قانون الشغل المغربي s3

قانون الشغل المغربي s3

قانون الشغل s3,القانون الإجتماعي s3,قانون الشغل المغربي,كتاب قانون الشغل المغربي,الوسيط في مدونة الشغل
العنوان  الوسيط في مدونة الشغل  
تأليف الدكتور     عبد اللطيف خالفي
الفصل   الثالث S3
نوع المرجع   كتاب 
الطبعة   الأولى 2004
الإيداع القانوني    2004/1958
المطبعة   المطبعة والوراقة الوطنية مراكش
عدد الصفحات 650 ص
حجم الملف 21 MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
قانون الشغل s3,القانون الإجتماعي s3,قانون الشغل المغربي,كتاب قانون الشغل المغربي,الوسيط في مدونة الشغل

الباب التمهيديی : مدخل لدراسة قانون الشغل المغربي 

ظلت علاقات الشغل، ولمدة طويلة محكومة ومنظمة بموجب قواعد ومبادئ القانون المدني، خاصة مبدأي سلطان الإرادة والعقد شريعة المتعاقدين، إلا أنه وبسبب ما جره هذان المبدآن من مساوئ على الطبقة العاملة، اضطرت التشريعات المقارنة إلى التدخل في علاقات الشغل، وخلق إطار قانوني يتلاءم وخصوصية هذه العلاقات، 

فقانون الشغل قانون جد حديث بالمقارنة مع غيره من فروع القانون الأخرى، إذ يرجع ظهوره فقط إلى منتصف القرن التاسع عشر، إلا أن تقدم الحركات العمالية وتطورها، وظهور الأفكار الاشتراكية ساعدا علی تقدم هذا القانون وعلى تطوره، فأصبح يشغل مكانة هامة في تشريعات الدول على اختلاف مشاربها السيادية واتجاهاتها الاقتصادية، بل إننا نجد إعلانات حقوق الإنسان والمواثيق والدساتير تعني هي الأخرى بالشغل وبالضمانات التي تكفل له تحقيق الأهداف المرجوة منه، وتكفل في الوقت نفسه حماية القائمين به. 

ونظرا لأهمية قانون الشغل وأهمية الأحكام التي تضمها، فإننا نرى من المفيد أن نقدم له بدراسة تساعدنا على فهم واستجلاء كثير من قواعده، وتساعدنا على إلقاء الضوء على الكثير من المسائل الهامة اللازمة للدراسة الأساسية، وهي أحكام علاقات الشغل الفردية. 

وفي هذا المجال نعرض لتحديد موضوع قانون الشغل وتعريفه ومختلف تسمياته وبيان أهميته ومكانته بين فروع القانون ( الفصل الأول) ثم نتناول التطور الذي عرفته علاقات الشغل، وهو يشمل التطور العام لهذه العلاقات منذ العصور القديمة حتى الوقت الراهن، كما يشمل تطور قانون الشغل بالمغرب ( الفصل الثاني) ثم نبحث الخصائص والمبادئ العامة لقانون الشغل والتي تميزه عن غيره من فروع القانون الأخرى ( الفصل الثالث ) ثم نتطرق، لمصادر قانون الشغل ( الفصل الرابع وتختم هذه الدراسة التمهيدية بالتعرض لنطاق تطبيق مدونة الشغل ( الفصل الخامس). 

وهكذا بتدخل الدولة في علاقات الشغل، وعملها على خلق نظام من شأنه أن يوفق بين مصالح كل من الأجراء والمؤاجرين داخل إطار قانوني محدد ظهرت عدة هيئات على المستوى الداخلي لكل دولة، تهدف إلى مساعدة المشرع على خلق القواعد القانونية التي تحكم وتنظم علاقات الشغل، وكذلك على مراقبة حسن التقيد بها، بالإضافة إلى الفصل فيما قد يثار بين عنصري الإنتاج من نزاعات بخصوصها .

