العنوان | الإدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث |
---|---|
انجاز الطالب | جمال احرموش |
تحت اشراف الدكتور | أحمد مفيد |
نوع المرجع | رسالة |
التخصص | تدبير الجماعات الترابية |
السنة الجامعية | 2016/2015 |
عدد الصفحات | 212 ص |
حجم الملف | 5MO |
نوع الملف | |
روابط التحميل | mediafire أو google drive |
مقدمة
يعد رهان تحديث الإدارة الجماعية أحد أهم المداخل الرئيسية لجعل الإدارة العمومية تساير مختلف التطورات التي يعرفها المجتمع ، فبناء الدولة تأسيسا وتكوينا لا يمكن أن يتم إلا بوجود إدارة حديثة كقاعدة أساسية ومحدد رئيسي لتحقيق التنمية الشاملة ، بحيث تعتبر الإدارة الجماعية أحد الركائز الأساسية للدولة الحديثة ، فهي مظهر من مظاهر السيادة وآلية لتنزيل السياسات العمومية والبرامج الحكومية ، كما أنها أداة لتأمين سير المرافق العمومية.
وتعد الإدارة الجماعية في الوقت الحاضر ، من أهم الآليات الناجعة لتدبير المجال الترابي والتنمية، على مستوى أبعادها وجوانبها الإجتماعية والإقتصادية والإدارية والثقافية ذلك لأن الإدارة الجماعية متصلة بالحياة اليومية للسكان ، وتشكل الإطار المؤسساتي الذي تنتظم فيه الحياة الإجتماعية للأفراد في المدن والقرى ، في الخدمات المهيأة للسكان ومختلف التجهيزات الجماعية الموضوعة رهن إشارتهم وكذا المرافق الإدارية والإجتماعية والصحية والمعدة لفائدتهم إنما مصدرها في كثير من الأحيان الإدارة الجماعية.
إن الرهان على التدبير الإداري الجماعي للمساهمة إلى جانب الدولة والقطاع الخاص ومختلف الفاعلين في عملية تدبير وتنمية المجال ، لا يستقيم إلا بالرهان على التحديث كمفهوم شامل ، تندرج ضمنه الدولة والمجتمع ومختلف القطاعات الضرورية للحياة الجماعية المتفرعة عنهما. فاليوم وفي كل بقاع العالم، في الدول المتطورة كما في البلدان النامية ، أصبح موضوع تحديث الإدارة الجماعية من أجل جودة أفضل في الإنتاج والأداء ، يفرض نفسه كضرورة تاريخية ، فالقواعد التقليدية للتسيير الإداري الجامدة منذ سنوات طويلة، لم تتكيف مع المتطلبات الجديدة للعصر الحديث ، ذلك أن الإدارة كمجموعة من التدخلات الإنسانية والقانونية والتقنية وغيرها من التدخلات ، تؤثر وتتأثر ببنية محيطها الترابي والوطني بل وحتى الدولي ، إذ لابد للإدارة الجماعية من أن تواكب التحولات الداخلية والخارجية ، الأمر الذي يستدعي العمل على استخراج منظومة كلية وشاملة لتحديث الإدارة الجماعية.
الفصل الأول : طبيعة الإدارة الجماعية بالمغرب
إن الظرفية التي يعيشها المغرب تفرض عليه كدولة رافعة لمجموعة من التحديات ، أهمها إعادة النظر في إدارته التي تعد كمدخل أساسي لتحقيق التنمية ، وتشكل الإدارة الجماعية الوسيلة القانونية والدستورية التي تستخدمها الدولة لتنفيذ برامجها ، فهي جوهر كل بناء ونماء في كافة واجهات الحياة العامة والمناخ العام للتنمية المستدامة . وبالتالي فهي تتموقع في صلب عمل الدولة ، كما أن تطورها يخضع لطبيعة علاقتها بالمجتمع ، ومدى قدرتها على أن يجعل منها أداة لخدمته.
