العنوان | المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية العامة في التشريع المغربي |
---|---|
انجاز الطالب | أحمد الجراري |
تحت اشراف الدكتور | محمد يحيا |
نوع المرجع | اطروحة |
السنة الجامعية | 2013/2012 |
عدد الصفحات | 515 ص |
حجم الملف | 8MO |
نوع الملف | |
روابط التحميل | mediafire أو google drive |
مقدمة
خلال العشر سنوات الأخيرة ، عرف المغرب عدة إصلاحات جوهرية تروم تدعيم الشفافية و تحسين تدبير المالية العمومية, و ذلك من خلال توطيد الأسس التشريعية، الهيكلية والمؤسساتية بهدف الرفع من مستوى الأداء الإداري، وترسيخ ثقافة المرفق العام، ومحاربة مظاهر الفساد المالي والإداري, وتكريس الحكامة الجيدة ، من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال تدبير الشأن العام سواء على الصعيد المركزي أو الترابي.
ونظرا للانعكاسات السلبية لمظاهر الفساد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بادر المشرع المغربي في ظل هذه التحولات الجديدة والضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية التي يعرفها المحيط الإقليمي والدولي إلى نهج سياسة الإصلاح، وقد مست هذه الإصلاحات على العموم الإدارة والفاعلين فيها، باعتبارها قاطرة التنمية ومنطلقا ومرجعا للعمل في مجال التدبير.
ولقد ترسخ الاهتمام بهذا الموضوع بشكل أكثر منذ 2002، من خلال مجموعة من الإصلاحات الميزانياتية التي ترتكز على النتائج و الشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال إرساء الأسس التشريعية و المؤسساتية للدولة لمحارية مظاهر الاختلالات و ترسيخ قيم النزاهة و الشفافية في تدبير الشأن العام.
وقد شكلت التوجيهات الملكية بهذا الخصوص المنطلق والمرجع لمختلف الإصلاحات وعلى ضوئها سارت الحكومة بعد اعتماد اطار مرجعي للعمل تمثل في ميثاق حسن التدبير" الذي استهدف بالأساس توفير مرجعية مشتركة للمصالح العمومية في مجال التدبير، و نشر ثقافة المرفق العام من خلال إرساء مقاربة حديثة لتخليق الإدارة وتحسين أداء الفاعلين فيها.
وفي هذا الإطار، جاء البرنامج الحكومي لسنة 2002 لتحقيق أهداف أساسية للمشروع الإصلاحي، من خلال التأكيد على اتخاذ إجراءات عملية صارمة من خلال تفعيل الآليات القانونية والإدارية و ذلك بتعزيز الإطار المؤسساتي للوقاية من الرشوة و دعم المنظومة الوطنية للنزاهة و الأخلاقيات، و وضع الآليات القانونية المتعلقة بالتشريع الجديد حول التصريح الاجباري بالممتلكات، وإقرار المقتضيات القانونية الخاصة بضمانات الشفافية و النزاهة والتنافسية في ابرام و تفویت صفقات الدولة ، والتدبير المفوض من خلال خلق مجلس للمنافسة، ديوان المظالم قبل تحوله إلى مؤسسة الوسيط ؛ كما تم تحديد المسؤوليات في تدبير النفقات العمومية من خلال القانون رقم 99-61 و قانون 99-62 المتعلق بالمحاكم المالية لتقوية وسائل الرقابة الداخلية والخارجية.
وعلى الصعيد المحلي تم إصدار قانون المالية المحلية الجديد سنة 2010 تضمن مجموعة من المقتضيات تروم محاسبة المجالس المحلية، و مساءلة أجهزتها التنفيذية عن الأعمال المتعلقة بتنفيذ الميزانية المحلية بصور وطرق أكثر شفافية.
وقد شكلت قوانين المالية العمومية جزءا مهما من كل هذه الإصلاحات، حيث كان يطرح موضوع تنفيذ العمليات المالية والمحاسبية من صرف وتحصيل إشكالات عديدة بين المتدخلين في هذه العمليات، ومن هنا جاء تدخل السلطات العمومية المختصة لحل الإشكال المتعلق بعجز الميزانية و عدم توازنها خصوصا في ظل ندرة الموارد وتزايد ضغط النفقات العمومية.
فقد قامت الحكومة باعتماد مجموعة من الآليات المالية الجديدة ، و التي طالت تحديدا إصلاح الرقابة على تنفيذ الميزانية و شمولية الإعتمادات وتقييم النتائج و اعتماد إطار للنفقات على المدى المتوسط ؛ وفي هذا الإطار جاء الإصلاح المتعلق بالميزانية المرتكز على النتائج الذي شرع في تطبيقه منذ 2001 و قد تعزز اليوم بإصدار دستور جديد سنة 2011 وقد شكلت البنود المتعلقة بالمالية العمومية لبنة أساسية في مسار بناء الديمقراطية و دولة المؤسسات و الحكامة الجيدة، و التي تم تكرسها كمبادئ ملزمة لباقي قواعد التدبير المالي العمومي من إعداد وتنفيذ ومراقبة قوانين المالية.
وما میز دستور 2011 على مستوى مقومات الحكامة الجيدة هو تكريسه لقيم الشفافية و المسؤولية والمحاسبة، وإلزام أعوان المرافق العمومية باحترام القانون ، الحياد ، الشفافية النزاهة و المسؤولية. كما أصبحت المرافق العمومية ملزمة بتقديم الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية.