كما أنه ومسايرة للاتجاه نحو تدويل قواعد قانون الشغل ظهرت على المستوى الدولي مجموعة من الهيئات ترمي جميعها إلى تكريم الحماية التي يهدف قانون الشغل إلى بسطها على الطبقة العاملة، لذلك فإن تناول هذا القسم من دراستنا يقتضي منا بحثه في بابين، نعالج في أولهما الهيئات الوطنية المتدخلة في علاقات الشغل، ونتطرق في ثانيهما إلى الهيئات الدولية. 

القسم الأول : الهيئات المتدخلة في علاقات الشغل

رأينا من خلال التطور التاريخي لعلاقات الشغل، خاصة إبان فترة الرأسمالية الحرة ، أن أصحاب الأعمال، ومن خلال مركزهم الاقتصادي القوي، كانوا يعملون كل ما في وسعهم لإخضاع الطبقة الشغيلة لنظام صارم، نظام يضمن لهم السيطرة عليها، إلا أن هذا النظام المفروض من جانب أصحاب الأعمال لم يكن يكفي لوحده للسيطرة والتحكم الكاملين في عنصر العمل، فالسيطرة الاقتصادية كانت تقتضي أيضا التحكم في تنظيم علاقات الشغل على نحو يتفق ومصالحهم، وقد أفلحوا في ذلك من خلال تنظيم علاقات الشغل التابع بالاستناد إلى مبادئ الحرية في الشغل وبالانطلاق من الأفكار اللبرالية، 

حيث استخدموا هذه المبادئ والأفكار لتحقيق "السيطرة القانونية " لصالح الطبقة الأقوى اقتصاديا والحاكمة سياسيا، في ظل دولة ليبرالية مهمتها الحراسة والامتناع عن أي تدخل من شأنه أن يغرق "النظام الاقتصادي الطبقي".

وفي ظل ما نجم عن النظام الاقتصادي الطبقي، من ظروف اقتصادية واجتماعية مزرية للطبقة العاملة، ظهرت الأفكار الاجتماعية والاشتراكية التي تنادي بتحرير الطبقة العاملة من الأوضاع الاجتماعية المزرية التي كانت تعيشها، ورفع مساوئ النظام الاقتصادي الجديد آنذاك عنها، وتنادي بضرورة تدخل الدولة في علاقات الشغل لحماية هذه الفئة الضعيفة اقتصاديا المحرومة اجتماعيا، وذلك بخلق الضوابط القانونية التي تنظم وتحكم علاقات الشغل التابع. 

الباب الأول : الهيئات الوطنية المتداخلة في علاقات الشغل

إن التدخل المطرد للدولة في مجال علاقات الشغل، أدى إلى خلق مجموعة من الهيئات المختلفة ذات المهام المتنوعة، تهدف إلى مساعدة المشرع في إيجاد الضوابط الكفيلة بحسن تنظيم وحكم علاقات الشغل، سواء من خلال تقديم الدراسات المتعلقة بالمشاكل التي يفرزها واقع علاقات الشغل، أو من خلال مؤازرة المشرع في خلق القواعد القانونية الخاصة بهذه العلاقات، ومراقبة مدى تطبيقها عند إصدارها. 

كما أن هناك هيئات أخرى منوط بها الفصل في النزاعات التي قد تفرزها علاقات الشغل، سواء تعلق الأمر بنزاعات الشغل الفردية أو الجماعية، وهو ما يجعلنا نقسم هذا الباب إلى فصلين، نتناول في الأول الهيئات الإدارية ونتطرق في الثاني إلى الهيئات القضائية. 

الباب الثاني : الهيئات الدولية المتدخلة في علاقاته الشغل

من الحقائق المسلم بها في عالم اليوم، أن مسائل وقضايا العمل والعمال أصبحت تحظى بمكانة هامة، وأن هذه المكانة تزداد مع التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، الذي يصاحبه عادة بروز الحاجة إلى تطوير علاقات الشغل بصفة مستمرة تبعا لذلك. 

