القضاء الإداري المغربي s6

القضاء الإداري المغربي s6

القضاء الإداري المغربي,القضاء الإداري s6,كتاب القضاء الإداري المغربي
العنوان    القضاء الإداري المغربي  
تأليف الدكتور       حسن صحيب 
الفصل    السادس قانون عام 
نوع المرجع   كتاب   
الطبعة     الثانية 2019
عدد الصفحات671 ص
حجم الملف78MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
القضاء الإداري المغربي,القضاء الإداري s6,كتاب القضاء الإداري المغربي

تقديم

   لقد أعطى المشرع المغربي منذ سنه لأولى النصوص القانونية سنة 1913 للمادة الإدارية مكانة متميزة سواء في ظهير التنظيم القضاني (الفصل 8) أو في ظهير الالتزامات والعقود ( الفصلان 79 و80 ) أو في ظهير المسطرة المدنية لسنة 1913. وقد تزايدت أهمية ومكانة المادة الإدارية بعد إحداث المحاكم الإدارية بموجب القانون 90-41، وبإحداث محاكم الاستئناف الإدارية سنة 2006.

   وبالنظر لأهمية هذه المادة ذات الأصل القضائي آثرنا ضمن هذا المؤلف تناول جانب أساسي منها وهو القضاء الإداري. إننا نرمي من خلال هذا الكتاب إلى التعريف بالقضاء الإداري المغربي، باعتباره أحد أهم المواضيع الأساسية في القانون والنظام الإداريين في المغرب، وذلك من خلال إبراز الأهمية التي يحظى بها كحقل معرفي إن على المستوى النظري أو على المستوى العملي.

  إن هذا العمل يعتبر أساسا نتاجا لبحث على مستوى الدكتوراه، نشر الجزء الأكبر منه بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنية سنة 2008. وهو أيضا استمرار لمجهود بدأناء من خلال إصدار أول عدد من سلسلة دراسات وأبحاث في الإدارة والقانون في ميدان القانون الإداري المغربي خصصناه لمادة التنظيم الإداري، واصدار ثاني من نفس السلسلة حول الوسائل القانونية للعمل الإداري.

   ولعل الغاية هي نفسها التي تحدونا في هذا المؤلف الذي خصصناه بتوفيق من الله للقضاء الإداري المغربي في إخراج ثاني، لكن ضمن سلسلة دراسات وأبحاث في الإدارة والقانون. 

   ويتناول هذا الكتاب دراسة نظام القضاء الاداري في المغرب من خلال إبراز اهم الاختصاصات الكلاسيكية لهذا القضاء والتي أصبحت المحكمة الإدارية تبت فيها بعد احداثها ، سواء في إطار القضاء الإداري الشامل (دعوى المسؤولية الإدارية ، العقود الإدارية المعاشات ومنح الوفاة، الضرائب، نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، الانتخابات، الوضعية الفردية للموظفين)، أو في إطار قضاء الإلغاء (إبراز مختلف مراحل الطعن بالإلغاء، شروط الطعن بالإلغاء، الحالات الموجبة للطعن بالإلغاء، بعض الإشكاليات التي يطرح قضاء الإلغاء في مجال التطبيق)۔

   كما يتناول هذا الكتاب في جزئه الثاني مظاهر التغيير والتجديد الطارئة على بنية واختصاص القضاء الإداري، من خلال تنظيم وهيكلة نظام القضاء الإداري المغربي وتحديد اختصاصاته بعد إحداث المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية، وكذلك من خلال الحديث عن أنواع القضاء الإداري المحدثة في إطار قانون المحاكم الإدارية، ونخص بالذكر قضاء تقدير شرعية القرارات الإدارية والقضاء الإداري الاستعجالي.

  آمل أن تعم فائدة هذا الكتاب كل باحث وممارس ومهتم ومتتبع لمختلف جوانب الأعمال التي تقوم بها الإدارة في جانبيها القانوني أو القضائي.
والله ولي التوفيق

الجزء الأول : تكريس القانون المحدث للمحاكم
الإدارية للاختصاصات القديمة للقضاء الإداري

   يحتل القضاء الإداري مكانة هامة داخل التنظيم القضائي، حيث يلعب دورا بارزا في تحقيق العدالة، ومن هذا المنطلق فالقضاء الإداري يتضمن عدة خصائص تجعله يختلف عن القضاء المدني. 

