العلاقات الدولية s1

العلاقات الدولية s1

العلاقات الدولية,كتاب العلاقات الدولية,العلاقات الدولية s1
العنوان من العلاقات الدولية للعلاقات العبر الوطنية  
تأليف الدكتورة  نعيمة البالي
الفصل   الأول S1
نوع المرجع كتاب 
السنة الجامعية    2018/2019
عدد الصفحات 142 ص
حجم الملف 12 ميگا
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
العلاقات الدولية s1,كتاب العلاقات الدولية,العلاقات الدولية

فصل تمهيدي : مفهوم العلاقات الدولية

العلاقات الدولية مصطلح مكون من كلمتين علاقات و دولية، أما كلمة : "العلاقات " التي هي جمع لكلمة علاقة فتفيد لغة مجموع الروابط التي تؤثر في طرفي أو أطراف العلاقة. 

وتفيد كلمة دولية بأن هذه العلاقات هي عبر وطنية تتجاوز حدود الدولة الواحدة. و استخدم مصطلح الدولية لفترة طويلة للإشارة إلى العلاقات بين الدول فقط، لكن هذه الفكرة تغيرت في وقتنا الحاضر لأن للعلاقات الدولية اليوم ساحة واسعة ومتشابكة من التفاعلات، وهي تتم بين كيانات عديدة وذات طبيعة مختلفة. وعندما نجمع الكلمتين نحصل على مصطلح العلاقات الدولية فما هو تعريف مصطلح العلاقات الدولية؟

يعني مصطلح العلاقات الدولية وجود فرع معرفي يدرس ويهتم بدراسة ما يحدث في المجتمع الدولي من أحداث. ظهر لأول مرة في القرن 18 بالضبط سنة 1780 وكان أول من استعمل مصطلح ( international) هو الفيلسوف الأنجليزي جيريمي بندام Jeremy Bentham الذي ترجم مصطلح Jus gentium والتي تعني عند الرومان القانون المنظم لعلاقاتهم مع مختلف أطراف أمبراطوريتهم بلفظة droit international. 

الدولة كفاعل رئيس في العلاقات الدولية هي ظاهرة متعددة الجوانب يصعب الاتفاق على تعريفها ومرد هذه الصعوبة والخلافات کون ظاهرة الدولة ظاهرة معقدة شديدة الغموض سواء فيما يتعلق بنشأتها أو بالتفاعل داخل كيانها.

والدولة حسب تعريفها القانوني هي جمع من الناس بقيمون على سبيل الاستقرار على إقليم معين، ويخضعون لسلطة عليا حاكمة ذات سيادة اذا نستنتج من هذا التعريف القانوني للدولة أنه لا يمكن أن تنشأ الدولة إلا إذا توافرت مجموعة من العناصر والمقومات وهي ثلاث عناصر : الشعب والإقليم والسلطة السياسية، وهناك من يضيف الاعتراف كعنصر رابع .

و تبقى هذه العناصر غير كافية لتكوين الدولة، إذ لا يمكنها التفاعل دوليا إلا إذا كانت دولة ذات سيادة لها شخصية قانونية.
وإذا ما تخلف ركن أو عنصر من العناصر السابقة الذكر لن نتكلم عن الدولة بمفهومها القانوني.

إذا العلاقات الدولية في مجموع العلاقات التي تنشؤها هذه الدولة مع غيرها من الفاعلين في المجتمع الدولين ويبقی تعريفها عملية صعبة، لانعدام وجود حدود مرسومة لها في الواقع، فلا يمكن فصلها عن الظواهر الاجتماعية الأخرى، تتطور مواضيعها بسرعة، لها ارتباط بالتطورات العلمية والتقنية والسياسية والبيئية، وتتعدد التعاريف بتعدد الفقهاء فلكل تعريفه الخاص به، ومن أمثلة التعاريف نجد تعریف :

1. هانس مورجنتو وكنيث تومبسون عام 1950" جوهر العلاقات الدولية في السياسة الدولية التي مادتها الأساسية الصراع من أجل القوة بين دول ذات سيادة ". 

