الإصلاح الإداري بالمغرب دور الإدارة الإلكترونية في تحديث الإدارة العمومية - وزارة العدل نموذجا -

الإصلاح الإداري بالمغرب دور الإدارة الإلكترونية في تحديث الإدارة العمومية - وزارة العدل نموذجا -

رسالة الإصلاح الإداري بالمغرب  دور الإدارة الإلكترونية في تحديث الإدارة العمومية - وزارة العدل نموذجا -
العنوان    الإصلاح الإداري بالمغرب دور الإدارة الإلكترونية في تحديث الإدارة العمومية وزارة العدل نموذجا 
انجاز الطلبة      فائزة غيور 
تحت اشراف الدكتور    عبد الفتاح عودة
نوع المرجع   رسالة  
السنة الجامعية     2017/2016
عدد الصفحات108 ص
حجم الملف3MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
رسالة الإصلاح الإداري بالمغرب  دور الإدارة الإلكترونية في تحديث الإدارة العمومية - وزارة العدل نموذجا -

مقدمة

   يعود أصل كلمة الإدارة إلى اللغة اللاتينية "administrare " وتعني الخدمة والمساعدة والتوجيه، ولقد استعملت الكنيسة هذا المصطلح واحتفظت بنفس المعنى، في إطار ما يسمى ب " إدارة الأسرار المقدسة "، ومع ظهور الدولة الحديثة، فإن مفهوم الإدارة حافظ على نفس المضمون، وأصبحت الإدارة الحديثة تتمثل في تلك الأجهزة التنظيمية التابعة للدولة، مركزية أو لا مركزية. والتي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة عبر تقديم الخدمات إلى المواطنين وضمان حقوقهم وكذا مساعدتهم على القيام بواجباتهم، باعتبارها منتجة للحقوق والالتزامات والعقود. 

   وتكمن أهمية الإدارة في أن الإنسان منذ القدم يعيش مع الجماعة، لأنه مدني بطبعه لا يحب أن يعيش منعزلا عن الناس، فهي إذن وسيلة مهمة لتسيير أمر الجماعة والفرد نحو أهدافها، وكذلك مهمة لتسيير أمور المؤسسة نحو تحقيق أهدافها، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، تجارية أم صناعية، إنتاجية أم خدماتية، وعلى الرغم من وجود بعض المؤسسات التي حققت نجاحا بدون إدارة فعالة، إلا أن هذا لا يعني أن التقدم الحضاري يقوم بدون جهود الإدارة. فالإدارة هي المسؤولة عن نجاح المنظمات داخل المجتمع، لأنها قادرة على استغلال الموارد المالية والبشرية.

   لكن نقص الخبرة الإدارية جعلها في موضع متخلف. كما أن نجاح خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيقها لأهدافها لا يتم إلا بحسن استخدام الموارد المالية والبشرية المتاحة، وكذلك الأمر فيما يخص نجاح المشاريع المختلفة في جميع الأنشطة الاقتصادية والزراعية والصناعية والخدماتية، ولا شك أن استخدام الموارد المتاحة دون إسراف أو تقصير يتوقف أساسا على كفاءة الإدارة في مجالات النشاط المختلفة. 

   فالإدارة تلعب دورا كبيرا في تقدم الدول وتخلفها، فاستغلال الموارد المادية والمعنوية واستثمارها الاستثمار الأمثل يعتمد أساسا على مدى وجود إدارة ذات كفاءة عالية، فهناك العديد من الدول التي تملك الموارد المادية والمعنوية ولكن افتقارها للإدارة الجيدة والفعالة جعلها في مصاف الدول المتخلفة، فالدور الأساسي للإدارة هو توجيه المؤسسة أو المنشأة أو الوحدة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية نحو تحقيق أهدافها بأقل تكلفة وأسرع وقت، فالإدارة هي المسؤولة عن تنفيذ سياسات الدولة، ونجاح تلك السياسيات والمشاريع في جميع الأنشطة يتوقف أساسا على كفاءة وفاعلية الجهاز الإداري، ومن هنا نجد أن نجاح خطط التنمية مرتبط بمستوى كفاءة المرفق العام.

   كما تجسد الإدارة مظهرا أساسيا لنشاط الدولة الرامي إلى تلبية الحاجيات المختلفة للأفراد في شتى المجالات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار من الجودة والفعالية. 

