الجريمة المعلوماتية دراسة تأصيلة مقارنة

الجريمة المعلوماتية دراسة تأصيلة مقارنة

الجريمة المعلوماتية دراسة تأصيلة مقارنة,الجريمة المعلوماتية,الجريمة الإلكترونية
العنوان    الجريمة المعلوماتية دراسة تأصيلة مقارنة    
تأليف الدكتور     يعيش تمام شوقي
 نوع المرجع    كتاب
 الطبعة  الأولى 2019   
 ردمك     978-9931-9454-4-4
عدد الصفحات134 ص
حجم الملف3MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
الجريمة المعلوماتية دراسة تأصيلة مقارنة,الجريمة المعلوماتية,الجريمة الإلكترونية

مقدمة

   لا مراء في أن الواقع المعاش يعرف تسارعا غير مسبوق في أنظمة ومسار التطور العلمي والتكنولوجي ما أدى الى ثورة تكنولوجية ومعلوماتية كان من إفرازاتها التوسع الكبير والمستمر في استخدام وسائل وتقنيات الاتصال والاعلام في مختلف مجالات الحياة الخاصة والعامة في ظل ما أصبح يختزل في مسمى البيئة الرقمية أو البيئة المعلوماتية.

  وبقدر ما أصبحت تمثله هذه البيئة الجديدة من ضرورة وحتمية للنشاط الانساني الفردي وشبكة العلاقات الاجتماعية الخاصة بين الأفراد أو بينهم وبين مؤسسات الدولة تحت طائلة الحكومة الالكترونية وما يمكن أن تسفر عنه هذه الأخيرة من تقديم وتوصيل الخدمات ذات الطابع الشخصي أو المعرفي أو الاداري في أسرع وقت وأقل تكلفة، وأيسر الطرق، وبدقة عالية. 

   إلا أن ذلك رافقه في الوقت ذاته الانحراف في التعامل مع معطيات الأنظمة المعلوماتية على مختلف أنواعها، فأضحت مجالا مفتوحا لتنامي التهديدات والانتهاكات الناتجة عن استغلال الوسائط المعلوماتية في مجالات الحياة المختلفة على نحو ما يضر بالمصالح الخاصة للأفراد، كانتهاك سرية الحياة الخاصة أو سرية الحسابات الالكترونية، أو حتى المصالح العامة لمؤسسات الدولة كتزوير البيانات والمعطيات المعلوماتية أو أعمال التجسس والاتلاف والتحويل. 

   لذلك كان لزاما على المشرع في كل دولة، وفي الجزائر على وجه الخصوص أن يتدخل من أجل تأطير الأفعال والوقائع التي ترتكب بشكل متصاعد ومتفاوت مستفيدا في ذلك مما أفرزته التطورات التكنولوجية من وسائط معلوماتية مفتوحة للجمهور، فترقى لتشكل أعمالا إجرامية بمفهوم قانون العقوبات، أو القوانين المكملة له، فظهر بذلك مصطلح الجريمة المعلوماتية بوصفها جرائم حديثة تتميز في طبيعتها وكيفية إرتكابها عن سائر الجرائم التقليدية الأخرى.

   يمكن القول في هذا السياق أن وجود نظام قانوني للجرائم المعلوماتية في كل دولة فرضته عدة متغيرات يأتي في صدراتها عدم القدرة على مجابهة ومواجهة المخاطر والأضرار الناتجة عن الحماية التقنية المحدودة المقررة للأنظمة المعلوماتية، ولكن الصعوبة لا تزال تطرح في كل مرة حتى مع وجود نظام تجريمي لردع الانتهاكات المرتبطة باستخدام أنظمة المعلومات والاتصال خاصة مع ازدياد وتنوع تقنيات توظيفها. 

   وبذلك أصبحت العلاقة طردية بالضرورة بين تطور الأنظمة المعلوماتية من جهة، والاجرام المعلوماتي من جهة أخرى. الأمر الذي أضحى معه موضوع الجرائم المعلوماتية من المواضيع الأكاديمية ذات الأهمية البالغة المرتبطة بعدة صعوبات وعوائق تحد من مكافحتها خاصة مع اختلاف نظره المشرع الجنائي الداخلي في كل دولة حول نطاق العناصر المكونة لها.