2. رايت کوینمي " علاقات شاملة تشمل مختلف الجماعات في العلاقات الدولية سواء علاقات رسمية أم غير رسمية "

3. مارسل مبرل " كل التدفقات التي تعبر الحدود او حتى تتطلع نحو عبورها هي تدفقات يمكن وصفها بالعلاقات الدولية ، و تشمل هذه التدفقات بالطبع على العلاقات بين المجموعات العامة أو الخاصة التي تقع على جانبي الحدود كما تشتمل على الأنشطة التقليدية ، الدبلوماسية، المفاوضات، الحرب .....إلخ و تشمل أيضا تدفقات من طبيعة أخرى اقتصادية، مكانية ، رياضية ...إلخ "

4. ريمون أرون" تمثل العلاقات بين الوحدات السياسية الموجودة في العالم منذ عصر الدول المدينة الإغريقية وحتى الدولة القومية المعاصرة ". 

د. ستانلي هوفمان " العلاقات الدولية هي العوامل والنشاطات التي تؤثر في السياسات الخارجية وفي قوة وحدات مختلف أشكال الدول في العالم". 

ويمكن تصنيف هذه التعاريف إلى مجموعات ومحاور إما واسعة أو ضيفة، فهي ضيقة عندما نحصرها في بعدها السياسي ومصدرها "الدولة"

فتكون إما علاقات نزاع، وحروب، وعلاقات دبلوماسية ...) تتأثر هذه المجموعة بحالة المجتمع الدولي التقليدي بعد مؤتمر وستفاليا .

المجموعة الثانية توسع دائرة أطراف العلاقات الدولية لتشمل إلى جانب الدولة المنظمات الدولية سواء الحكومية وغير الحكومية، والشركات متعددة الجنسية، والرأي العام الدولي، فيركزون على روابط التعاون والتضامن على الساحة الدولية، إلى جانب العلاقات التنازعية والحروب ويعتبرون أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والبيئية وغيرها من العلاقات الدولية لا تقل أهمية عن العلاقات السياسية التقليدية.

وأخيرا مجموعة تؤمن بتعدد الفاعلين الدوليين ولكن نرتبهم إلى فاعلين رئيسيين وفاعلين ثانويين وهو المنظور الذي يقبل عليه أغلبية الفقهاء. 

خلاصة القول أنه لا يوجد تعریف جامع و شامل للعلاقات الدولية يتفق حوله جميع الباحثين فهو محل خلاف بينهم، ومرد هذا الجدل أن العلاقات الدولية كنتاج مجتمعي في تطور سريع ودائم مما يستلزم باستمرار إيجاد تعریفات جديدة لها، وتكييف القديمة منها بما يتماشى ويتناسب مع الأوضاع الدولية المستجدة، ويزيد من حدة هذا الجدل، اختلاف المنطلقات العقائدية والمنهجية التي تحرك كل باحث عند إقدامه وضع تعریف لهذا المصطلح. 

و من خلال دراسة مجموعة من التعاريف وجدنا أنها تتفق على أن العلاقات الدولية هي :

• ظاهرة واسعة من المبادلات المتداخلة التي تجري عبر الحدود الوطنية.
• لا تشتمل على العلاقات الرسمية بين الدول فقط، و إنما تشتمل على العلاقات الغير الرسمية. 
• حينما نتحدث على العلاقات الدولية فإننا غالبا ما لا نقصد العلاقات بين الدول فقط، و لكن العلاقات الدولية هي انعكاس لعدد كثير من الاتصالات بين الأفراد و نشاطات المنظمات الدولية و المؤسسات الثقافية.
• العلاقات السياسية الدولية في تلك العلاقات التي لها تأثيرات سياسية. 

العلاقات الدولية هي إذا تلك التفاعلات التي تتم بين الفاعلين الدوليين ،وقد استخدمنا تعبير الفاعلين الدوليين وليس الدول وذلك انسجاما مع الاتجاه الحديث في دراسة العلاقات الدولية، إذ لم تعد الدول الفاعل الوحيدفي النظام الدولي ولكن هناك فاعلين آخرين مؤثرين، فالشرط المطلوب لوجود الفاعل الدولي لم يعد السيادة ولكن القدرة على التأثير على مستوى النظام الدولي. 

