التطور القانوني للتنظيم الترابي اللامركزي بالمغرب

التطور القانوني للتنظيم الترابي اللامركزي بالمغرب

بحث التطور القانوني للتنظيم الترابي اللامركزي بالمغرب
العنوان    التطور القانوني للتنظيم الترابي اللامركزي بالمغرب   
انجاز الطلبة      محمد رضا لحمادي
تحت اشراف الدكتور    عبد القادر الخاضري
نوع المرجع   بحث   
السنة الجامعية     2018/2017
عدد الصفحات58 ص
حجم الملف1MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
بحث التطور القانوني للتنظيم الترابي اللامركزي بالمغرب

تقديم

    ان وظيفة الدولة الاساسية ، رغم التحولات التي تطرأ عليها هي الحفاظ على النظام العام وتحقيق الصالح العام إسنادا على مرجعية تشريعية ومرتكزات دستورية ، التي تعزز من الحضور البارز لبنية التنظيم الإداري المغربي ويحيل مصطلح الادارة الى معنيين مختلفين ومتداخلين فإذا ربطنا الادارة بوظيفتها التي تؤديها ، أي النشاط الذي تقوم به من اجل تحقيق المصلحة العامة للشعب ، فإننا نكون امام تعریف وظيفي ، اما اذا ربطنا الادارة بتنظيمها فستعني هذه الكلمة مجموع الأشخاص الاعتبارية (الدولة . المؤسسات . الجماعات الترابية ) ، والأشخاص الطبيعيون ( الوزراء . الموظفون ...) الذين ينفذون و ينجزون تلك الأنشطة. 

   بهذا المعنى تكون الادارة هي مجموع الهيئات المحدثة من قبل الدولة ، وتبرز أهمية الادارة في كونها الوسيلة الرئيسية التي من خلالها تستطيع الدولة توزيع الاختصاص بين الوحدات الإدارية التابعة لها و الوحدات الإدارية الأخرى التي تتمتع بالاستقلالية عن السلطة المركزية ، حيث تلعب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية دورا رئيسيا في تحديد طبيعة النظام الاداري فيها ، فنجد دول تميل الى النظام الديمقراطي أكثر من غيرها مما يسمح بالمشاركة الشعبية في ادارة الشؤون المحلية وتسمى بالسيادة الشعبية وذالك بإنشاء وحدات إدارية مستقلة. 

   حيت تتنازل السلطة المركزية عن حيز من صلاحياتها لفائدة الهيئات المحلية وهي مطبقة أساسا في سويسرا . ودول اخرى اقل ديمقراطية تستأثر بكافة الصلاحيات ولا تتنازل عنها خشية تقويض نظامها القانوني ، بحيث لا تستطيع السلطة المركزية التنازل عن جزء من صلاحياتها إذا كانت الظروف الاجتماعية و الوعي لا يسمح بذالك وإذا كانت كافة الدول تنهج تنظیمات إدارية مختلفة فإنها مع ذلك تبقى وفية للتصنيف التقليدي الذي يميز بين التنظيمات الادارية المركزية والتنظيمات الادارية اللامركزية. 

   والمغرب بدوره يعرف تنظيما إداريا يمزج بين الأسلوبين المركزي و اللامركزي حيث حدد الدستور السلطات الادارية المركزية ممثلة في الملك والحكومة وممثليها في مختلف الجهات والعمالات والاقاليم ، كما حدد سلطات اللامركزية الترابية التي تجسدها الجماعات الترابية بأصنافها الثلاثة سواء تعلق الأمر بالجهات او مجالس العمالات و الاقاليم او الجماعات حيت ينص الدستور في الفقرة الرابعة من الفصل الأول "التنظيم الترابي للملكة تنظيم لا مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة "  .

   مع خروج الاستعمار العسكري قامت الدولة بإصدار عدة تشريعات تهدف الى تنظيم و تكریس حضور الجماعات الترابية وهكذا أصدر ظهيرين رئيسيين الأول بمثابة قانون يتعلق بتنظيم الانتخابات المحلية بتاريخ فاتح شتنبر 1959 الذي مكن من تنظيم اول انتخابات في تاريخ المغرب الحديث ، و الثاني ظهير يتعلق بالتقسيم الاداري للمملكة و الذي ادى الى إحداث الجماعات و الجماعات الحضرية حيث صدر بتاريخ 2 دجنبر 1959. 

   وجاء بعد دالك ظهیر 23 يونيو كأول میثاق ينظم العمل الجماعي دون تمييز بين الجماعات الحضرية أو الجماعات القروية ، الذي عرف في فصله الأول الجماعات الحضرية والجماعات القروية على انها "وحدات ترابية معينة الحدود داخلة في حكم القانون العام و تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي اضافة الى ذلك فإنه لم يمنح الجماعات الترابية صلاحيات واسعة و حقيقة حيث احتفظ ممثلو السلطة المركزية بصلاحيات واسعة اتجاه المنتخبين المحليين. 

   مما ادى الى اصدار ظهیرین بتاريخ 30 شتنبر 1976 الأول رقم 583-76-1 يتعلق بالتنظيم الجماعي والثاني رقم 584-76-1 خاص بالتنظيم المالي للجماعات الحضرية و القروية ، اعتبر میثاق 1976 بمثابة خطوة جبارة في مجال تكريس نهج اللامركزية كأسلوب للتسيير الاداري ومرجع تشريعي رئيسي للتنظيم الجماعي بالمغرب بعد قرابة أكثر من 20 سنة بدا التفكير في اصلاح جديد للتنظيم الجماعي يرمي الى تجاوز النواقص وتمكين الجماعات الحضرية والقروية من مرجع تشريعي جديد يواكب التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية التي مست العمل الجماعي بالمغرب. 