ولعل قيام منظمة الشغل الدولية سنة 1919 كان نتيجة الإدراك المبكر لهذه الحقيقة إبان الحرب العالمية الأولى،  وإذا كان قانون الشغل قانون حدیث، بالمقارنة مع غيره من فروع القانون الأخرى، فإنه قد تطور كثيرا بسبب التفاعل المستمر مع محيطه الاقتصادي والاجتماعي، تطورا تجاوز الإطار الداخلي لكل دولة على حدة ليتبلور منذ أواخر القرن التاسع عشر على المستوى الدولي، وذلك استجابة لمجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والنقابية بل وحتى السياسية. 

وقد ساهمت الهيئات الدولية، لا سيما منظمة الشغل الدولية من خلال ما أصدرته وتصدره من اتفاقيات وتوصيات في تنظيم شؤون العمل والعمال على المستوى الدولي، إلى جانب بعض المنظمات الدولية والإقليمية كمنظمة الشغل العربية في تطوير هذا الفرع من فروع القانون، وسنقتصر في دراستنا على هاتين المنظمتين في فصل لكل منهما. 

القسم الثاني : عقد الشغل الفردي

إذا كان المفهوم التقليدي لعلاقات الشغل التابع، يجعل هذه الأخيرة تتحدد أساسا انطلاقا من عقد الشغل المبرم بين طرفي العلاقة الشغلية، وفق مبدأي سلطان الإرادة والعقد شريعة المتعاقدين، فإن التشريعات والفقه أدركوا التطور الذي طرأ على العلاقة بين عنصري الإنتاج : العمل ورأس المال، بحيث لم يعد العقد المبرم بين الطرفين هو محور اهتمام التشريعات والفقه، بقدر ما أصبحت علاقات الشغل ذاتها هي التي تشكل قطب الاهتمام، مما أدى إلى إضعاف الصفة التعاقدية الرضائية لهذه العلاقة. 

ذلك أن انضمام الأجير إلى المؤسسة المشغلة يجعله في مركز قانوني يستمد عناصره الأساسية من القوانين الجاري بها العمل ومن النظام الداخلي للمؤسسة ومن الاتفاقية الجماعية  إن وجدت، أكثر من عقد الشغل الفردي، الذي صار يبتعد عن دائرة المراكز التعاقدية بالمفهوم الذي كان سائدا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ليقترب أكثر من دائرة المراكز التنظيمية التي تتولى السلطة العامة حكمها بمقتضى قواعد آمرة لا يمكن مخالفتها أو الاتفاق على ذلك في غير صالح الأجير. 

فالتشريعات المقارنة صارت اليوم تسلك مسلكا حديثا نابعا عن الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية، بحيث إنها لم تعد تترك لإرادة طرفي العقد إبرامه، لتنصب آثاره على حد أدنى من الحقوق المنصوص عليها قانونا، والتي لا يمكن النزول عنها، سواء تعلق الأمر بإبرام العقد أو تنفيذه، بل وحتى بقواعد إنهائه، وهي بذلك تتكلف بحماية الأجراء تحت طائلة الجزاء المدني بل وحتى الجنائي. 

ورغم ذلك، فإنه يبقى لعقد الشغل الفردي دوره في حكم وتنظيم علاقات الشغل التابع، باعتباره الأداة التي تخلق أساسا العلاقة القانونية الشغلية، والوسيلة التي تجعل القواعد القانونية المنظمة للشغل التابع تتحرك ليستفيد منها الأجير، فيدون هذا العقد، مکتوبا أو غير مكتوب، لا يمكن للأجير أن يطالب بحسب الأصل بالاستفادة من المقتضيات القانونية الشغلية. 