ومن بوادر هذا الإصلاح أيضا تخويل العديد من القطاعات مرونة أكبر للتصرف في الإعتمادات الموضوعة رهن إشارتها، وبالمقابل تم تحميل المتصرفين في هذه الإعتمادات مسؤوليات مباشرة في تحقيق النتائج و هو صلب موضوع هذه الأطروحة.
وقد هم هذا الإصلاح في هذه الفترة جل المتدخلين في تنفيذ الميزانية ضم 12 وزارة منهم حوالي 1500 آمرا بالصرف وآمرا مساعدا بالصرف و61 مراقبا للإلتزام بالنفقات و56 محاسبا عموميا مكلفا. وكان الهدف من وراء هذا الإصلاح منح هؤلاء هامشا أوسع من أجل القيام بالإختيارات الصائبة في مجال تدبير الميزانية ، وذلك من أجل تحقيق النتائج المثلى في مجال السياسات العمومية المتعلقة بالقطاعات التي يتحملون مسؤولية تدبيرها.
وفي إطار إقرار الشفافية في الولوج إلى المعلومات المالية وفقا للمعايير الدولية المعمول بها من لدن منظمة توحيد المعايير المحاسبية للقطاع العام ، تمت مراجعة نظام المحاسبة العمومية المعمول به منذ 21 أبريل 1967 من خلال تبني المخطط المحاسبي العام للدولة الذي يعد ترجمة للمعايير المحاسبية الدولية التي تتوخى ترجمة الوضعية المحاسبية الحقيقية للدولة بالانتقال إلى محاسبة الممارسة .
وتندرج كل هذه الإصلاحات في إطار الوعي الكامل بجسامة وخطورة التحديات التي تطرحها العولمة، والرهانات التي يتعين كسبها لتحسين المحيط العام الاقتصادي والسياسي والمالي. لهذا شرعت الحكومة وباقي المؤسسات الدستورية في تطبيق و تنزيل الإصلاحات على أرض الواقع، و البداية كانت في إطار قانون المالية لسنة 2013، حيث عملت الحكومة على مواصلة عملية التحديث المؤسساتي ، و توطيد دعائم دولة الحق و المؤسسات من خلال تسطير مخطط تشريعي .
وقد أولت الحكومة اهتماما خاصا بتسريع وثيرة الإصلاحات وتنزيل القوانين التنظيمية المتعلقة بإحداث المؤسسات الدستورية التي نص عليها الدستور الجديد؛ و يأتي على رأس هذه الإصلاحات الهيكلية و المؤسساتية الجهوية المتقدمة و التركيز الإداري و القانون التنظيمي للمالية و مدونة الصفقات العمومية ، و التعيين في المناصب العليا ....الخ.
وما يهمنا بالدرجة الأولى كباحثين في مجال الإدارة المالية و التنمية و خصوصا موضوع الأطروحة الذي يدور حول مجال تنفيذ و مراقبة الميزانية تشريعا و قضاء هو القانون التنظيمي للمالية، و الذي يأتي استجابة لتوجه الحكومة الرامي إلى عصرنة التدبير المالي العمومي وملاءمة طرق تنفيذ الميزانية مع مقتضيات الدستور الجديد لسنة 2011؛ وكذلك لمواكبة الدينامية الجديدة المرتبطة بالجهوية المتقدمة المعتمدة على الحكامة الترابية و التركيز الإداري و المساهمة في تقارب و انسجام السياسات العمومية، بالإضافة إلى أهمية دور القضاء في السهر على تطبيق هذه القوانين.
فهذا الإصلاح يرمي إلى تحقيق غايات و أهداف ثلاثة أساسية سنأتي على التفصيل فيها أثناء تحليل الموضوع وهي :
- تعزيز شفافية تدبير المالية العمومية.
- تحسين الدور الرقابي للبرلمان في هذا المجال.
- ربط المسؤولية بالمحاسبة للقائمين على تدبير الشأن العام تحت أعين و مراقبة القضاء.
فالحكومة المغربية قد فتحت عدة أوراش للإصلاح، وطرحتها للنقاش العمومي ، و في هذا الإطار ، تم تنظيم ندوات و موائد مستديرة حول إصلاح القانون التنظيمي للمالية ، ولعل أهمها اليوم الدراسي الذي نظم بمقر البرلمان في أواخر سنة 2011 والذي مكن من تكوين لجنة تقنية ضمت ممثلين عن لجنة المالية و التنمية الاقتصادية بمجلس النواب وممثلين عن وزارة الاقتصاد و المالية من أجل إغناء هذا المشروع قبل إدراجه في مسلسل مسطرة التشريع.
وبالإضافة إلى ذلك كرس الدستور الجديد استقلالية المؤسسات المكلفة بالحكامة الجيدة منها مجلس المنافسة الهيئة الوطنية للنزاهة و محاربة الرشوة ، وهي مؤسسات وضعها المشرع لتساعد باقي المؤسسات الدستورية لرسم خريطة الإصلاح الشامل و مواكبته.
وبعد هذا التقديم المقتضب، سوف نأتي على تعريف ماهية موضوع الأطروحة و تحديد الإشكالية الرئيسية والإشكاليات الفرعية المرتبطة بها من خلال العناصر التالية (...)
المصدر اطروحة المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية العامة في التشريع المغربي للطالب الباحث أحمد الجراري
تعليق