   ومن هنا اتجهت جهود الدول نحو البحث عن آليات مشتركة لتنسيق المواقف والالتفاف حول سبل للتعاون الدولي بما يسمح بالتقليل من مخاطر ومضار الأجرام المعلوماتي بعدما كشفت التجربة عدم كفاية القواعد المقررة على المستوى الداخلي لمكافحة هذا النوع من الجرائم.

   ومهما يكن من أمر فإننا نتطلع من خلال هذا المؤلف الإحاطة بالإطار النظري والتأصيلي للجريمة المعلوماتية ورصد أهم الاشكالات القانونية والعملية التي تعترض سبيل مكافحتها.

   وقد رأينا من المهم والمفيد أن يتم تناول هذا موضوع من خلال قسمين رئيسين، يتطرق الأول الى الاطار المفاهيمي والتأصيلي للجريمة المعلوماتية، أما الثاني فيركز على الاشكالات التي تعترض مواجهة الجريمة المعلوماتية في أبعادها المختلفة.

الفصل الأول : الاطار المفاهيمي والتأصيلي للجريمة المعلوماتية

   هناك تلازم حتمي بين مستوى تطور نظام المعلومات وما يرتبط به من وسائل وتقنيات، وبين دقة الاطار القانوني المتعلق بمكافحة الإجرام المعلوماتي ، ذلك أن الوعي بمخاطر ومضار المعلوماتية على المصالح الاجتماعية المختلفة من شأنه أن يضع أمام المشرع تصورا واضحا بما يسمح له بتأطير الأفعال التي يمكن أن تحمل وصف الجريمة المعلوماتية، باعتبارها أفعال مستحدثة تتميز بالضرورة عن غيرها من الأفعال المكونة للجرائم الأخرى الواقعة على الأشخاص أو الأموال، وهو ما من شأنه أن يخفف من حدة تزايد خطر الإجرام المعلوماتي خاصة مع عدم إمكانية القضاء عليه بشكل نهائي.

   وعلى هذا الأساس آثرنا أن نستهل الفصل الأول بتحديد الأحكام النظرية والتأصيلية المرتبطة بجرائم المعلومات على اعتبار أنها مادة أولية ضرورية لضبط الاطار القانوني الموضوعي الذي يحكمها، وهو ما يتأتى من خلال التعرض
لمدلول الجريمة المعلوماتية (المبحث الأول) والاشكالات المقترنة بمكافحتها (المبحث الثاني)۔

الفصل الثاني : إشكالات مكافحة الجريمة المعلوماتية

   تعكف التشريعات الداخلية والدولية على البحث في كل مرة عن الحلول المجدية للتقليل من حدة النشاط الإجرامي لتنامي خطر انتشار الجرائم المعلوماتية إن لم نقل القضاء عليها بشكل تام، على الرغم من أن الكثير من المحاولات تعترضها العديد من الاشكالات الموضوعية والإجرائية، مما يؤكد خصوصية مكافحة الجريمة المعلوماتية مقارنة بغيرها من الجرائم التقليدية.

  وسنحاول من خلال هذا الفصل التطرق لمختلف تلك الاشكالات في ضوء ما هو مستقر عليه في أغلب التشريعات المقارنة، لكن تقسيمنا المنهجي للإشكالات أو الصعوبات المرتبطة بالجرائم المعلوماتية لا ينبني على أساس ما هو موضوعي وآخر اجرائي، بل سوف يتم تناوله من خلال التركيز على الاشكالات المرتبطة بالقانون الواجب التطبيق على الجرائم المعلوماتية من جهة (المبحث الأول)، والإشكالات المرتبطة بخصوصية الاثبات والتحقيق في الجرائم المعلوماتية من جهة ثانية (المبحث الثاني). 


المصدر كتاب الجريمة المعلوماتية دراسة تأصيلة مقارنة للدكتور يعيش تمام شوقي
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-