وعليه فالحديث عن الإدارة الجماعية ورهان تحديثها يستلزم الوقوف عن الخلل والبحث عن مخرج لها ، ومن هنا فإن الإجابة عن الإشكالية المحورية لهذه الدراسة ، تتطلب إلقاء نظرة على الجهاز الإداري الجماعي ، حيث تبين أن هناك فرق كبير بين الفعل والنوايا ، هذه المفارقة التي تكشف عن الأزمة التي تطال الجهاز الإداري ، إذا تعتريه مجموعة من النواقص والإختلالات ، كما تواجهه الكثير من التحديات ، تجعل من مسألة تطوير وتحديث الإدارة ضرورة كانت وما زالت ملحة ، لأن الإدارة الجماعية تدخل في علاقة جدلية مع كافة مكونات المجتمع ، فهي تتلقى الأزمات وفي نفس الوقت هناك ترقب مستمر لردود فعلها .
ورغم العديد من الإصلاحات التي حاولت السلطات العمومية القيام بها لتجاوز هذه الإختلالات ، فإنها لم تؤت أكلها وذلك إما بسبب عدم شموليتها والإقتصار على بعض التعديلات الجزئية ، أو بسبب غياب رؤية موحدة ومشتركة نتيجة لإكراهات الواقع أو تحت واقع الضغوط الخارجية.
من هذا المنطلق بات من الضروري التوجه نحو سياسة إصلاحية جذرية تروم تحديث الإدارة الجماعية وجعلها تستجيب لمتطلبات المواطن ، ومواكبة التغيرات التي يعرفها العالم ، لهذا أهتم الخطاب السياسي الرسمي بسياسة التحديث الإداري واتجه إلى وضع سياسات عامة تهم كل القطاعات .
وانطلاقا مما سبق فإن معالجتنا لهذا الفصل سوف تتركز على دراسة أسس ومرتكزات الإدارة الجماعية في (مبحث أول) في حين سنعرج في (المبحث الثاني) إلى الحديث عن مختلف جوانب القصور و الإختلالات التي تواجه الإدارة الجماعية ، هذا بالإضافة إلى المتغيرات التي تدفع في اتجاه تحديث الإدارة الجماعية.
الفصل الثاني : نحو إدارة جماعية حديثة
بمرور أكثر من قرن من الزمن على استعمار المغرب من طرف فرنسا واسبانيا (2012-1912) وأكثر من نصف قرن على حصول المغرب على استقلاله ، يكون الوقت قد حان للوقوف على ما تم تحقيقه من إنجازات وما لم يتحقق نتيجة لإخفاقات ، فهي لحظة تاريخية تتطلب وقفة تأمل لتشخيص وتقييم المرحلة الراهنة ، مع استحضار الروح الوطنية واستنهاض الهمم في سبيل تشييد دولة حديثة يكون لها مستقبل واعد ، فإذا كانت هذه المناسبة فرصة لتعريف أجيال اليوم بتاريخ وطنهم الحديث ، فإنها أيضا تشكلا موعدا مفصليا لا محيد عنه في تاريخ بناء الدولة الحديثة ، وذلك بالنظر لحجم الإصلاحات الدستورية والسياسية التي استهل بها المغرب الألفية الجديدة وأعطت نفسا جديدة للجهود المبذولة على أكثر من صعيد وفي أكثر من مستوى.
فالتعديلات الدستورية الأخيرة شكلت منعطفا جديدا خاصة على مستوى الجماعات الترابية التي افرد لها الدستور باب خاص بها ، كما شكل صدور القوانين الجديدة المنظمة للجماعات الترابية قفزة نوعية في صيرورة هذه الأخيرة ، اعتبارا لما تضمنته هذه النصوص القانونية من مستجدات وتوسيعها وتدقيقها للإختصاصات ، مما يعني معه أن الإدارة الجماعية أضحت مكون رئيسي إلى جانب مختلف المؤسسات العمومية في مجال النهوض والتأسيس لدولة حديثة قوامها اقتصاد قوي يلبي طموحات الشعب المغربي في الرخاء والتنمية الشاملة.