   وبالفعل صدر بتاريخ 3 اکتوبر 2002 ظهير بمثابة قانون رقم 297-02-1 لتنفيذ قانون رقم 78.00 المتعلق بالإصلاح الجماعي حيت عرف الجماعات على انها وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام و تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي ، وتنقسم الى جماعات خضرية وجماعات قروية ، وإن أحداثها و إنهائها يتم بمرسوم وهذا ما سيتم التطرق له في ( الفصل الأول ).

   وأخيرا جاءت القوانين التنظيمية الجديدة سنة 2015 الخاصة بالجماعات ليوائم التنظيم الجماعي مع مقتضيات دستور 2011 الذي اعطى مكتسبات دستورية اوفى من الدساتير السابقة ، ويعطي الجماعات الترابية دفعة كبيرة من خلال اعطاء حيز للحديث عن تنظيمها واختصاصها و تمويلها ، خص لها باب کامل وهو الباب التاسع تحت عنوان "الجهات والجماعات الترابية " يضم 12 فصل ، ليعالج النواقص التي شابت الميثاق الجماعي00-78 المعدل حيت جاء بعدة مستجدات و متغيرات سنتطرق لها في( الفصل الثاني ) .

التحديد المفاهیمی :
قبل تحديد إشكالية هذا البحث ، لابد من تحديد مفهومي كل من الجماعات الترابية و الرقابة ، و اللامركزية الإدارية .

أ - مفهوم الجماعات الترابية : إن الجماعات الترابية هي وحدات ترابية في حكم القانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الاداري و المالي . وتعتبر الجماعات نواة التنظيم اللامركزي وتليها العمالات و الاقاليم، وقد تم التنصيص على هذه الوحدات بموجب الفصل 135 من الدستور المغربي لسنة 2011 " الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والاقاليم والحماعات " . 

   كما أن الجماعات الترابية اشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام ، تتوزع على مختلف تراب المملكة بناء على مبدأ التفريع الذي تبناه دستور 2011 ، وجعل منه مبدأ دستوري و آلية لتوزيع الاختصاصات بين مختلف الهيئات الترابية. 

ب ۔ مفهوم الرقابة : لقد تعددت تعاريف الرقابة في اللغة العربية ، وقد جاء في أحدها أن الرقابة تعني " المحافظة و الانتظار والحراسة ، فالرقيب يعني الحافظ والمنتظر والحارس "
   اما بالنسبة للتعريف العلمي للرقابة في الفقه المعاصر ، فإنه يتسم بالتعددية و الاختلاف وتتقاسمه ثلاثة اتجاهات كبرى حيث يهتم الاتجاه الأول بالجانب الوظيفي فيركز على الأهداف المراد بلوغها ، و الثاني يتمحور حول الجانب الاجرائي ويتناول الاجراءات التي يتم إتباعها في مجال المراقبة . بينما الاتجاه الثالث و الأخير فهو يهتم بالأجهزة او بالجهة التي تضطلع بالرقابة و تتولى المراجعة و الفحص و المتابعة . فالرقابة اذن هي العلاقة بين الدولة والجماعات الترابية. 

ج - مفهوم اللامركزية الإدارية : يقصد باللامركزية الإدارية توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة و بين هيئات الجماعات المحلية ويتم نظام اللامركزية الإدارية بمواكبة الاتجاهات الحديثة التي ترمي إلى تحقيق مزيد من الديمقراطية للشعوب ذلك لمساهمتها الفعالة في تدبير الشؤون الإدارية كما يتسم بتعدد الأشخاص المعنوية العامة في الدولة و التي تتمتع بالاستقلال القانوني والمالي.

   وتعتبر اللامركزية وسيلة من وسائل تنظيم الإدارة وعلاقة الدولة بالمواطنين إذ يتعلق الأمر بتمكين هؤلاء من المساهمة في القرار وفي تسيير حياتهم العامة انطلاقا من مجموعة من المبادئ المتعددة كالديمقراطية وحقوق المواطنين وفعالية التسيير وغير ذلك من متطلبات المجتمع، نظرا لعجز الدولة عن التواجد في كل مكان وكل وقت وللخصائص المحلية. 

وقد عرف الفرنسي آندری دالانبادير اللامركزية بأنها : "اصطلاح وحدة محلية بإدارة نفسها وقيامها بالتصرفات الخاصة بشؤونها "، ومن الفصحاء العرب عرفها الأستاذ فؤاد العطار بما يلي : " يقصد باللامركزية توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية وهيئات منتخبة أو محلية تباشر اختصاصاتها تحت إشراف الحكومة ورقابتها "، وعرفها الأستاذ سليمان الطاوي بأنها توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية أو تتجسد من خلال إنشاء مجموعات محلية مستقلة عن الدولة لها صلاحيات خاصة بها وموجهة نحو البحث عن الحلول لمشاكل التنمية المحلية. (...) 

سيتم موضوع البحث وفقا للتقسيم التالي :

الفصل الأول : تطور اختصاصات الجماعات الترابية من ظهير 1960 الى القانون رقم 00-78 المعدل

الفصل الثاني : اختصاصات وصلاحيات المجالس الجماعية ورؤسائها وفق القوانين التنظيمية الجديدة


المصدر بحث التطور القانوني للتنظيم الترابي اللامركزي بالمغرب  من انجاز الطالب محمد رضا لحمادي 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-