المظاهر القانونية لحماية المستهلك

المظاهر القانونية لحماية المستهلك

اطروحة المظاهر القانونية لحماية المستهلك

العنوان    المظاهر القانونية لحماية المستهلك 
انجاز الباحث      مهدي منير
تحت اشراف الدكتور    أخياض محمد
نوع المرجع   اطروحة 
السنة الجامعية     196 ص
عدد الصفحات362 ص
حجم الملف2MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
اطروحة المظاهر القانونية لحماية المستهلك

مقدمة 

   "القانون في جملته ليس إلا مجموعة من القواعد الملزمة، التي تنظم علاقات الأشخاص في المجتمع، وهو إذ ينظم هذه العلاقات، يرسم حدود نشاط كل شخص في علاقته بالآخر، ويرتب مصالحهم جميعا، ويبين ما يعتبر منها جدير بالرعاية، وما لا يعتبر كذلك ". 

   ومن بين أهداف القاعدة القانونية تحقيق التوازن والاستقرار في المجتمع، من خلال ضبط سلوك الفرد وتنظيم الحقوق والالتزامات، ومن الثابت في الدراسات العلمية، أن القانون لا يمكنه أن يؤدي وظيفته إلا بتحقق شرطين أساسيين وهما:
أولا : ضرورة تحديد الحقوق بدقة وتعيين أثارها.
ثانيا : وضع الوسائل التي تخول للأفراد إمكانية التمتع بهذه الحقوق.

   وعلى هذا الأساس قامت التشريعات الوضعية بإصدار القوانين التي تكفل للأفراد الحرية في إبرام الاتفاقات والعقود، لاكتساب الحقوق أو تفويتها أو التنازل عنها، وذلك لأن ازدهار الشعوب رهين بممارسة الحرية في التعاقد والتنافس، و"الحرية الفردية في البيع والشراء، والاختيار واتخاذ القرارات، هي التي تعطي للحياة معنى دقيقا. غير أنه لا حرية بدون ضوابط، وفي المقابل لا يمكن فرض احترام الإجراءات والقواعد إذا كانت غير معروفة..."

   ولهذا السبب ظهرت النصوص القانونية في شكل مدونات، لتنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ولتفادي المشاكل التي قد تنتج عن الممارسات أو التجاوزات، التي لا تراعي مبادئ العدل والمساواة. وهو الأمر الذي جعل هذه النصوص تتميز بخاصية الحماية، التي تفيد في معناها الاصطلاحي: "الدفاع عن الشيء " ومن هذا المنطلق تظهر لنا خصوصية العلاقة ما بين القانون، وباقي العلوم الإنسانية لاسيما علم الاقتصاد.

   فالقانون لا يمكن اعتباره بمثابة نظام مستقل بذاته، وذلك لأن القاعدة القانونية تتركب من عدة عناصر ، يعود أصل تكوينها إلى مجموعة من المصادر التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضا. والملاحظ أن القانون التعاقدي بشكل خاص، كان متأثرا بالاقتصاد، لذلك فإن البعض يرى بأن مدونة نابوليون لم تكن تجهل مدى تأثير المظهر الاقتصادي على القوة الملزمة للعقود، ومن هذا المنطلق فإنه من الخطأ أن "... تتجاهل أهمية ما هو اقتصادي في تحديد النظرية الواقعية للقانون المدني" حسب قول أحد الدارسين. 

   ولقد كان العقد دائما هو الأداة المتميزة للمبادلات ولتقدير حجم الدخل القومي ، لذلك فإنه من المفترض أن يخضع تكوينه لمبدأ الحرية، وأن يتمتع أطرافه بالحماية اللازمة. ولكن عندما اتضح بأن العقد قد يصبح مصدرا لتكدس الأموال في يد فئة اجتماعية ضيقة، ومن شأنه أن يؤدي إلى استغلال باقي الفنات، وتسخيرها لخدمة طبقة الملاك والمحتكرين، اتجهت الأنظار نحو أليات أخرى لفرض العدل في تقسيم وتوزيع الثروات، دون أن يتم تجريد العقد من مكانته في العلاقات الاجتماعية حيث ظهرت تقنية مراقبة العقود قبل وبعد إبرامها، لإلزام الأطراف بتطبيق بنودها وفق التدابير والإجراءات القانونية التي يضعها المشرع، الذي منح للدولة السلطة المادية لمعاقبة الشخص الذي يتسبب في الإضرار بالطرف المتعاقد معه. 