  وتتمثل أساسا في تميز قواعده الموضوعية والمسطرية. فالقضاء الإداري بدوره الإنشائي للقاعدة القانونية وتطبيقها على الواقعة العارضة حسبما تقتضيه المصلحة لاسيما عند عدم وجود نص قانوني، يساهم في تحقيق احتياجات المرافق العامة وحسن تسييرها ويضمن حماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية.

  إن القضاء الإداري المغربي الذي تأسست قواعده منذ سنة 1913 وترسخت بعد الاستقلال بإنشاء المجلس الأعلى سنة 1957 واصلاح النظام القضائي سنة 1974 وأحداث المحاكم الإدارية سنة 1993، يجعلنا نعتقد أن النظام القضائي المغربي عرف الازدواجية في جوهره كما هو معمول بها في فرنسا. 

  ومن ثم فإن التطور الذي عرفه القضاء الإداري على مر مختلف المراحل التاريخية جعله نظاما مكتملا في مختلف جوانبه. فإذا كانت المحاكم العادية تنظر في القضايا المدنية وتطبق القانون الخاص، وتبت في القضايا الإدارية وتطبق القانون الإداري، ويتلقى المجلس الأعلى طلبات الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة، فإن إحداث المحاكم الإدارية بعد مصادقة مجلس النواب على قانون 41-90، شكل تطورا حثيثا في أفق استكمال دعائم دولة الحق والقانون، وأسس لوضع ضمانات قانونية تحمي حقوق وحريات الأفراد.

   بحيث أصبحت هذه المحاكم هي التي تنظر في مختلف دعاوی تجاوز السلطة ودعاوى القضاء الشامل، التي كان أمر البت فيها يرجع للمجلس الأعلى والمحاكم القضائية العادية. وبذلك حدد قانون 90-41 اختصاصات المحاكم الإدارية وطبيعة المسطرة المتبعة أمامها في هذه الدعاوى التي تعتبر نواة القضاء الإداري المغربي منذ إنشائه سنة 1913 بصدور أول ظهير للتنظيم القضائي المحدد للاختصاص القضائي في المادة الإدارية على مر تصوره التاريخي ، واكتمال أسسه یإحداث المجلس الأعلى سنة 1957 المنشئ للطعن بالإلغاء ، بسبب الشطط في استعمال السلطة وانتهاء بصدور قانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية، الذى عمل من خلال أحكامه على تكريس تلك الاختصاصات الكلاسيكية التي كانت تبت فيها المحاكم القضائية قبل سنة 1994، وأخيرا بصدور قانون 03-80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية. 

   إن اختلاف مركز الإدارة عن مركز الأفراد أمام القضاء يجعل الإدارة تتمتع بامتيازات كبيرة سواء بالنسبة لرفع الدعوى والأحكام الصادرة فيها، أو تنفيذ هذه الأحكام الصادرة في مواجهتها، وعلى الرغم من ذلك فإن العلاقة الجدلية بين حقوق الأفراد وحرياتهم من جهة، وسلطات الإدارة المتسعة من جهة ثانية ساعدت على إنشاء المنازعات الإدارية التي يرجع للقضاء الإداري دور كبير في حلها. 

  وباعتبار القضاء يتوفر على خاصيتي الاستقلال والاختصاص وارتكازه على مبدأ الشرعية الذي يجب على الجميع حاكمين أو محكومين الامتثال له، فإن اللجوء إليه يبقى الوسيلة التي تعطي أحسن الحلول وأسلمها. ومن ثم يمكن تصنيف الدعاوى الكلاسيكية التي تنظر فيا المحاكم الإدارية إلى شقين رئيسين :

- دعوى الإلغاء أو الطعن بسبب تجاوز السلطة : وهي دعوى بإلغاء قرار إداري غير مشروع. 
- دعوى القضاء الشامل : وهي دعوى يرفعها صاحب الشأن ضد الإدارة لاعتدائها على مركزه القانوني الشخصي، بإنكارها ما يدعيه قبلها من حق، أو منازعتها إياه في مداه مطالبا القضاء أن يحكم له على الإدارة بفعل شيء أو بدفع مبلغ من المال. 

   وتختلف دعوى الإلغاء عن دعوى القضاء الشامل من حيث الاختصاص والمسطرة والموضوع والحكم في الدعوى. فمن حيث الاختصاص فدعوى الإلغاء ترفع أمام القضاء الإداري، ونلاحظ أنها كانت قبل قانون 90-41 ترفع أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى. لكن بعد إحداث المحاكم الإدارية أصبحت من اختصاص هذه الأخيرة كدرجة أولى، أما دعوى القضاء الشامل فكانت تنظر فيها محاكم القضاء العادي ابتدائيا أمام المحاكم الابتدائية واستئنافيا أمام محاكم الاستئناف ونقضا أمام المجلس الأعلى (محكمة النقض)، إلا أن قانون 90-41، أسند الإختصاص بشأنها إلى المحاكم الإدارية من خلال المادة الثامنة. 

