الجبايات المحلية أي مدخل لمقاربة النوع الإجتماعي

الجبايات المحلية أي مدخل لمقاربة النوع الإجتماعي

الجبايات المحلية أي مدخل لمقاربة النوع الإجتماعي
العنوان    الجبايات المحلية أي مدخل لمقاربة النوع الإجتماعي 
انجاز الطالبة      صبرا الحلا 
تحت اشراف الدكتور   عسو منصور 
أحمد مفيد 
نوع المرجع   رسالة   
التخصص    الدستور والحكامة المالية
السنة الجامعية     2017/2016
عدد الصفحات122 ص
حجم الملف1MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
الجبايات المحلية أي مدخل لمقاربة النوع الإجتماعي

مقدمة

   دراسة " النوع" حقل معرفي متعدد الاختصاصات ، ومقاربة تقنية لهوية " الجندر" المرتبط ب( الذكورة) أو (النسائية) في التمثيل ، داخل بقعة ترابية محددة ومنظمة ، والجماعة الترابية مؤسسة قانونية مبنية على مساواة النوع وعلى التعددية والفعل السياسي ، لبناء هوية أو استقلال جماعي عادل ومتوازن، انطلاقا من قانون واقتصاد وتنظيم العائلة أو الزواج .

   إن الجماعة المحلية والدولة والمجتمع المدني والمجتمع الإنساني ، مؤسسات يرسمها قانون المواطنة ( في حدود ترابية معينة مع مضمون أممي للمواطنة الكونية)، و"النوع" نتاج ثقافة الفرد والحق والمساواة ، وخلاصة لتطور حقوق الإنسان ودولة القانون ، ويجيب النوع الاجتماعي" عن سؤال واقع المرأة في مجتمعنا الحديث ، ضمن توقعات الإنسان المعاصر بأفكاره المختلفة بين ثقافات متعددة ، وفي تركيز عميق يتجاوز العالم قانونيا وتنظيميا فجوة النوع بين الجنسين (الذكر والأنثی) ، بغية إقرار مجتمع المساواة والعدالة. 

   ولن تكون "عدالة النوع" دون "العدالة الترابية" التي تضمن بيئة جماعية ديمقراطية ومنظمة في إقليم ترابي محدد كي يتمكن مواطنوه من أداء وممارسة حقهم الجماعي بشكل متساو بين النوعين : "الذكوري" و"النسائي" والنوع العابر لهما. 

   ومقاربة النوع في " الجماعة المحلية" تقاطع بين الاقتصاد والجغرافيا والسياسة والقانون والإدارة والإعلام الجهوي ، مع امتداد هذه الأبعاد في السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا والفنون التي يختص بها النساء أو الذكور في جماعة ترابية متميزة عن أخرى .

   لقد حدد أكاديميون هذه المقاربة في علاقتها بعوامل : الطبقة والبعد المحلي والعرقي والوطني لتحليل سوسيولوجيا صراع الجماعات لتغيير المجتمع ، والمسألة هنا لا تتعلق عند البعض ، ب (صراع ) أو (تغيير) ، بقدر ما تقترن في التجربة المغربية مثلا بالتحول الهادي من خلال احتواء جماعي وعام لمفاهيم التعدد والتعددية وهضمها وتنزيلها في القوانين والإجراءات وهذه الرؤية متجذرة وواعية للتطور الكرونولوجي لمقاربة النوع التي انتقلت إلى ثقافتنا المغربية من الفكر الوجودي تحديدا ، منذ قالت ( سيمون دي بوفوار) في كتابها "الجنس الثاني" في 1949: لا نولد امرأة بل تصبح أو تتحول إلى امرأة .

   هذه المقولة أسست معنى آخر قال بأن النساء لسن جنسا آخر ، بل نوعا من الجنس البشري الواحد ، ومن مسؤولية الجميع تعزيز مقاربة "النوع" لحقوق متساوية بين الرجل والمرأة وهذه الانطلاقة من علم الاجتماع لم تمنع من اجتياح باقي العلوم ، القانونية والاقتصادية لأن من المهم أن تكون المرأة في كامل ذاتها وأبعادها إلى جانب "نوع" الرجل .

