اشكالية أجهزة الرقابة المالية بالمغرب

اشكالية أجهزة الرقابة المالية بالمغرب

رسالة اشكالية اجهزة الرقابة المالية بالمغرب
العنوان    اشكالية أجهزة الرقابة المالية بالمغرب
انجاز الطالب      أمل العلوي الاسماعلي
تحت اشراف الدكتور    محمد الاعرج 
نوع المرجع   رسالة   
التخصص    قانون المنازعات العمومية
السنة الجامعية      2009/2008
عدد الصفحات186 ص
حجم الملف2MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
رسالة اشكالية اجهزة الرقابة المالية بالمغرب

مقدمة 

   لا يخفى علينا مدى أهمية المال العام ومدى تأثيره على مستوى الدولة من كافة النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية، لذا استلزم الأمر إحاطته بنوع من الحماية، حتى لا يتم العبث به سواء بالتبذير أو الإختلاس أو سوء التدبير، خصوصا وأن ظاهرة الفساد المالي وإن كانت ملازمة للتصرف المالي على مر التاريخ، فقد اتخذت أبعادا خطيرة في السنوات الأخيرة، حين تنوعت وسائل وطرق التلاعب بالمال العام نتيجة التطور العلمي والتقني لأساليب التدبير الإداري والمالي.

   وتتم حماية هذا المال بفرض الرقابة القانونية عليه، وقد تكون رقابة داخلية أو رقابة خارجية مستقلة ، وقد تقوم بها السلطة التشريعية أو السلطة القضائية أما الرقابة الداخلية فهي التي تمارسها الجهة الإدارية أو السلطة التنفيذية باعتبارها السلطة القائمة على مالية الدولة فالمالية العامة التي تعد فرعا من فروع القانون العام، يتكون موضوعها أساسا من دراسة القواعد والعمليات المتعلقة بالمال العام، هذا الأخير الذي يحتاج إلى الحماية والمراقبة من التبذير وسوء الاستعمال.

   وقد شهدت الآونة الأخيرة تحريك العديد من الملفات الكبرى المرتبطة بالفساد المالي وتابع الرأي العام المغربي عبر الصحافة الوطنية فصولا مثيرة من الفضائح المالية المتوالية التي بلغ بعضها ساحات القضاء وحوكم فيها مسؤولين كبار، فمن قضية القرض العقاري والسياحي إلى ملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مرورا بملفات القرض الفلاحي، البنك الشعبي، الخطوط الجوية الملكية...إلخ، تناسلت خيوط الفساد المالي بالمغرب وتوالت فضائح نهب المال العام على مستوى الكثير من المؤسسات العمومية الكبرى.

   وجاء الكشف عن الوضعيات المالية المختلة لهذه المؤسسات لينضاف إلى إختلالات بنيوية صارخة ظلت وما تزال تعاني منها مالية الإدارات العمومية والجماعات المحلية على مدى عقود طويلة من الاستقلال، كما أن الإعلان عن بعض مظاهر الفساد والإختلاسات في مثل هذه الظروف المتسمة في عموميتها بالتعقيد والتأزم على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية...

   ولعل هذه الرغبة في تطهير المؤسسات العمومية والإدارات والجماعات المحلية من شوائب التسيير العشوائي والممارسات السلبية التي حولتها على مدار عقود طويلة إلى مراتع للإغتناء السريع والكسب اللامشروع على حساب المصلحة العامة تتجاوب في جانب كبير منها مع ما وصل إليه المجتمع المدني بمختلف مكوناته من وعي بضرورة محاسبة المسؤولين عن إهدار المال العام، فالأحزاب والصحافة الوطنية والمواطنين ما فتئوا جميعا ينددون بظواهر الاختلاس وسوء التدبير ويرفعون شعار الإصلاح الجذري وتغيير الأوضاع تماشيا مع مطلب التغيير الذي ارتقى في السنوات الأخيرة إلى مستوى المطلب العام.

   وإذا كان النقاش حول مظاهر الفساد المالي داخل هياكل الدولة ومؤسساتها قد فتح بالمغرب منذ الثمانينات، فإن تقارير التفتيش المالي وما خلصت إليه لجان تقصي الحقائق البرلمانية مؤخرا من نتائج تضمنت خسائر مالية واختلاسات قدرت بملايير الدراهم.

   فمن الناحية اللغوية يقترن مفهوم المراقبة بالمحافظة والانتظار والحراسة، فنجد كلمة "رقابة" في معاجم اللغة بعدة معاني منها، رقب الرقيب، وهو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء، ورقبه يرقبه وترقبه بمعنى انتظره وترصده، والترقب هو الانتظار، ورقب الشيء يرقبه، وراقبه مراقبة ورقابة أي حرسه. 

   وردت عبارة "رقابة و"مراقبة" في كثير من البحوث العلمية وكتب العلوم الإدارية والمالية العامة بنفس المعنى، وقد اختلفت التعاريف بشأنها وتشعبت بما يدل على أن مفهومها ونطاق حدودها لا يزال في طور البحث والتشكل، ويمكن القول إجمالا أن مفهوم الرقابة تطور بدوره ضمن عدد من المفاهيم اللاحق للنظام الرقابي في فرنسا.

   وهكذا فمعظم التعاريف العلمية التي أعطيت لمفهوم الرقابة في الفقه المعاصر انبنت بشكل عام على ثلاث اتجاهات : يهتم الأول منها بالجانب الوظيفي بحيث يركز على الأهداف التي تسعى الرقابة إلى تحقيقيها، ويعتمد الثاني على الجانب الإجرائي ويرتكز من جهته على الخطوات التي يتعين اتباعها للقيام بعملية الرقابة، أما الاتجاه الثالث فيهتم بالأجهزة التي تضطلع بمهمة الرقابة وتتولى المراجعة والفحص والمتابعة وجمع المعلومات وتحليل النتائج الإدارية الأخرى، واكتسب مفهوما واسعا يتجاوز حدود المعاملات المالية ومستنداتها. 