على أية حال، فإن تناول عقد الشغل يقتضي منا بحثه في أربعة أبواب، نخصص الباب الأول للتعريف به وبيان عناصره الأساسية ، ونعرض في الباب الثاني لخصائصه وأشكاله وتمييزه عن غيره من العقود المشابهة التي ترد على العمل، ونعالج في الباب الثالث إبرامه والآثار القانونية التي تترتب عن هذا الإبرام، ثم نختم بالتطرق إلى توقفه وانتهائه و آثار هذا الانتهاء، وذلك في الباب الرابع. 

الباب الأول : التعريف بعقد الشغل وبيان عناصره الأساسية

إذا كانت المطالبة بالاستفادة من المقتضيات القانونية الشغلية تفترض أساسا وجود علاقة شغل تابع، فإن مثل هذه العلاقة الشغلية التبعية تنشأ كقاعدة بموجب عقد شغل، فالأصل أن العلاقة بين المشغل وأجيره ينشئها وينظمها العقد الذي يبرم برضاهما مع مراعاة القواعد القانونية الآمرة، والذي يسمى بعقد الشغل الفردي تمييزا له عن عقد الشغل الجماعي أو الاتفاقية الجماعية ، التي تبرم ما بين نقابة أو اتحاد نقابي أو أكثر للأجراء، وبين مشغل أو أكثر أو هيئة تمثلهم. 

 فما هو عقد الشغل الفردي، وما هما طرفاه، وما هي العناصر الأساسية التي يجب أن يتوفر عليها حتى لا يختلط بغيره من العقود التي ترد بدورها على العمل؟

ذلك ما سنتناوله في فصلين، نخصص الأول منهما لتعريف عقد الشغل ولتحديد طرفيه، ونتطرق في ثانيهما إلى بحث عناصره الأساسية التي تميزه عن غيره من العقود التي ترد على العمل. 

الباب الثاني : خصائص عقد الشغل وأشكاله وتمييزه عن غيره من العقود المشابهة

ينقسم عقد الشغل إلى عدة تقسیمات، وذلك بالنظر إلى معايير مختلفة، حيث يترتب على اختلاف أشكاله وأنواعه اختلاف الآثار القانونية المترتبة عليها، كما أنه كثيرا ما تدق التفرقة بينه وبين غيره من العقود التي ترد بدورها على العمل الإنساني، هذا بالإضافة إلى تمتعه بجملة من الخصائص التي تميزه عن غيره من العقود، وهي الأمور التي نتناولها في فصلين، نخصص أولهما إلى خصائص عقد الشغل وأشكاله ، ونتطرق في ثانيهما إلى التمييز بينه وبين غيره من العقود. 

الباب الثالث : إبرام عقد الشغل وآثاره

عقد الشغل من العقود الرضائية التي تبرم بمجرد تبادل التعبير عن إرادتين حرتين متطابقتين، وذلك دون اتباع شكل معين، حيث إنه في إبرامه يخضع للقواعد العامة المتعلقة بالعقود، والتي تتم وفق المبادئ التقليدية لقانون الالتزامات والعقود ، ويترتب على إبرام عقد الشغل، وعلى غرار غيره من العقود الملزمة للجانبي، آثار بالنسبة لطرفيه. 

لذلك، فإن هذا الباب سنقسمه إلى فصلين، نتطرق في أولهما إلى إبرام عقد الشغل، ونعالج في ثانيهما الآثار التي تتولد عنه. 

الباب الرابع : توقف عقد الشغل وإنتهاؤه

قد يتعرض عقد الشغل أثناء سريانه، ولأسباب مختلفة لتوقف، يعود بعده للسريان وقد تطرأ أسباب لا تؤدي فقط إلى توقفه، بل إلى إنهائه، وعليه نقسم هذا الباب إلی فصلين، نتناول في أولهما توقف عقد الشغل، ونتطرق في ثانيهما إلى إنتهائه. 