   ومن حيث الإجراءات والنفقات فإن دعوی الالغاء تمتاز بأنها أبسط في إجراءاتها وأقل في نفقاتها من دعوى القضاء الشامل.
ومن حيث الموضوع فإن موضوع دعوى الإلغاء هو خص شرعية العمل الإداري، فالمعني بالأمر يواجه قرارا إداريا ويطلب من القاضي إلغاءه لعدم شرعيته، ولذلك يسمى هذا النوع من القضاء بالقضاء العيني أو الموضوعي. أما موضوع دعوى القضاء الشامل فهو مرکز قانوني فردي ، حيث إن المدعي هو الذي يطالب بمركز قانوني معين، ينشئ له حقا تنازعه فيه الإدارة.

   ومن حيث الحكم الذي يصدر عن كل منها؛ ففي حالة دعوى الإلغاء فإن القاضي يفحص القرار المطعون فيه لكي يقرر ما إذا كان مشروعا أو غير مشروع، وفي حالة عدم مشروعيته يحكم
بالغائه.

   بيد أنه في القضاء الشامل توجد قاعدة تسمى في الفقه الفرنسي بقاعدة القرار السابق ومفادها أن من يدعي حقا له في مواجهة الإدارة، فإنه يجب عليه أن يلجأ إليها مطالبا إياها بالوفاء بما يدعي، فإن رفضت الاستجابة لطلبه صراحة أو ضمنيا أو بالسكوت، فإنه بعد مضي مدة 60 يوما يستطيع رفع دعواه أمام القضاء الإداري، ويبحث القاضي في وجود الحق ونطاقه. 

  وإذا تبين له ذلك فإنه يحكم للمدعي بأمرين، الأول بإلغاء قرار الإدارة الصريح أو الضمني، والثاني تحديد حقوق المدعي والحكم على الإدارة بالوفاء بها، وبناء على ذلك سيكون تصميم هذا الجزء كما يلي:

الباب الأول : دعوى القضاء الإداري الشامل
الباب الثاني : دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة.

الجزء الثاني : مظاهر التغيير والتجديد الطارئة على بنية واختصاص القضاء الإداري المغربي

   إن إحداث المحاكم الإدارية قد شكل بالفعل محطة هامة في تاريخ النظام القضائي المغربي، لا سيما وأن ذلك يندرج ضمن سياق توطيد دعائم دولة الحق والقانون وتوفير الضمانات القضائية الكفيلة بحماية حقوق وحريات الأفراد، وإذا كانت هذه المحاكم تقوم بدور إيجابي، كما يبرز ذلك  الواقع العملي، في ترسيخ مبدأ المشروعية وتكريس العديد من المبادئ الأساسية في القانون الاداري، فإن ذلك لن يبلغ مداه إلا إذا أحيطت هذه الأجهزة المتخصصة في المادة الإدارية بالعناية الفائقة التي تستحقها.

   لقد احتضنت أحكام قانون المحاكم الإدارية مختلف الدعاوى الإدارية التي كانت تفصل فيها المحاكم القضائية، سواء تعلق الأمر بدعاوى القضاء الإداري الشامل أو بدعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة. بل يمكن القول أنه بالإضافة إلى هذه الاختصاصات القديمة التي سبق أن تناولناها بالتحليل في الجزء الأول، نجد تعديلات أساسية طرأت على النظام القضائي المغربي يمكن إبرازها سواء على مستوى هيكلة وتنظيم القضاء الإداري، أو على مستوى خلق أنواع جديدة من المنازعات تنضاف إلى هذا القضاء.

   إن التغيير الذي حدث على مستوى هيكلة النظام القضائي المغربي، بصدور قانون 41-90 ودخول مقتضياته إلى حيز التطبيق، جعل العديد من الفقهاء" يقرون بازدواجية القضاء، ناسين أو متناسين بأن الاختصاصات التي كانت تبت فيها المحاكم القضائية في المادة الإدارية هي نفسها التي تضمنها قانون المحاكم الإدارية وبنفس الإجراءات .