فالعلاقات الدولية هي فرع من فروع العلوم السياسية، يهتم بدراسة كل الظواهر التي تتجاوز الحدود الدولية. علما بأنه لا يقتصر على دراسة أو تحليل الجوانب أو الأبعاد السياسية فقط في العلاقات بين الدول وإنما يتعداها إلى مختلف الأبعاد الاقتصادية والعقائدية والثقافية والاجتماعية... الخ. و كثيرا من الأشكال التنظيمية سواء كانت تتمتع بالشخصية القانونية الدولية أو لا. 

فنجد أن للعلاقات الدولية مجموعة من الأسماء هناك من سماها العلاقات الدولية وهناك من سماها السياسة الدولية أو الشؤون الدولية أو القانون الدبلوماسي أو السياسة الخارجية. 
كخلاصة نقول أن هناك مساران في العلاقات الدولية :

- مسار تقليدي، يقتصر على العلاقات بين الدول وهذا الاتجاه ينكر العلاقات التي تبرمها الدول مع غيرها من الفاعلين غير الدول وهو اتجاه متجاوز . 
- مسار أو تعریف عصري يضيف للدولة فاعلين جدد.

الفصل الأول : الفاعلون في العلاقات الدولية

إن العناصر المكونة للمجتمع الدولي كثيرة، لكن القانون الدولي لا يتوجه بالخطاب إلا لتلك العناصر ذات الفعالية والتي تلعب دورا في دينامية المجتمع الدولي، فهذه العناصر التي يتوجه لها القانون الدولي بالخطاب تسمی بأشخاص القانون الدولي العام، كانت الدولة في السابق هي الفاعل الوحيد في العلاقات الدولية لكن مفهومها يواجه تحديات هائلة، خاصة في ظل تعقد نسق العلاقات الدولية وتشابك بنية التفاعلات عبر الوطنية التي ما فتئ يشهدها العالم في الفترة المعاصرة. وتحديد الفاعلين الدوليين من القضايا الخلافية بين مختلف المقتربات التي سعت لتفسير العلاقات الدولية.

يعتبر أنصار المدرسة الواقعية بأن الدولة هي الفاعل الوحيد في العلاقات الدولية. فهي من تولد وتنتج التفاعلات الدولية، أما الفاعلون الأخرون فليس لهم الاستقلالية الضرورية عن مصالح دولهم في أغلب الأحيان ، كما هو الأمر بالنسبة للشركات متعددة الجنسية، أو يفتقدون للفعالية اللازمة كما هو الشأن بالنسبة للمنظمات الدولية التي تبقى مرتبطة بمدی تعاون الدول في تنفيذ قراراتها. تعتقد المدرسة الواقعية أن الدولة بقيت فاعلا رئيسيا في العلاقات الدولية لأنها تحتكر التحكم في الحرب والسلم وإن كان هذا لا ينفي تزايد فعالية الفاعلين الثانويين الذي أصبح يتصاعد وزنهم ويضع دور الدولة محل تساؤل. 

فالنظريات الواقعية، التقليدية منها و الجديدة تؤكد أن الدولة تبقى هي الفاعل الرئيسي، مادام أن بروز القوى عبر الوطنية لا يشكل في حد ذاته تغييرا هيكليا مهما في مكانة الدولة داخل الساحة الدولية.

فما يحدث على الصعيد العالمي حسب لیندا رايس هو تدويل الدولة الوطنية أكثر من الإقتصاديات الوطنية. و تعزيزا لهذه التصورات، يرى تيار الدولتيون الجدد، بدوره، أن الدولة مازالت مستمرة في الإحتفاظ بأدوارها ووظائفها رغم إكراهات العولمة.

اتجاه ثان يرى بأن هذا الطرح متجاوز ولا يدرك التحولات العميقة التي يشهدها النظام الدولي والتي من تداعياتها إفراز تحديات جديدة وفي نفس الوقت فاعلين جدد يستجيبون لهذه الديناميات.