القسم الثالث : نظام الشغل وفق مدونة الشغل

إذا كان أساس علاقات الشغل هو عقد الشغل، وإذا كان هذا الأخير في الماضي هو الضابط الوحيد لحكم ولتنظيم علاقات الشغل التابع وفقا للمبادئ المدنية، التي تجعل العقد شريعة المتعاقدين، فإنه ومع تطور هذه العلاقات وتدخل المشرع لإعادة التوازن إليها، لم تعد علاقات الشغل التابع محكومة فقط بموجب عقد الشغل، وإنما أصبحت هناك مقتضيات قانونية كثيرة تحكمها وتنظمها منذ إنشائها وإلى أن تنتهي. 

الأمر الذي تراجع معه ذلك الدور البارز الذي كان يقوم به العقد في علاقات الشغل لفائدة هذه المقتضيات القانونية، التي صارت تشكل نظاما خاصا لحكم ولضبط علاقات الشغل، حيث يتعلق بمجموعة من المواضيع التي كان الأجراء فيما قبل يخضعون من خلالها لعدة تعسفات من قبل المشغلين. 

وذلك تحت ستار مبادئ الحرية الفردية، لا سيما مبدأ سلطان الإرادة، لهذا فإن نظام الشغل يهدف أساسا إلى إلزام المشغلين باحترام الحد الأدني من الحقوق الخاصة بالطبقة الشغيلة المنصوص عليها قانونا، وذلك مثل تحديد ساعات العمل والراحة الأسبوعية والعطلة السنوية المؤدى عنها والسن الأدني للقبول في الشغل والحد الأدنى للأجور، إلى غيرها من الحقوق. 

وإذا كان لا يسعنا في هذه الدراسة تناول كل ما يتعلق بنظام الشغل بالمغرب، فإن الإحاطة الجزئية به تستلزم منا على الأقل التطرق إلى المقتضيات الخاصة بفتح المقاولات وبالدخول إلى الشغل والقيود التي ترد عليه (الباب الأول) وإلى مدة الشغل ومختلف العطل والتغيبات (الباب الثاني) فتدابير السلامة والوقاية الصحية ومراعاة الأخلاق الحميدة ( الباب الثالث)

الباب الأول : الدخول إلى الشغل وقيوده

من المعلوم أن الحق أو الحرية في الشغل المختار من طرف الأجير، يقع في صلب العديد من دساتير الدول، كما يقع في صلب دستور منظمة الشغل الدولية، فبدون الشغل، وبدون إقرار الحق فيه، وبلورة هذا الحق من خلال سياسة معينة، على المستويات التربوية والمالية والاقتصادية، تبقی مسألة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومستوى المعيشة اللائقة، والاكتفاء الشخصي، ضربا من الخيال هذا من جهة،

 ومن جهة ثانية فإن ممارسة الشغل التابع، إذا كان من الممكن في ظل الأوضاع القانونية السابقة عن مدونة الشغل، أن تنقلب من حق أو حرية، يمكن ممارستها أو عدم ممارستها، إلى التزام قد يقع على الأجير القادر عليه، 

فإن مدونة الشغل، في إحدى مستجداتها، قد منعت تسخير الأجراء قهرا أو جبرا، كما أن التشريعات المقارنة، ومع إقرارها بالحق أو بالحرية في مجال المشغل التابع، فإنها تضع قيودا على ممارسته، تهدف إلى حماية بعض الفئات، إما منعهم مطلقا من الشغل دون سن معينة، أو بوضع ضوابط لا يمكن السماح بالشغل بدون مراعاتها. 

وهكذا، لتناول هذا الباب، نقسمه إلى فصلين، نتعرض في أولهما إلى الدخول إلى الشغل، من خلال شروط و شکلیات فتح المقاولات، وتشغيل الأجراء، ونبحث في ثانيهما القيود التي ترد على الدخول إليه، والتي تتعلق بتشغيل كل من الأحداث والنساء، والمعاقين والأجانب. 