   وبهذا المدلول أصبح مصطلح "رقابة" يشمل مختلف مقومات الإدارة وأساليب تسييرها المختلفة، واتسعت أبعادها لتتجاوز النطاق المالي للرقابة وأصبح بمثابة : "منهج علمي شامل يتطلب التكامل والإندماج بين المفاهيما لقانونية والاقتصادية والإدارية والمحاسبية".

الفصل الأول : الميكانزمات الإدارية للرقابة المالية 

   معلوم أن الوظائف الكلاسيكية للإدارة تغطي مجالات التخطيط والإشراف والتنفيذ والمراقبة والتتبع والتقييم. وتعتبر المراقبة من أهم وأبرز هذه الوظائف لأن مهام المراقبة أساسية في القرار الإداري وفي الخدمة الإدارية، من حيث أنها تحيط عمل الإدارة بكل الضمانات والنصوص القانونية الضرورية لتحصينه من الشوائب والمخالفات التي قد تشوب الأداء الإداري.

   وتفيد الرقابة المالية التقييد بالقرارات والأعمال الصادرة عن السلطات العمومية بالقواعد المالية والمحاسبة المطبقة، والتي يفرضها القانون في التشريعات وتفيد من جهة ثانية، البحث والتحري، وهذا العمل عمل دائم مستمر بالنظر لطبيعة المجال الذي يهمه وهو مجال المال العام الذي يخشی مبدئيا تبذيره والتصرف فيه بغير ترشيد وعقلانية .

   من هذا المنطلق فإن الوضع الرقابي بالمغرب يتميز بالتعدد والتنوع وهذا راجع إلى عهد الحماية، حيث بادر المغرب آنذاك إلى القيام بعدة عمليات لتحديث النظام المالي خاصة من خلال تبني الميزانية العامة، وإحداث خزينة عامة واحدة وإدخال آليات المراقبة المالية العصرية.

   وبهذا تعددت أجهزة الرقابة المالية للتفاعل مع العمل الإداري في كل حلقات مسلسل العملية الإدارية، فجل الأعمال الإدارية تخضع لنوع أو عدة أنواع من المراقبة وعلى العموم يمكن التمييز بين المراقبة الإدارية والمراقبة البرلمانية والمراقبة القضائية، و ترتبط بهذه الأجهزة هيئات أخرى ثانوية تمثل اليات إشتغالها ووسائل عملها.

   لكن رغم تعدد هذه الأجهزة الرقابية، فالممارسة العملية أظهرت العديد من الاختلالات وضعف الأداء الرقابي الموكول لهذه الأجهزة.

   كل هذا يدفعنا إلى التساؤل عن سبب هذه الاختلالات هل هو راجع إلى الترسانة القانونية التي تحكم كل جهاز؟ وما هي المعوقات القانونية التي تعاني منها كل آلية على حدة؟ ومن جهة ثانية ما هي العوامل والإكراهات التي تكرس ضعف هذه الأجهزة الرقابية، هل هو ذاتي مرتبط بقلة وسائل العمل وسلوكات العاملين بهذه الأجهزة؟ أم موضوعي يتعلق بالمحيط الذي تعمل فيه؟
للإجابة عن هذه الأسئلة سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين :

المبحث الأول : آليات الرقابة الإدارية.

المبحث الثاني : إكراهات الأجهزة الرقابية الإدارية

الفصل الثاني : الميكانزمات الغير الإدارية للرقابة المالية

   إلى جانب أجهزة الرقابة الإدارية هناك أجهزة الرقابة القضائية الخارجة عن الإدارة والمتمثلة في الرقابة السياسية والقضائية هذه الأخيرة هي الوجه المحوري والأكثر أهمية في الرقابة اللاحقة على المال العام. 

   إذ يمكن اعتبار القضاء أداة تقويم موضوعية على المستويين العمومي والمحلي وأنجع وسيلة للحفاظ على مبدأ الشرعية وتكريس سلطة القانون في حفظ المصالح العليا للمواطن والمواطنين وفي المجال المالي يبرز المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة مركزية والمجلس الجهوي للحسابات كمؤسسة جهوية مختصة في المراقبة المالية. 

  أما الرقابة السياسية فتتمثل في الرقابة البرلمانية على النشاط المالي للحكومة إذن رقابة سياسية متعددة الأبعاد، لا تقتصر على النظر في الاختيارات المالية للحكومة (رقابة قبلية) وتتبع تنفيذها (رقابة موازية فقط، بل تمتد أيضا إلى تقييم حساب نتيجة السنة المالية (رقابة بعدية). 

   غير أن ممارسة هذه الاختصاصات المهمة نظريا۔ تصطدم في الواقع العلمي بعراقيل متعددة تحد من فعاليتها، وتنزع بشكل متواتر إلى إضعاف السلطة المالية للبرلمان تشريعا ومراقبة في مقابل تقوية سلطة المبادرة الحكومية نصا وممارسة في ظل القيود الدستورية و القانونية المتحكمة في صلاحيات البرلمان والثقل الدستوري لسمو المؤسسة الملكية لذا سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين :

المبحث الأول : الرقابة السياسية

المبحث الثاني : الرقابة القضائية

المصدر رسالة اشكالية اجهزة الرقابة المالية بالمغرب للطالبة أمل العلوي الاسماعلي
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-