ويري هذا الاتجاه الثاني ضرورة الاهتمام بالفاعلين الجدد سواء كانوا منظمات دولية أو شركات متعددة الجنسية ومنظمات غير حكومية، ومن المدارس الفقهية من توسع دائرة الفاعلين لتشمل الأفراد، فالأفراد لم يعودوا موضوعا للعلاقات الدولية بل شخصا من أشخاصها بدلیل تنامي ظواهر جديدة تؤثر كثيرا في العلاقات الدولية منها الإجرام والإرهاب، ونقصد هنا الفرد أو تنظيمات للأفراد.

فافتراض أن الدولة ليست هي الفاعل الأساسي على المسرح العالمي هو تصور الليبرالية الكلاسيكية. حيث ترى أنه ثمة فاعلين غير حكوميين مستقلين عن الدولة لهم القدرة على الفعل في الساحة العالمية.

وينتقد هذا التيار العبر وطني تركيز النظرية الواقعية على الدول باعتبارها الفاعل الأساسي في العلاقات الدولية، و يؤكد على بروز فاعلين جدد  وقوى جديدة ذات قدرة على صنع "السياسات العالمية". 

و مهما تكن التحولات العالمية و حجمها و تأثيرها على شكل التنظيم السياسي القائم، فإن الدولة مازالت تحتل مكانة مركزية على المسرح العالي الجديد بالنظر لما تحظى به من عناصر قوة تجعلها قادرة على التكيف مع المتغيرات الجديدة.

سندرس موضوع الفاعلين الدوليين من خلال دراسة الدولة كفاعل مركزي في العلاقات الدولية، والمنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسية والمنظمات غير الحكومية كفاعلين ثانويين.

يؤكد الواقع من خلال المخاطر التي يشهدها العالم في كثير من المجالات أن الدولة كإطار لضبط العلاقات الاجتماعية والعلاقات مع محيطها باقية على الرغم من التغيرات التي عرفها النظام العالمي إذ أن التنبؤات بنهاية الدولة غير واقعية، فهي لا تزال تشكل مركز التفاعلات الإستراتيجية التي تشهدها العلاقات الدولية.

تزايد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عدد الدول في منظمة الأمم المتحدة وانتقل من 51 دولة تلك التي وقعت میثاق سان فرانسيسكو إلى أزيد من 192 دولة وهو رقم فيه خلاف بين القانونيين والجغرافيين، مع ملاحظة أن هذا الرقم مرشح للإرتفاع بسبب حركية المنتظم الدولي الذي يعرف تفتت مجموعة من الدول كما هو الشأن بالنسبة لكوسوفو أو دول استقلت مؤخرا في خضم ما عرف بالأزمة الروسية الجورجية وهي أوسيتيا الجنوبية وبخزيا. 

لجميع الدول نفس العناصر التكوينية ونفس الوضعية القانونية مما يولد الإقتناع بخضوعها لمبدأ المساواة في تعاملها مع بعضها البعض. لكن الإختلاف الكبير يتعلق بمكانتها في النظام الدولي أي الأدوار التي تضطلع بها في المجتمع الدولي، فالنظام الدولي يوصف بأنه غير متكاف، توجد فيه دول قوية وأخرى ضعيفة.

الفصل الثاني : الفاعلون الثانويون في العلاقات الدولية

أفرزت التطورات التي عرفها العالم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فاعلين جدد في العلاقات الدولية.

فأضحى في الوقت الحاضر كيانات دولية جديدة تضطلع بدور مواز لدور الدولة في إطار المنظومة الدولية، وإن لم يكن بديلا عنها في بعض الأحيان.

اتخذت هذه الكيانات الدولية الجديدة أشكالا قانونية شتى منها منظمات دولية حكومية، إلى جانب الشركات متعددة الجنسية، و ما أصطلح على تسميته حديثا مؤسسات " المجتمع المدني الدولي" كالمنظمات غير الحكومية وجماعات الضغط الدولية.

فما هم الفاعلون الجدد في العلاقات الدولية وإلى أي حد يساهمون في تكثيف أواصر التعاون بين الدول؟ سندرس في مبحث أول المنظمات الدولية، ونخصص المبحث الثاني للقوى العبر وطنية.

الفصل الثالث: مبادئ وأسس العلاقات الدولية ونظرياتها


المصدر كتاب من العلاقات الدولية للعلاقات العبر الوطنية للدكتورة نعيمة البالي
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-