   وقد زاد حجم تدخل الإدارة في العديد من المشاريع، نظرا لحاجة الأفراد للخدمات مما يفرض عليها بشكل ملح تطوير آليات اشتغالها وتوفير مقومات عملها من موارد بشرية ومالية وعلمية وتكنولوجية حتى تكون مواكبة للمستجدات الدولية .
فنتيجة لتوسع اختصاصات الجهاز الإداري في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية تعقدت هيكلته وبرزت البيروقراطية، بمعناها السلبي، داخله واستفحلت أمراضه، وهذا ما جعل الإصلاح الإداري يحتل الأولوية في تفكير علماء الإدارة والحكومات.

   وإذا ما انطلقنا من رؤية عامة تقارب الجهاز الإداري على أنه مجموعة أنماط سلوكية للأفراد العاملين في جهاز الدولة والجماعات مترابطة بينها بموجب ضوابط سلوكية رسمية تجسدها القوانين والمساطر والتعليمات، وغير رسمية كالعادات والتقاليد والأعراف موجهة لتنفيذ سياسات الدولة في إطار الإمكانات المتاحة، فإن النتائج الأولية لهذا المنطلق تحتم ابتداء لعملية الإصلاح الإداري ضمن بيئة سياسية ومحيط اقتصادي ووسط اجتماعي ثقافي.

   وهذه النظرة الشاملة هي التي تحقق الهدف الأساسي لأية عملية إصلاح إداري تستهدف تحقيق تنمية دائمة لأن الإدارة جزء فقط من الدولة على الرغم من أهميتها.

   أما عند دراسة واقع الإدارة العمومية المغربية، نلاحظ أنها تحتل مكانة خاصة في المجتمع المغربي، وذلك لارتباطها بمفهوم الدولة حديثا وقديما، وقد اعتمد المغرب منذ الفترة السابقة للحماية على الإدارة التقليدية كوسيلة لتسيير شؤونه، فهي إدارة تعتمد بشكل أساسي على المعاملات الورقية وما يتطلبه ذلك من وجود مستودع كبير لحفظ الوثائق والملفات، وضرورة المرور من خطوات عديدة قبل إنجاز أي خدمة مقدمة إلى المرتفق .

   ومن أجل إصلاح الإدارة، شكل المغرب سنة 1981 لجنة وطنية للإصلاح الإداري، إذ فحصت المشاكل التي تواجه الإدارة، وأصدرت مجموعة من التوصيات إلا أن غالبيتها تمحورت حول المشاكل القانونية، كمراجعة القانون الأساسي للوظيفة العمومية وإصلاح الهياكل الإدارية.

  وجاء تقرير البنك الدولي لسنة 1995 صادما لواقع الإدارة المغربية ودعا إلى إصلاحات مستعجلة، معتبرا أن طرق تسيير الإدارة تقليدية كما انكبت مجموعة من المناظرات الوطنية على دراسة وفحص الإشكالات التي تعاني منها الإدارة العمومية، حيث خرجت في مجملها بأمرين مهمين أولهما رصد الاختلالات التي تعيشها الإدارة، وثانيهما طرق الإصلاح والتدابير الواجب اتخاذها وعلى الرغم من الإصلاحات العديدة التي همت البنيات الإدارية، وكذلك النصوص القانونية المنظمة للعمل الإداري، إلا أن الإدارة المغربية ظلت تعاني من عدة مشاكل واختلالات ومن عدة أزمات داخلية وخارجية، انعكست سلبا على جودة عملها، وعلى علاقتها بالمرتفقين، إذ أن تشخيص واقع الإدارة يبين وجود مجموعة من العراقيل التي تقف أمام تحقيق التنمية المنشودة. 

   لقد كانت هذه المشاكل أهم عامل حفز على التفكير في ضرورة تحديث الإدارة ومدها بالوسائل اللازمة لتحسين عملها، وإخراجها من محيطها المغلق، ولاسيما في ظل التحولات العالمية الكبرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والآثار الاقتصادية الناتجة عن العولمة التي تهم الإنتاجية والتنافسية، وبروز مفاهيم جديدة كحسن التدبير والحكامة الجيدة، مما يجعل المرفق العمومي أمام تحديات كبرى، إذ بات مفروضا عليها أن تطور وتجدد أساليب اشتغالها حتى تستجيب لانتظارات المواطنين وتكون أداة محورية في خدمة التنمية. 