   واختلف الأكاديميون حول مقاربة النوع منذ دخوله "علم النفس" فانقسم بين رافض لها (جاك لاكان) ومقبل عليها (جوديث بوتلر) ، فيما توجد عليها علماء الاجتماع ، تحت عنوان (سوسيولوجيا النوع) .

   وبقيت آثار المعرفة الإنسانية منقسمة حول " مقاربة النوع " على صعيد الاختصاص والأبعاد ، خصوصا وأن الرأي القانوني يرفض بطريقة باتة هذه المقاربة ، إلا في حدودها التقنية ، كي يساهم مجتمع القانون في تحقيق المساواة بين أفراده ، فتكون هذه المقاربة " تقنية ومؤقتة" .

  وستعيش هذه المقاربة المعرفية في السوسيولوجيا ممتدة إلى السياسة ، لتجسد في التجربة المغربية معیارا رئيسا للفاعلين الحزبيين ، لطرح مختلف أسئلتهم ، والأنثروبولوجيا التي تؤرخ لظلم تاريخي للمرأة ، طيلة العهد "الأبيسي" ، وأيضا في السوسيولسنيات وعلم النفس ، لوجود تنوع بين الرجل والمرأة ، لا يؤكد اختلافهما فقط ، بل تكاملهما في المنظور المنافس وتبقى دراسة " النوع" تخصصا مستقلا بحد ذاته، لأن كل علم قرر أن يكون هذا التخصص جزء منه ، تندمج داخله مناهج ومقاربات تتطور نحو المهارة. 

الفصل الأول : الإطار المفاهيمي والتشريعي والمؤسسي للجبايات المحلية المتطابقة مع معيار النوع الاجتماعي

   لقد أضحى بديهيا أن المغرب انتقل من التسيير الإداري ، المركزي الطابع ، ودخل "تدبير التنمية" وأن تجويد أداء الجماعات الترابية للشؤون المحلية يبدأ من جباياتها المطابقة للنوع، كبنية مالية تحتية مستقرة ومسايرة للعصر في إطار الشروط القانونية والتنظيمية والإطار المؤسساتي الذي من شأنه دعم الهيئات المنتخبة وتطويرها. 

   إلا أن ذلك رغم أهميته ، لا يكفي لإعلان قيمة مضافة إلا بتأصيل هذا الميكانيزم ، والتزام تلك الوحدات الترابية بمبادئ المشروعية والملائمة ، كي تكون الجبايات المحلية المطابقة للنوع جزء من التحول في التدبير المالي المستهدف للتنمية المستدامة. 

  فمطابقة الموارد المالية لهذه المقاربة مسألة أساسية ولازمة لتحقيق عدالة القانون ، كجزء من تكريس سيادته ، وعن طريقها يمكن الوصول إلى أقصر السبل وأقومها لأجل تقويم يستقيم مع مؤشرات التنمية البشرية ، وتقييم يعلي المردودية التنموية للتصرفات المختلفة للوحدات الترابية المحلية ، لأنها تتطلب مستوى متقدما، بل محتوى جريئا من التحديث لتحقيق الفعالية الإدارية والنجاعة المؤسساتية المطلوبين في أي تدبير معقلن وعادل ومرتبط بالأهداف وإدخال مقاربة النوع في تدبير الجماعات الترابية بصور مختلفة ومن خلال عدد من الأجهزة المركزية والمحلية ، حتمية في تحسين وتدبير الموارد ، من جانب اجتماعي واقتصادي وتقني ، وأيضا توجيه النفقات في إطار العدالة بين الجنسين ، ورقابتهما لخدمة التوازنات المحلية على كل الأصعدة. 

