قانون المالية الميزانية s3

قانون المالية الميزانية s3

قانون المالية s3,قانون الميزانية s3,قانون المالية والميزانية,المالية العامة s3
العنوان  المالية العامة قانون المالية والميزانية  
تأليف الدكتور     محمد صدوقي
الفصل   الثالث S3
نوع المرجع   كتاب 
عدد الصفحات 68 ص
حجم الملف 15 MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
قانون المالية s3,قانون الميزانية s3,قانون المالية والميزانية,المالية العامة s3

مقدمة 

لقد أصبحت السياسات العمومية أكثر تركيزا على المالية العامة ، وذلك ما يفسر الحديث عن "الحكامة المالية العامة" ، يتعلق الأمر هنا بدراسة مالية الدولة التي نعتبر - نحن المواطنين- الممولين لها من خلال الضرائب التي ندفعها ومختلف الرسوم.

لقد أدت مختلف الأزمات التي كانت تضرب كل مرة الاقتصاد الوطني إلى اختلال في التوازنات المالية، حيث عرفت النفقات والإيرادات تطورا متعاكسا من خلال الزيادة في الإنفاق العام وانخفاض الإيرادات، وهو ما يصطلح عليه في علم الاقتصاد بظاهرة "أثر المقص" . 

 وعلى سبيل المثال فقد سجل رصيد الميزانية تدهورا كبيرا سنة 2011 بسبب سياق اتسم باعتدال الموارد الجبائية وضغط تصاعدي على النفقات. مما حتم على الحكومة اعتبارا من سنة 2013 اتخاذ إجراءات لاحتواء الزيادة في النفقات بالتركيز على نفقات المقاصة والتحويلات المخصصة للمقاولات والمؤسسات العمومية. 

وقد عرفت المالية عجزا كبيرا وكان الحل الأسهل هو الاقتراض ، وهو يتزايد أيضا بشكل كبير. وهكذا ، انتقل الدين العمومي للمغرب، الذي يشمل مديونية الخزينة العامة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية من 82% من الناتج الداخلي الخام سنة 2017، إلى 82.2 % سنة 2018، ومن المنتظر أن يواصل في منحى تصاعدي. 

ويعتبر الدين العمومي من أخطر الإشكالات المالية والتدبيرية التي تواجهها الدول والحكومات بشكل عام وهو من المؤشرات الدالة على عدم قدرة الحكومات على تعبئة موارد مالية إضافية تستجيب لتطور نفقات الدولة.

يشير مصطلح المالية العامة إلى مالية الدولة ، ومالية الجماعات الترابية (الجماعات والعملات والأقاليم والجهات) ، فضلا عن مالية المنظمات التي تعنى بالحماية الاجتماعية كما هو الحال في فرنسا، والمالية العامة هي أيضا مختلف الموارد والنفقات لكل هذه المكونات والتي يمكن أن نعبر عنها بمصطلح " المال العام".

تتشكل الموارد أساسا من الضرائب (الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل) وموارد غیر ضريبة وغيرها من الموارد ويمثل استخدام الأموال العامة ما يسمى بالإنفاق العام. وهو يشمل ، على سبيل المثال ، نفقات الدولة (الجامعات ، وما إلى ذلك)، والجماعات الترابية (تمويل المسبح البلدي ، وما إلى ذلك) ، ونفقات منظمات الضمان الاجتماعي (تعويضات الأدوية التي يحددها الطبيب)...الخ. 

وتحتل المالية العامة مكانة خاصة تميزها عن غيرها ، مما تطلب إرساء قواعد رقابة صارمة لضمان استخدامها السليم، فلا ينبغي إهدار الأموال العامة أو اختلاسها. ولهذا الغرض توجد أجهزة إدارية وقضائية وغيرهما مكلفة بمراقبة انتظام العمليات التي يقوم بها القطاع العام (المفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات...).