   كما أصبح خطاب إصلاح الإدارة وتحديثها أكثر جدية مما قبل، وتم تكريس هذا التوجه في دستور 2011، الذي حث على تغيير أنماط التدبير الإداري والمالي، وتم اللجوء إلى التقنيات الحديثة للتنظيم المتمثلة في الحكامة الجيدة، وهكذا كان الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الأولى للسنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان، خطابا قويا معلنا في طياته عن " ثورة إصلاحية كبرى " على مستوى إحدى أهم القطاعات الاستراتيجية المعول عليها للوصول إلى مصاف الدول الصاعدة، ألا وهو القطاع الإداري، والذي ما فتنت منظومته تعاني من اختلالات جمة، جعلته قطاعا "معطوبا" بالنظر إلى كونها اختلالات عميقة تقف عقبة أمام التنمية في شتى تجلياتها وتمس في الصميم صدق نوايا الإجراءات التحديثية للبنيات الإدارية القائمة ، مما استوجب بالضرورة لتجاوزها القيام بإصلاحات جوهرية وهيكلية. 

   كما - يؤكد الخطاب الملكي - " أن النجاعة الإدارية معيار لتقدم الأمم "، الشيء الذي يفرض التفكير الملي في تبني نمط جديد للتدبير الإداري، نمط يجعل من الإدارة رافعة حقيقية للتنمية الشاملة والمستدامة، وإلا فإن عكس ذلك سيشكل في المستقبل معيقا موضوعيا أمام طموح المغرب في الارتقاء الإيجابي في مصاف الدول السائرة بثبات نحو الصعود الإداري على وجه الخصوص. حيث يشير الخطاب نفسه في هذا الصدد إلى أنه "ما دامت علاقة الإدارة بالمواطن لم تتحسن؛ فإن تصنيف المغرب في هذا الميدان سيبقى ضمن دول العالم الثالث، إن لم أقل الرابع أو الخامس ".

   وبذلك فإن جوهر هذا الخطاب الملكي هو الدعوة الصريحة إلى بناء صرح الحكامة الإدارية وضمان انتقالها السلس من حكامة إدارية " سيئة " إلى حكامة إدارية " جيدة ".

   وتجاوزا للمشاكل والعراقيل والاختلالات الإدارية زادت أهمية التحديث والانتقال من الإدارة التقليدية إلى إدارة أخرى أكثر عصرنة، وانفتاحا وديمقراطية، في ظل ما يمر به العالم من مرحلة انتقالية تتميز بتحولات جذرية شملت كل المجالات، مرحلة ألغيت فيها الحدود، وانكسرت فيها القيود، وتعاظم بها دور تكنولوجيا المعلومات والاتصال، مما ساهم في تسريع وثيرة تحديث الإدارة العمومية ، حيث جاء في إحدى الرسائل الملكية على أنه " سيظل إصلاح الإدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بلادنا، إذ يتعين أن نوفر لأجهزتنا الإدارية ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها الأنترنيت، لتمكينها من الانخراط في الشبكة العالمية وتوفير خدمات أكثر جودة ".

   وعلى إثر هذا التوجه الملكي الساعي إلى مواكبة الإدارة للتطورات التكنولوجية، ثارت مجموعة من النقاشات الواسعة، أفضت بالنهاية إلى استلزام تبني صيغة للإدارة الإلكترونية من قبل الإدارة المغربية، التي تعد بمثابة علاج للاختلالات التي تعاني منها الإدارة المغربية، إذ ستشكل تحديثا وتجديدا لآلياتها، لأن مجموعة من المشاكل التي يعاني منها المرفق العمومي من قبيل انعدام مبدأ الشفافية، وبطء الإدارة في تدبير العديد من الملفات والإجابة على قضايا المرتفقين، ستجد حلولا لها في حالة الاستعانة والتأقلم مع الإدارة الرقمية. 

  وكنموذج للإدارة القضائية، فقد ساهمت الوسائل التكنولوجية الحديثة في تحقيق تغيير جذري لجميع إجراءات المحاكم بشكل عام، واستطاعت تحويل المحاكم التقليدية إلى محاكم إلكترونية عن طريق إدخال وسائل رقمية متقدمة (...). 