   ويعد "تأصيل" أو "تبيئة" هذه المقاربة من الناحية المبدئية مسألة إيجابية ، لأنه يعطي مساحة واسعة لنقل الخيارات إلى مستوى ( النتائج) ، كما أن الإطار المؤسسي المعتمد على دستور 2011 المؤمن والمقنن ل ( المناصفة) يشكل ضرورة استعمال المقاربة المرتكزة على النتائج للوصول إلى الهدف المنصوص عليه (أي المناصفة) ، وبالتالي ، إن كان الأصل في الجماعة المحلية "المناصفة الطبيعية" لاعتمادها ، على رجل وامرأة ، في بناء تشكيلها الرئيسي : الأسرة ، فإن اعتماد مقاربة النوع لتعديل النسب (بكسر النون وتشديدها) بين الجنسين وتحقيق عدالة النشاط ، والواجب المالي المحلي ، وبشكل مرن وبطريقة شفافة ، كفيل وحده بتحقيق التنمية المستدامة. 

   إن الجماعات الترابية إثر قيامها بأداء مهامها وصلاحياتها ، تحتاج بمنطق تطورها إلى تحديث مقاربتها في الموارد والنفقات ، والجبايات المحلية واجبات لكنها تتحول إلى حقوق جماعية بتحولها إلى مشاريع مبرمجة لابد لها أن تحقق المساواة بين الجنسين ، فالأساس تقني في ربط الواجب الجبائي المحلي ب ( النشاط الاقتصادي، وقبله بإطار الممارسة وبعده بالنتائج المتوقعة لردم الفجوة بين الفاعلين (الرجل والمرأة) وبناء التشارك على أسس إحصائية وعلمية .

   واليوم ، يتقدم الخطاب الدستوري والقانوني ل ( المناصفة) على ما عداه ، لكن تنزيله القطاعي لخدمة تجويد التدبير العمومي للجماعات الترابية لا يزال ضعيفا ، و"مقاربة النوع" میكانیزم حقيقي في شروط الحكامة ، وفي الممارسة الرقابية أيضا ، لأنها تضع عدالة الموارد ومناصفة الأهداف التنموية ضمن تقديرات تخدم مؤشرات التنمية البشرية .

   ومقاربة النوع في الميزانيات العامة ، لا تكفي لضبط مختلف أعمال وتصرفات الجماعة الترابية ، لأن إخضاع الموارد ، لنفس المقاربة يجعل كل ميزانية تخضع منذ البداية للمساواة في الواجب المالي المحلي ، وكتحصيل حاصل ، على صعيد المشاريع والأهداف المتوخي إنجازها .

   ومن أجل ذلك ، فإن الانسجام مع مبدأ مساواة الجنسين في كل الموارد والنفقات والعلاقات النسقية للجماعة الترابية والإطار النظامي ، مدخل رئيس لبناء منظومة مالية منسجمة ومعيارية .

  وعلى هذا الأساس ، وإذا كانت المنظومة المالية المحلية هي موارد ونفقات ، فإن إخضاع الموارد لمساواة النوع ضمانة لسيادة القانون ، وخلق الجماعة الترابية المواطنة ، لأن احترام معيار الموضوعية في الجبايات كفيل بالثقة بالقانون ، وتكون ، في هذه الحالة الجبايات المحلية المطابقة للنوع من الأمن القانوني دون فواصل أو فجوات ، لأن العلاقات بين الأفراد تسبق العلاقات بينهم وبين الجماعات الترابية ، وثقتهم في القانون قد تسبق في مقاربة النوع علاقاتهم التقليدية مع الجماعة .

   وهو ما ستتم معالجته على مستوى إشكالية الإطار المفاهيمي للجبايات المحلية المستجيبة للنوع الاجتماعي في علاقته بالأهداف والمراحل والأدوات (المبحث الأول) ، والإطار التشريعي الوطني والمؤسسي للجبايات المحلية ، المتطابقة مع معيار النوع الاجتماعي (المبحث الثاني) .

الفصل الثاني : القواعد العامة والإجرائية لتطبيق الجبايات المحلية المستجيبة للنوع في الجماعة الترابية

   تشكل استجابة الموارد الجبائية لتمويل الشأن المحلي ضرورة في التدبير المحوكم إلى جانب الموارد المرصودة من طرف الدولة ، من خلال الميزانية العامة ، كما أكدت على ذلك المادة 141 من الدستور، والمفروض أن تكون مستجيبة بدورها لنفس المقاربة .