وإذا كان من البديهي أن القرار السياسي يخص ممثلي المواطنين، فيجب اعتماد ميزانية الدولة من قبل البرلمان ؛ وبالمثل ، يجب اعتماد ميزانية الجماعات الترابية من قبل مجالس هذه الجماعات .

لقد بدأ مسلسل إصلاح المالية العامة في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي بعد حدوث الأزمة الاقتصادية التي كان من نتائجها المباشرة حدوث أزمة مالية عامة. فزاد الإنفاق العام دون أن يواكبه زيادة الإيرادات الحكومية حتى صارت ظاهرة دولية. وبدأ إصلاح المالية العامة في البلدان المتقدمة ولا زال مستمرا حتى اليوم في البلدان النامية والناشئة.

إن ما يميز الاصلاحات الراهنة للمالية العامة هو استلهامها في تدبيرها للمرافق العمومية للأساليب السائدة في القطاع الخاص، وهو ما يصطلح عليه بالتدبير العمومي الحديث " La nouvelle gestion publique باللغة الفرنسية أو "New publie management" باللغة الانجليزية، وتجدر الاشارة أن هذا الاصلاح متعدد الجوانب ويخص جميع بلدان العالم.

في هذا الاطار ، جاء إصلاح المالية العامة بالمغرب بإصدار ترسانة مهمة من القوانين بعد الاصلاح الدستوري لسنة 2011. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالقانون التنظيمي لقانون المالية رقم 13-130 والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية القانون رقم 111.14 المتعلق بالجماعات و رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم والقانون رقم 113.14 المتعلق بالجماعات .

لا شك أن القانون التنظيمي لقانون المالية 13 -130 والذي يعتبر بمثابة دستور للمالية قد جاء بمجموعة من المستجدات لم يتضمنها القانون التنظيمي السابق 7.98. من بينها تبويب الميزانية والبعد الجهوي للقانون التنظيمي لقانون المالية و مبدأ صدقية الميزانية و تحويل الاعتمادات والمحاسبة العامة والميزانياتية وغيرها.

 وإذا كان من المنطقي القول هذا القانون يمثل منعطفا كبيرا على مستوى تدبير المالية العامة على وجه الخصوص والشأن العام بصفة عامة، فإن تنزيله الفعلي على أرض الواقع يبقى المحك الحقيقي لبلوغ الأهداف المتوخاة من هذا الإصلاح، ولدراسة موضوع المالية العامة ارتأينا أن تقسم هذا العمل إلى قسمين :

القسم الأول : يتعلق بالاطار العام للمالية العامة

القسم الثاني : تم تخصيصه لاعداد قانون المالية ومراقبة تنفيذه

القسم الأول : الإطار العام المالية العامة

في هذا القسم سنحاول أن نقارب المالية العامة من خلال استجلاء مختلف جوانبها بالتركيز على مختلف مراحل تطورها في ارتباطها بمفهوم الدولة. 

كما أن تأصيل مفهوم المالية العامة سيساعد لا محالة على الإحاطة بها وتبديد الغموض الذي قد يعتريها ، وهذا لن يكون كافيا دون البحث عن علاقتها بمختلف العلوم وخاصة أننا نعلم أن المالية العامة تستدعي مختلف التخصصات لفهمها. وبطبيعة الحال، لن يسع لنا المجال لدراسة مختلف العلوم، بل سنقتصر على أهمها وما نرى فيه فائدة لدراستنا و يخدم الجانب البيداغوجي في ذات الوقت.

وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة للفصل الأول من هذا القسم، فإن الفصل الثاني سيكون أقل عمومية من خلال التركيز على القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 13-130 الذي هو بمثابة دستور للمالية ( La petite constitution) كما يصطلح عليه في اللغة الفرنسية . فهو سیمکننا من دراسة قانون المالية على ضوء مقتضياته، إذ أن الركائز التي ينبني عليها هذا القانون تبين بوضوح التوجهات العامة للسياسات المالية العامة التي لم تعد في ظل هذه المعطيات تتأثر بالمعطى السياسي كما كان سابقا. بل إن التيار الجارف الذي  يتمثل في الايديولوجية النيوليبرالية يحمل كل ما يجده في طريقه ولا يترك هامشا للحرية للسياسي بمفهومه التقليدي.