   لذلك فإنا نعتقد أن الجديد الذي أتى به هذا القانون على مستوى بنية النظام القضائي تمثل أساسا في إبراز وتبيان الازدواجية القضائية التي كانت مغفلة قبل 1993. وبالتالي فإن الحديث عن الاستقلالية التي يتميز بها القضاء الإداري سواء على مستوى قواعده الموضوعية أو على مستوى إجراءاته المسطرية لم يكن وليد هذا الإنشاء، بل كان ملازما له منذ ولادته سنة 1913.

   وفي المقابل فإن التغيير الذي طرأ على بنية وتنظيم القضاء الإداري بعد سنة 1993، من خلال إعادة هيكلة الخريطة القضائية وتحديد مجال اختصاص القضاء الإداري في إطار القانون المنشئ للمحاكم الإدارية، وكذا قانون محاكم الاستئناف الإدارية (الباب الأول)، لا يشفع لنا للجزم بأن النظام القضائي المغربي قد انتقل من نظام وحدة القضاء إلى نظام ازدواجية القضاء على الطريقة الفرنسية من الناحية الشكلية.

   لقد أصبح نظام القضاء الإداري في المغرب يحتل مكانة أكبر من أي وقت مضى، لاسيما بعد إحداث محاكم الاستئناف الإدارية بموجب قانون 03-80. فإذا كان تنظيم القضاء في الدولة الحديثة يقوم على مبدأ تعدد المحاكم وتنوعها، ويقوم كذلك على مبدأ التقاضي على درجتين والذي بمقتضاه توجد محاكم للدرجة الأولى أو الابتدائية وأخرى للدرجة الاستئنافية ، بالإضافة إلى وجود هيئة قضائية عليا يوكل إليها أمر توحيد المبادئ القانونية التي تسري على جميع المحاكم، فإن صدور قانون محاكم الاستئناف الإدارية سيجعل التقاضي على درجتين في المادة الإدارية ممكنا. 

  وعليه فإن القضايا الإدارية تعرض ابتدائيا أمام المحاكم الإدارية واستئنافيا أمام محاكم الاستئناف الإدارية ونقضا أمام المجلس الأعلى، "في أفق إنشاء مجلس الدولة".

   وعلى الرغم من ذلك فإن المستجدات التي شهدها النظام القضائي المغربي أساسية وتستدعي الوقوف عندها بالدراسة والتحليل. وفي هذا الإطار نذكر الاختصاصات الجديدة التي أحدثت بعد صدور القانون المحدث للمحاكم الإدارية، وتتمثل في خلق مؤسسة الاستعجال الإداري التي تعتبر بحق مظهرا من مظاهر تطور ونضج القضاء الإداري المغربي. 

   فرئيس المحكمة الإدارية أو من ينوب عنه للقيام بهذه المهمة ينظر في القضايا الاستعجالية بصفته قضيا للمستعجلات (المادة 19)، ويزاول الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية أو نائبه مهام قاضي المستعجلات بالنسبة للأحكام المستأنفة عن المحاكم الإدارية، فيما يبقى المجلس الأعلى مختص بالبت في طلبات النقض ضد أحكام محاكم الاستئناف الإدارية في القضايا الاستعجالية. 

   ومن جهة أخرى تختص المحاكم الإدارية بفحص شرعية القرارات الإدارية وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 44 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية. بيد أن ما يمكن ملاحظته هو استثاء قانون 03-80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية لقضايا تقدير شرعية القرارات الإدارية من النقض، بحيث يقف المتقاضون في هذا النوع من القضايا عند درجة الاستئناف .

   على أن هذا الإختصاص "القديم- الجديد" الذي نشأ منذ سنة 1913 وعرف أزمة منذ إحداث الطعن بالإلغاء إلى حدود دخول أحكام قانون 90-41 حيز التطبيق سنة 1994، وأعيد بعثه من جديد ليخصص له باب مستقل ضمن قانون المحاكم الإدارية هو الباب الثامن، يجعله إلى جانب القضاء الإداري الاستعجالي اختصاصين حديثين ( الباب الثاني )، يساهمان في تثبیت ودعم دولة الحق والقانون وتوسيع قضاء حماية الحقوق والحريات.

على هذا الأساس سنتناول هذا الجزء في بابين كما يلي :
الباب الأول : تنظيم القضاء الإداريالمغربي في اطار القانون المحدث للمحاكم الإدارية،
الباب الثاني : أنواع القضاء الإداري المحدثة في إطار قانون المحاكم الإدارية

المصدر كتاب القضاء الإداري المغربي للدكتور  حسن صحيب 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-