   ولا يخلو تطبيق " النوع في هذه الحالة من مركب أفقي و عمودي ، على المستوى الأفقي من خلال ما اقتضته المادة 30 من قانون التنظيم المحلي رقم 45.08 والتي يتصدرها تمييز الضرائب والرسوم المأذون للجماعة المحلية في تطبيقها كي تحقق مساواة النوع ، وتنزيل الميزانية العامة ، المفروض أن تكون من الأصل ، مستجيبة للمقاربة المذكورة للوصول إلى الأهداف التنموية المرجوة لتكريس استقلاليتها اتجاه الأهداف المسطرة ، وربط الإدارة المحلية بالنتائج .

   وتتمحور الإشكالية الرئيسية في مدخل أو مداخل مقاربة النوع في واقع النظام الجبائي المحلي ومدی مواكبته للنتائج لتكريس استقلالية الجماعة الترابية في تدبير مواردها وتأهيلها لمساواة المرأة والرجل .

   ولا تخلو هذه المقاربة من تحلیل بنیات النظام الجبائي المحلي لتكييفها مع متطلبات النوع، وذلك بإبراز المبادئ وتكييف الإجراءات المنظمة لجبايات الجماعة بهدف " المساواة " بين الجنسين ، وتجاوز "الفجوة العقارية" وباقي الفجوات من أجل توزیع عادل للتحملات " الجبائية" ، والأخذ بعين الاعتبار الفارق والاعتماد المرصود من الإرث والنشاط الاستثماري للفاعل الأنثوي في الحركة الاستثمارية ، بما يجعل تعديل الضرائب الوطنية والمحلية لمساواة النوع ، والأخذ بعين الاعتبار مهمة الفاعل ، وليس النشاط فقط ، كي يكون الواجب قانونيا ، لأن العلاقة بين الإدارة الجبائية المحلية والملزمين بالفرض الجبائي ، هي حجر الأساس في بناء مداخيل التمييز " إيجابي" لصالح المرأة الملزمة وتحقيق مساواة النوع في الجبايات و الوصول إلى العدالة الجبائية .

   فعلى مستوى قواعد التأسيس ، عمل المشرع على وضع رسوم سهلة في قواعد تأسيسها ، حيث تم التمييز بين الرسوم المحلية ذات الأساس النوعي ، والرسوم المحلية ذات الأساس القيمي واعتماد النسبة المئوية على أساس التمييز الإيجابي لصالح المرأة من القيم التي تساعد في البقاء على نفس الإطار والبنية الجبائية وتحقيق العدالة ، انطلاقا من المؤشرات الكلية للنشاط الاقتصادي وتفكيك كل مؤشراته الإحصائية كي تتجاوز مقاربة النوع الفجوة بين الجنسين. 

   وهذه المقاربة " الرقمية" أو "الحسابية" للنوع قد تأتي تصاعديا أو بشكل تنازلي ، حسب المعطيات الإحصائية لكل جماعة ترابية . خصوصا على صعيد الجهات . أو على صعيد القاعدة الوطنية للجبايات المحلية ، تبعا للمؤشرات السوسيو اقتصادية .

   وهذه الأسعار "النوعية" أو "القيمية" يمكن أن تكون نسبية مقرونة بأساس " النوع " (جندر) منذ البداية أو تكون تصاعدية بشكل مختلف بين الجنسين لتشجيع جنس محدد في تجاوز الفجوة ، وتسمح للنظام الاقتصادي أن يكون " تعادليا" على صعيد مداخله من كلا الجنسين .

   ويكون في هذه الحالة توسيع هامش المجالس المحلية في مجال تحديد أسعار الرسوم المحلية هو عينة توزيع الهامش التمييز الإيجابي لأحد الجنسين لتحقيق " العدالة" ، على أن يبقى للمشرع تحديد الأسعار الدنيا والقصوي لأغلب الرسوم المحلية ، ويكون للأمر بالصرف تحديد نسبها الخاضعة لمقاربة النوع .