وقد جاءت هذه الركائز التي تتمثل في تعزيز نجاعة التدبير العمومي و البرمجة المتعددة السنوات وتدبير البرامج والتدبير الميزانياتي المرتكز حول النتائج والتبويب الجديد القائم على البرامج والبعد الجهوي ... إلخ لترسيخ الحكامة الديموقراطية، وبطبيعة الحال، فإن هذا التدفق المفاهيمي الجديد لم يكن نابعا من الفاعلين السياسين في البلاد وإنما هي مفاهيم کونية عابرة للحدود ولا تحمل من حيث الظاهر أي طابع سياسي. وهو ما حذا بعدد من المفكرين عن التساؤل عن ما إذا ستكون نهاية الديموقراطية مع التنامي السريع للإيديولوجية النيوليبرالية.

الفصل الأول : المالية العامة نشأتها وتطورها

في هذا الفصل ستتطرق إلى نشأة المالية العامة وتطورها حتى اصبحت علما قائم الذات. كما أن التحولات التي عرفتها لم تكن لتحدث عن معزل مفهوم الدولة الذي عرف بدوره تحولات عميقة ابتداء من الدولة الحارسة ومرورا بالدولة التدخلية ودولة الرفاه وانتهاء بالدولة المقاولة. 

وقد عرفت المالية العامة بالمغرب بدورها تطورا كبيرا جاء كنتيجة حتمية للتحولات التي طرأت على مفهوم الدولة والتي تمخض عنها إصلاحات كبيرة مست مختلف القطاعات العمومية، وقد جاء الإصلاح الأخير للمالية العامة ليواكب الاصلاح الدستوري الذي غالبا ما يتبعه اصلاح مالي يتوج بإصدار قانون تنظيمي لقانون المالية.

كما أن هذا الإصلاح تأثر بدوره بالسياق الراهن الذي أصبحت فيه العولمة واقعا لا يمكن تجاهله، ومن هذا المنطلق، أصبح إصلاح المالية العامة بالمغرب تحت رحمة سيل عارم من المفاهيم الجديدية التي تفتقد إلى الطعم السياسي. (Des notions apolitiques) ، وهو ما انعكس على السياسات العمومية المتبعة والتي لم يكن لها من خيار سوى التناغم مع التوجه اليبرالي الجديد (Néolibéralisme). 

وحتى يتسنى لنا إلقاء الضوء على مختلف جوانب المالية العامة، سنتطرق في مبحث أول لنشأة وتطور المالية العامة ثم نركز في المبحث الثاني على مفهوم المالية العامة وعلاقتها بالعلوم الأخرى.

الفصل الثاني : قانون المالية على ضوء مقتضيات القانون التنظيمي لقوانين المالية

إذا كان الدستور هو القانون الأسمى لتنظيم الدولة، فإن القانون التنظيمي هو دستور المالية العامة. وبطبيعة الحال، فإن قانون المالية سيكون مؤطر بهذين القانونين حسب تراتبيتهما (المبحث الأول). 

وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية فإن القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 13.130 يرتكز على مجموعة من المستجدات التي ينفرد بها عن سابقيه ، القوانين التنظيمية التي كانت تصدر بمناسبة الاصلاحات الدستورية التي عرفها المغرب. ويتعلق الأمر بتعزيز نجاعة أداء التدبير العمومي والبرمجة متعددة السنوات وتدبير البرامج و التدبير الميزانياتي المرتكز حول النتائج و التبويب الميزانياتي الذي عرف تعديلات قصد الانتقال من المقاربة المعيارية للنفقات إلى هيكلة ميزانياتية قائمة على البرامج ومشاريع مع التركيز على البعد الجهوي (المبحث الثاني).

