجراءات جديدة تتمثل في إقرار مسطرة قضائية إنها مسطرة الإنقاذ، وهي مسطرة وقائية وعلاجية.
لقد أعاد القانون 73.17 تكريس الآليات والإجراءات الرامية إلى رصد مبكر للصعوبات أو الإختلالات التي قد توصل المقاولة إلى التوقف عن الدفع، مع وضع آليات مسطرية وتحفيزية جديدة لإنجاح المساطر غير القضائية للمعالجة.
إن التسريع بتذليل الصعوبات التي قد تمر منها المقاولة كفيل من الحد من تفاقم وضعيتها، سواء من داخل هياكلها وهو ما يصطلح عليه بالوقاية الداخلية كمساطر ذاتية (فرع أول) أومن خلال تدخل رئیس المحكمة التجارية عبر آليات ومساطر متعددة (فرع ثاني).
الفصل الثاني : المساطرالقضائية لمعالجة صعوبات المقاولة
سيرا منه على نهج القانون الفرنسي عمل القانون المغربي على اعتماد منهجية تصاعدية في التعامل مع المقاولة المتعثرة والمهددة بتوقف نشاطها وبالتالي اندثارها.
وعلى خلاف أحكام الكتاب الخامس في صيغتها الأولى منذ 1996 لم يكن القانون المغربي يجيز التدخل القضائي ( كقضاء موضوع في أزمات المقاولات التي تمر من صعوبات إلا إذا كانت متوقفة عن الدفع، لقد كان هذا المحدد هو المعيار القانوني الوحيد لإجازة تدخل القضاء بأحكام لمحاولة البحث عن انقاذ ممكن للمقاولة المتوقفة عن الدفع، لكن ومع صدور القانون 73.17 أصبح بإمكان القضاء أن يتدخل بمقتضى حكم قضائي لتذليل صعوبات المقاولة ولو لم تكن متوقفة عن الدفع عبر إقرار مسطرة جديدة، إنها مسطرة الإنقاذ.
لقد سمح القانون لرئيس المقاولة الاحتماء بمظلة قضائية طبقا لمسطرة الإنقاذ تمنحه نفس مزايا فتح المسطرة القضائية الناجمة عن التوقف عن الدفع، حتى يستطيع العودة بمقاولته إلى بر الأمان الاقتصادي والمالي ، كي تتفادى السقوط في مطبة التوقف عن الدفع.
كما أن عجز رئيس المقاولة نفسه عن إيجاد حلول ناجحة لمقاولته*المتوقفة عن الدفع والمهددة بالاندثار، أو عن طريق الالتجاء إلى رئيس المحكمة التجارية في إطار المصالحة أو الاحتماء بالحصانة القضائية عبر تقديم طلب فتح المسطرة القضائية للإنقاذ، يفتح الباب أمام تدخل قضائي حازم وحاسم للبحث عن إنقاذ ممكن للمقاولة.
لذلك فإن مبدأ الحرية التي يتمتع بها رئيس المقاولة في تدبير شؤون مقاولته وهي على وشك التوقف عن الدفع من حيث اللجوء من عدمه إلى رئيس المحكمة، يشرع الأبواب في وجه التدخل القضائي للبحث عن حل ممكن للمقاولة.
وتسمى هذه المرحلة بالمسطرة القضائية للمعالجة من حيث أن صدور حكم بفتح المسطرة القضائية للمعالجة، يجعل القضاء التجاري يلعب أدوارا جديدة عليه بالنظر إلى النظام القضائي المتعارف عليه، إذ تصبح المحكمة في قلب أدوار لم يألفها التدخل القضائي الكلاسيكي، حيث يناط بها البحث عن حماية المصالح المتعارضة المتولدة عن الوضعية المالية المتأزمة للمقاولة، ومن أهمها البحث عن إنقاذ ممكن للمقاولة وعن أداء ممكن لديونها وكذلك عن المحافظة ما أمكن على مناصب الشغل، سواء كنا أمام مسطرة الإنقاذ الجديدة أو أمام مسطرتي التسوية القضائية أو التصفية القضائية.
إن إقحام قضاء الموضوع في المساطر القضائية للمعالجة بمقتضى حكم قضائي لتقييم وضعيتها واقتراح حل بناء على ذلك، ينجم عنها آثار قانونية غاية في الأهمية سواء بالنسبة للمدين أو الدائنين أو الأجراء، وبصفة عامة بالنسبة لكل المرتبطين بها. لذلك فإن الكتاب الخامس من مدونة التجارة أوجد العديد من المقتضيات القانونية، تشكل خطة طريق يتعين على المحكمة المتدخلة احترامها....
_______________________
مقتطفات من كتاب شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17 للدكتور عبد الرحيم شميعة
تعليق