   وعلى مستوى قواعد التحصيل ، يكون وضع الآليات جزء من تعميم نظام الإقرار بالنسبة لأغلب الرسوم المحلية ، باستثناء بعض الرسوم المحلية التي احتفظت بنظام الإحصاء ، وأخرى تستخلص فورا مقابل خدمة محددة ، ووضع النظام الجبائي في كل تفاصيله تحت نظام الإحصاء قادر على تجاوز أي فجوة بين الجنسين ، فتتدخل  الإجراءات الوقتية أو المحدودة بزمن لتحقيق العدالة بين الجنسين

    وهذه الإجراءات المرتبطة بنظام الإحصاء تستهدف تعميم نظام الإقرار بطريقة عادلة، متجاوزة الرؤی الأيديولوجية ، لأن العدالة مطمح الجميع ، لكن هدر الوقت الذي يسببه الإحصاء ، كما يدفع به البعض ليس حقيقيا ، لأن "حوسبة" أو "رقمنة" النظام الجبائي يكرس " العدالة" وتدبير الزمن لتأسيس علاقة جبائية جديدة تعتمد على المساهمة الفعالة للملزمين ، على أساس الواجب " العادل" بين المواطنين .

   كما يعزز هذا التحول بناء المحاسبة العمومية للجماعات المحلية وهيأتها لسنة 2010 على مقاربة النوع والحد من تداخل الاختصاص على مستوى الأجهزة المكلفة بتحصيل الرسوم المحلية بين القابض الجماعي وشسيع المداخيل ، والوصول إلى مواكبة المداخيل لمقاربة النوع ، من الأصل، مع تعميم هذه المواكبة والمقاربة ، وهو ما يحفز اختصاصات القابض الجماعي في التحصيل وتكون الرسوم والحقوق والمساهمات أدوات للحق والمشاركة على أساس " المبادرة" المحوكمة بالعدالة بين الجنسين في إطار القانون .

   وعمد القانون الجبائي المحلي 47.06 إلى تحديد مجموعة من الحقوق والالتزامات ، وتعطي المساواة في الحقوق بين الجنسين التزامات أصيلة وإضافية لبناءها على العدل ، وإثمار العلاقة بين الملزم والإدارة الجبائية ، فأي إحساس بعدم المساواة يؤدي إلى ضمان الحق بالتستر عليه ، أو على بعض بياناته لتمكين صاحب الحق مما يراه له ولا يمكن بناء " تناغم" و "توازن بين طرفي العلاقة الجبائية المحلية ، دون مساواة النوع في خانة الملزم و " عدالة الإجراءات المطابقة لمقاربة النوع" في خانة الإدارة الجبائية .

   وتساهم هذه المقاربة ، ولا شك في تجاوز معيقات النظام الجبائي المحلي . وتكون الخلاصة المركزية متأتية من تفصيل في المحاسبة ، كي تستجيب لعدالة النوع، وهو ما ينعكس على التقليص من عدد الرسوم وكلما زادت المحاسبة تدقيقا تقلص عدد الرسوم، فالمسألة لا تتعلق بمسطرة الإعفاءات لتجاوز علم العدالة ، بل بوفاء الرسم لعدالة الشروط ، وعلى الخصوص في قدرة الملزم على الإيفاء بالتزامه ، وفي كل ما يتعلق بعدالة الإجراء ويبقى النظام الجبائي المحلي قاصرا لغياب "جبائية محلية تدخلية" ، وعدم وجود "الجبائية البيئية" و "جبائية النوع" إلى جانب فقدان "جبائية عقارية" بالوسط القروي لا تهضم حق المرأة ، وتكون " جبائية النوع" مسألة حاسمة في تحقيق عدالة التنمية لبناء عوامل استدامتها بنيويا .

   وتعتبر الجبايات المحلية المطابقة للنوع أساس الاستقلال المالي للجماعة الترابية في نظام لا مركزي عادل بين وحدات التنظيم الترابي ، وبين الجنسين وعلى صعيد رهانات التنمية الموجهة بالنتائج ، وهي تقترن بالاستقلال الإداري في تدبير الشأن المحلي ، وممارسة الاختصاصات ذات الطبيعة التنموية ، ولا يمكن وجود أساس مالي يواكب الاستقلال الإداري دون جبايات محلية لها بعدها الاجتماعي الشامل .