القسم الثاني : قانون المالية

لا شك أن مشروع قانون المالية يقطع عدة مراحل قبل المصادقة عليه ويخضع لأحكام القانون التنظيمي لقانون المالية، وما يتضمنه من مقتضيات تجعل من مبادئ الشفافية وحسن الأداء وجودة الخدمات العمومية أساسا لتدبير السياسات العمومية.

ويخضع تحضير القانون المالي وإعداده للمرسوم رقم 2.15.126 المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية وهو يضم المقتضيات المرتبطة بإعداد قانون المالية وطرق تطبيقه التي تتحملها الحكومة وإذا كانت صيغة المفرد تستعمل للإشارة إلى قانون المالية، فإنه في حقيقة الأمر يراد في مدلول القانون التنظيمي رقم 13-130 بقانون المالية كل من قانون المالية للسنة وقوانين المالية المعدلة وقانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية، وبطبيعة الحال، فإن تركيزنا سيكون أكثر على قانون المالية للسنة ثم تاتي القوانين الأخرى المذكورة فيما بعد.

كما أن تنفيذ القانون المالي بعد اعتماده من قبل البرلمان بغرفتيه والذي يجب أن تباشره الأجهزة الحكومية في التزام تام ببنود الميزانية يخضع لمراقبة داخلية تمارسها الادارة على نفسها ورقابة خارجية يمارسها المجلس الأعلى للحسابات والبرلمان بغرفتيه.

وحتى نتمكن من تتبع مسار قانون المالية، سنقوم بداية بدراسته من حيث هو مشروع (الفصل الأول) ثم نسلط الضوء بعد ذلك على المرحلة التي تتعلق بتنفيذه ومراقبة مختلف العمليات المالية (الفصل الثاني).

الفصل الأول : مشروع قانون المالية والميزانية من البرمجة الى المصادقة

قبل الحديث عن المراحل التي يقطعها تحضير وإعداد مشروع قانون المالية، لا بد من تمييزه عن مفهوم الميزانية، فهما ليسا بمترادفين ، فالميزانية عبارة عن عمل وصفي ومحاسباتي. و تعتبر ميزانية الدولة الوسيلة الأساسية التي تمكن الحكومة من التطبيق السنوي لبرنامجها الاقتصادي والاجتماعي. حيث أنها مؤطرة، في مختلف مراحل إعدادها والمصادقة عليها وإنجازها، بإطار دستوري وتشريعي.

وهي وثيقة يتم من خلالها التوقع والترخيص للموارد والنفقات السنوية للدولة. وفي ما يخص بنية الميزانية فهي موزعة على ثلاثة عناصر وهي : الميزانية العامة، ميزانية مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، وميزانية الحسابات الخصوصية للخزينة.

أما قانون المالية فهو يكتسي بعدا قانونيا وسياسيا، ويتميز تحضير وإعداد الميزانية باعتماد قانون المالية.

وبناء على مبدأ السنوية، فإن قانون المالية للسنة يتوقع لكل سنة مالية مجموع موارد وتكاليف الدولة ويقيمها وينص عليها ويأذن بها .وتبتدئ السنة المالية في فاتح يناير وتنتهي في 31 ديسمبر من نفس السنة، ويستند قانون المالية في توقعه على إعداد قانون المالية للسنة إلى برمجة ميزانياتية لثلاث سنوات.

وقد حدد قانون المالية بالنسبة لكل سنة مالية طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة وكذا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها. وتراعى في ذلك الظرفية الاقتصادية والاجتماعية عند إعداد قانون المالية وكذا أهداف ونتائج البرامج التي حددها هذا القانون. 

و يتضمن القانون المالي أحكاما تتميز بالصرامة وعدم قابليتها للتغيير إلا بموجب قانون مالي معدل وهي تتعلق حصريا بالموارد والتكاليف أو تهدف إلى تحسين الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل ومراقبة استعمال الأموال العمومية.

الفصل الثاني : تنفيذ الميزانية ومراقبتها

   مواضيع ذات صلة :  

المصدر كتاب المالية العامة قانون المالية والميزانية للدكتور  محمد صدوقي 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-