فهذه الإصلاحات شملت جميع مفاصل الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية للدولة ، إنها تؤسس لانطلاقة تنموية قائمة على الأمن والاستقرار، خصوصا في زمن التقلبات والتحولات التي نعيشها من حولنا ، ولا شك أن هذه الأخيرة سوف تسهم في إدارة شؤون البلاد وفق إدارة حديثة قوامها الشباب الطموح ، لأنها صدرت وفق إستراتيجية تتطلع لبناء المستقبل الواعد للمملكة وفق أطر تأسيسية وتنظيمية تمهيدا لنقل بلادنا إلى مرحلة جديدة خلال حقبة زمنية محددة ، وهذه القرارات لاشك أنها قرارات مدروسة وجادة تصدر من أعلى سلطة في البلاد من ملك يمتلك خبرات واسعة تكونت لديه منذ نعومة أظفاره، فهو من تبنى النماء واعتاد على البناء ، وهو من حول خطط التنمية إلى واقع ملموس من خلال المسؤوليات الكبيرة التي تولاها خلال مسيرة عطائه لهذا الوطن.
هذا كله يترجم السعي نحو القضاء على البيروقراطية التي تعيق الكثير من الإنجازات ، ويؤكد العزم على تطوير الأداء الحكومي وكذلك العمل الجماعي ، كما أن مضامین الإصلاحات الدستورية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها جاءت لخدمة المواطنين بكافة أعمارهم وشرائحهم واهتماماتهم وتسعى إلى تحقيق رفاههم .
مما سبق يتضح أن الإدارة الجماعية تنتظرها آفاقا واسعة ومفتوحة على التطور ، ولعب أدوار رئيسية في ظل المسيرة التنموية والبناء الديمقراطي للبلاد. فأمام التطور الكبير الذي عرفته تكنولوجيا الإتصال والتواصل اليومي مع مجتمعات متطورة رقميا وإعلاميا ، وفي ظل التراجع الذي يشهده مبدأ السيادة لصالح الشركات الدولية وحركية النظام الإقتصادي والمالي العالمي السريعة ، وانتشار المصالح المادية على حساب القيم الأخلاقية التضامنية ، والإنتقال من مبادئ التدبير الإقتصادي المبني على المصالح المتبادلة نحو التدبير المصلحي الأناني ، وفي ظل الصراع الكبير على المواقع الجيو۔ سیاسية إثر إعادة رسم الخريطة العالمية ، بناء على معطيات جديدة تتمثل أساسا في بروز لاعبين جدد على الساحة الدولية يؤثرون في القرار العالمي، وكذا ظهور جيل جديد من الأزمات الدولية من قبيل عدم قدرة الأمم المتحدة على فرض السلم والأمن وحل النزاعات بطرق سلمية وتنامي ظاهرة الإرهاب واتساع رقعته بمختلف أشكاله وصوره خاصة في السنوات الأخيرة ، واشتداد ضراوته وعنفه وأصبح يهدد أمن الدول استقرارها ، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الاحتقان الطائفي البغيض و امتداد رقعته لما يشكله من تهديد لكيان الأمم وتفتيت لوحدتها.
أمام هذه العوامل أصبح لزاما على المغرب أن يكون في الموعد لمواكبة التطورات العالمية بتبني استراتيجيات إستباقية تعتمد التواصل والإنفتاح والإبداع ثم الحفاظ على المكتسبات وتثمينها ؛ وهي مسؤولية تلقى على عاتق كل مكونات الدولة دونما استثناء بدء بالجهاز التنفيذي والتشريعي وصولا إلى أصغر مكون للمجتمع المدني.
واعتبارا لما سبق فإن تناولنا لهذا الفصل سينصب على نقطتين أساسيين : أولهما سيتطرق إلى جهود السلطات العمومية في عملية تحديث الإدارة الجماعية من خلال الاستراتيجيات المعتمدة في هذا الإطار( المبحث الأول)، وثانيهما سينكب بالدراسة والتحليل على مستقبل الإدارة الجماعية في ظل التطبيقات والتوجهات الجديدة في مجال التحديث ومدى مواكبتها للبرامج الدولية وللعمق الإفريقي (البحث الثاني).
المصدر رسالة الإدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث للطالب جمال احرموش
تعليق