   غير أن تخويل الاستقلال الجبائي للجماعة الترابية ضمن الاستقلال المالي لن يكون دون أسس ومبادی لها مشروعيتها القانونية والعملية ، من خلال إخضاع الميزانية العامة وميزانية الوزارة الوصية وزارة الداخلية لمقاربة النوع لتشمل تدبير الشؤون الترابية المحلية ، وفي مقدمتها الجبايات المحلية .

   وعلى هذا الأساس، يتعين الوصول إلى جبايات مطابقة لمعيار النوع في إطار عمل جماعي مستجيب لنفس المعيار ، كي نصل بشكل عام إلى "ميزانية ترابية مطابقة للنوع " لتحقيق مادي للتنمية بشكل خاص .

   من جهة ، لأن الجبايات المحلية بنية النظام اللامركزي الخاضع لمشاركة المواطن ، والمواطنة في تمويل التنمية المباشرة في حيها وشارعها وفي محيطها وسكنها ، ولأنها من جهة أخرى، تشكل جزء من الاستقلال المالي في تنفيذ هذه المشاريع، وخضوعها لمقاربة النوع في تقاطع مع البرامج والمشاريع أو المصالح ذات الطابع المركزي بما يفرض أن تكون الجهتان - الجبايات المحلية وباقي الميزانيات - خاضعتين لنفس المعيار. 

   وتقع الجبايات المحلية المطابقة للنوع في تقاطع موضوعي ومنهجي بين التدخل التنموي ، لإحدى أهم الهيات اللامركزية ( الجماعة الترابية ) في إطار دعم استقلالها المالي ، وبين الشروط المادية والموضوعية المتعلقة بممارسة التدبير الموازناتي الموجه بالنتائج التحقيق باقي شروط التنمية البشرية والمستدامة ،ويخدم التدخل التنموي للجماعة الترابية ، المختلف في عناصره ومجالاته وتدبيره ، من الضريبة المحلية وإلى باقي بنيات التمويل الأخرى ، رفع مستوى الحفاظ على توازنات الدخل في العائلة - والشراكة العائلية - بين الجنسين ، واستقطاب الاستثمارات التنموية لدعم المقاولة النسائية ، فالمسألة لا تتعلق بمساواة "ترابية" بين المرأة والرجل بل ب "مساواة الجنسين" اتجاه مرجعهما - أو - إقليمهما الترابي.

   وفي هذا الإطار ، لا يمكن الوصول إلى ضمانة قانونية ومالية وواقعية لمساواة النوع الاجتماعي دون جبايات محلية حساسة ومستجيبة لهذه المقاربة على الصعيد المجالي والترابي .

   فهذه الجبايات تضمن استقلال التدخل التنوي ، في بعده الهيكلي لتحفيز العمل المدني والتطوعي على تثمينه وتوسيعه بالتناسق مع التطور المجتمعي نفسه ، وإذا كانت المتطلبات والقواعد القانونية والسوسيو اقتصادية للجبايات المحلية الموجهة بالنتائج تتعلق بالدور التنموي للجماعة الترابية ، فإن الممارسة العملية وآليات التدخل الاقتصادي يجب أن تقر بالشمولية ومبدأ عدم التجزيء لإخضاع كل الميزانيات العامة . أو القطاعية لمقاربة النوع لتجسيد الدور التنموي الترابي وآليات تحقيق التنمية المستدامة (المبحث الأول) ولابد للوصول إلى هذه الأهداف المندمجة المتعلقة بالتنمية المحلية من توفير قواعد إجرائية متقدمة ، للوصول إلى رؤية واقعية لنظام جبائي في الجماعات المحلية يطابق المعيار الدولي لمقاربة النوع ( المبحث الثاني)


المصدر رسالة الجبايات المحلية أي مدخل لمقاربة النوع الإجتماعي للطالبة صبرا الحلا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-