الباب الثاني : مدة الشغل ومختلفه العطل والتغيبات

يعتبر تدخل المشرع في مختلف الدول، لتنظيم أوقات الشغل من الإجراءات ذات الأهمية الكبيرة بالنسبة للأجراء، فتنظيم أوقات الشغل من المواضيع التي تشكل حقوقا والتزامات متبادلة. 

 وبالتالي فإن ترك أمر تحديدها إلى السلطة التقديرية لطرفي العقد على أساس حرية التعاقد، يؤدي بدون شك إلى تعسف المشغل في فرض المدة التي تناسبه، وإن كان ذلك على حساب قوة ووقت الأجير، الذي كثيرا ما يضطر إلى قبولها تحت وطأة الحاجة الاقتصادية،

 وذلك كما كان عليه الشأن في علاقات الشغل خلال مرحلة الرأسمالية الحرة ، وسيادة مبدأ سلطان الإرادة والعقد شريعة المتعاقدين، أي قبل تدخل الدولة في تنظيم علاقات الشغل، وتحديد ساعات العمل اليومي، وعيا منها أن العمل ساعات طويلة من شأنه أن يؤثر تأثيرا ضارا على صحة الأجراء، فضلا عن أثره السيء على نوع الإنتاج نتيجة إرهاق الأجير، بل أكثر من ذلك إن بعض الدول بتدخلها في تحديد وقت العمل، تتخذ الموضوع وسيلة لمكافحة البطالة، على اعتبار أن إنقاص ساعات العمل اليومي يتيح الفرصة لتشغيل عدد أكبر من الأجراء. 

لكل الاعتبارات السابقة عملت التشريعات المقارنة على تنظيم مدة العمل (الفصل الأول)، وإلى تقرير مجموعة من العطل المختلفة للطبقة العاملة، حفاظا على صحتها ولإتاحتها فرصة كافية للراحة والعناية بشؤون أسرتها ( الفصل الثاني)، مع تخويلها الحق في عطلة سنوية مؤدى عنها، وفي جملة من الإجازات الخاصة ببعض المناسبات، ورخصا للتغيب (الفصل الثالث). 

الباب الثالث : تدابير حفظ الصحة والسلامة والمحافظة على الأخلاق الحميدة

لقد كان الشغل وما يزال محفوفا بالكثير من المخاطر، التي من شأنها أن تعرض الأجير للكثير من الأضرار، خصوصا بعد أن اقتحمت الآلة كل ميادين الشغل تقريبا. 

وإذا كانت التشريعات قد نصت على القواعد القانونية التي تعوضه عما يمكن أن يصيبه من أضرار، سواء أثناء ممارسته لعمله بسبب القيام بهذا العمل، فإن هذه التشريعات، وعملا بمثل « الوقاية خير من العلاج » لجأت إلى سن القواعد التي تهدف إلى درء كل ما من شأنه أن يعرض الأجراء إلى الخطر، وكذلك إلى سن القواعد التي ترمي إلى المحافظة على صحتهم، وهو ما من شأنه أن يخفف من المخاطر المحدقة عادة بالعمال، ويساهم إلى حد ما في ضمان سلامة الأجراء. 

لهذا فإن التدابير الوقائية التي تلجأ إليها التشريعات في هذا الصدد، تتعلق بموضوعين اثنين، أولهما يهدف إلى ضمان صحة الأجير وقدرته على العمل ( الفصل الأول)، ويتعلق الموضوع الثاني بالبيئة والأدوات المستعملة فيها، وانطلاقا من مجتمعنا الإسلامي، وبيئتنا المحافظة، أهتم المشرع المغربي كذلك بالمحافظة على الأخلاق الحميدة داخل المؤسسة ( الفصل الثاني). 


المصدر كتاب الوسيط في مدونة الشغل للدكتور  عبد اللطيف خالفي 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-