الفصل الأول : اختلالات الإدارة العمومية بالمغرب.

   تعد الإدارة العمومية أحد الوسائل والأجهزة الرئيسية التي تسهر على السير الجيد والأمثل لدواليب الدولة، والإدارة كمفهوم خاص هي علم وفن، تتضمن دراسة منهجية لمجموعة من المعارف والقواعد، كما تشمل إدارة منظمة للعمليات الموجهة في أي نشاط مع تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة، وتحقيق تنسيق وتكامل بين العاملين لتحقيق أهداف محددة.

   وتعتبر الإدارة العمومية المغربية مؤسسة ذات صبغة عمومية تابعة لوزارة من الوزارات الموزعة في الترتيب الوزاري المغربي، هدفها تقديم خدمات للمواطن في جميع المجالات، والتي تعتبر حق لكل مواطن دون اللجوء إلى الوسائل غير القانونية والظواهر غير المرغوب، فيها داخل المجتمع كالرشوة والمحسوبية والزبونية وغيرها من الاختلالات.

   لكن رغم ما يعرفه العالم اليوم من تحولات على المستوى التكنولوجي والمعلوماتي ودخوله عصر العولمة والسرعة، لازالت إدارتنا تعاني من ضعف مستوى خدمات مؤسساتها بشكل يثير غضب المواطنين، زيادة على ما تعرفه هذه الوحدات الإدارية من مجموعة من الاختلالات المختلفة التي تسيطر عليها وتجعلها غير قادرة على لعب دورها الرئيسي في التنمية ووجود حکامة إدارية لذا فإن أي حديث عن تجاوزات الإدارة لا يمكن أن يتم دون تشخيص دقيق لتجليات الاختلالات بالإدارة العمومية، ثم الآثار المترتبة عنها.

وبالتالي فإننا نقترح تقسيم هذا الفصل على الشكل التالي:
المبحث الأول : تجليات الاختلالات بالإدارة المغربية
المبحث الثاني : آثار الاختلالات الإدارية.

الفصل الثاني : نحو مقاربة حديثة لإصلاح الإدارة العمومية.

  بوصول التيارات العولماتية الداعية إلى احترام الحقوق والحريات، واعتماد الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومع ازدياد الوعي بكون الإدارة تشكل أداة حقيقية للتنمية والتنافسية، في ظل التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يعرفها العالم، بدأ المغرب يولي أهمية كبرى للإصلاح الإداري، الذي أصبح له مكانة هامة خاصة مع تقرير البنك الدولي لسنة 1995 حول الإدارة المغربية، والذي أبرز هشاشة وهزالة وضعيتها وتقادم آلياتها وأساليبها وإغراقها في المركزية والبيروقراطية والبطء والروتين، وهو ما يعيق جهود التنمية وتشجيع الاستثمار. 

   وعلى الرغم من كل هذا الاهتمام الذي يعرفه موضوع الإصلاح الإداري، إلا أن الملاحظ أن السمة الأساسية التي طبعت الإدارة المغربية، هي كثرة البرامج الإصلاحية المعتمدة مع غياب التفعيل وفي تحقيقها على أرض الواقع ، وهو ما يضع الإدارة المغربية في وضع حرج، لا سيما بعد بروز تحديات جديدة تواجه الإدارة في عصرنا الحالي وهي تحديات فرضتها العولمة، ويتعلق الأمر بالتحدي التكنولوجي الذي يفرض على الإدارة تقديم الخدمات العمومية بأقل تكلفة وبسرعة أكبر، إضافة إلى اعتماد التقنيات الحديثة للتواصل وذلك كمقاربة حديثة الإصلاح الإدارة العمومية المغربية .

وعليه سنحاول تقسيم هذا الفصل إلى ما يلي :
المبحث الأول : الإدارة الإلكترونية كآلية للإصلاح الإداري 
المبحث الثاني : دور الإدارة في تحديث الإدارة القضائية 


المصدر رسالة الإصلاح الإداري بالمغرب دور الإدارة الإلكترونية في تحديث الإدارة العمومية - وزارة العدل نموذجا - للطالبة فائزة غيور 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-