   وعلى هذا الأساس فإن الدولة هي المكلفة بتحقيق العدالة عن طريق المؤسسات والهيئات المختصة بمراقبة الأحداث، وتتبع القضايا والنزاعات المعروضة عليها، وإصدار الأحكام أو القرارات من أجل حماية حقوق الأفراد، وإلزامهم بضرورة احترام القواعد القانونية .

    لذلك يصح القول بأن قانون المنافسة، الذي ظهر لتنظيم السوق الاقتصادية كان ثمرة هذا التطور. ومن هذا المنطلق أصدر المشرع المغربي القانون رقم 06.99 وذلك لتحفيز المقاولات على تحقيق نتائج أكثر فعالية ، وتوظيف القانون الخدمة التنمية الاقتصادية. (...)

القسم الأول : معايير الحماية القانونية للمستهلك

   إن نمو الاقتصاد وتطور المبادلات التجارية، وتنوع الأساليب والطرق التي تتم بها تسوية المعاملات ما بين الأفراد، إلى غير ذلك من مظاهر التنافس نحو تحقيق الربح، وفرض الهيمنة الاقتصادية في الأسواق، كلها أسباب دفعت المشرع إلى تغيير وظيفة القاعدة القانونية في الحياة الاجتماعية، لاسيما وأن الطرف الضعيف في العلاقة الاستهلاكية، يجد نفسه عاجزا عن مواجهة الضغوط التي يفرضها المهني، الذي يلزمه بالخضوع لإرادته دون أن يترك له الحرية في اتخاذ القرار لاختيار ما يناسب حاجياته. 

   ولعل السبب في ذلك يرجع إلى تفاوت مستوى المعرفة بينهما، فالمستهلك يوصف بالضعف لأنه يجهل العديد من الأمور المتعلقة بالمنتجات أو الخدمات التي ينوي استهلاكها، في حين يتمتع المهني بامتيازات خاصة، تمكنه من فرض سيطرته وتحقيق مصالحه. والملاحظ أن هذا التفوق غير العادل يؤثر على توازن العلاقة ما بين المستهلك والمهني، ويؤدي إلى ظهور النزاعات التي يصعب في بعض الحالات حلها، أو على الأقل تفادي سلبياتها، خاصة وأن المستهلك لا يتوفر على الوسائل المادية الكافية للمطالبة بحقوقه، ومن هذا المنطلق تظهر أهمية دور المشرع في حماية المصالح الاجتماعية والاقتصادية للأفراد .

   لقد نشأت المبادئ العامة لقانون الاستهلاك في نفس الوقت الذي ظهرت فيه بعض التحولات في نظام العلاقات التعاقدية إلا أن فكرة وضع قواعد قانونية خاصة لحماية المستهلكين من الممارسات التعسفية والتجاوزات التي قد تصدر عن المهنيين، لم تحظ بإجماع الدارسين ، واختلفت حولها المواقف ما بين مؤيد ومعارض، فأصحاب الاتجاه الأول يرون بأن وجود قانون خاص لتنظيم العلاقة الاستهلاكية، يعد أمرا ضروريا لانقاذ كل فرد من وضعية الضعف التي تميزه عن غيره، وذلك بتمكينه من الوسائل القانونية لمواجهة أولئك الذين يتوفرون على إمكانيات مادية ومعنوية تساعدهم على فرض السيطرة والتحكم في المجتمع.

   ويعتقدون أيضا بأن وظيفة القانون أصبحت تستوجب تدخل الأجهزة التشريعية لحماية الطرف الضعيف من سلطة الطرف القوي. ولهذا السبب فإنه يجب توفير الحماية القانونية للمستهلك بموجب قانون خاص، وذلك لأن القوانين الجاري بها العمل، لا سيما قواعد قانون الالتزامات والعقود، لم تعد قادرة على مسايرة التطورات التقنية المتزايدة بشكل سريع.

   أما بالنسبة لأصحاب الاتجاه الثاني فهم يعتقدون بأن قواعد الاستهلاك، سوف تمنح للمستهلكين سلطات غير محدودة لمتابعة المهنيين، وهو الأمر الذي سيترتب فرض بعض الضغوط على الفاعلين الاقتصاديين، وذلك من شأنه أن يؤدي إلى التأثير
على نفسية المهني، بصورة تدفعه إلى تجميد أنشطته الاقتصادية، وبالتالي سوف يتقلص حجم المنافسة وتنعدم الجودة، فيتضرر المستهلك بسبب تعرضه للتعسف والاستغلال الذي يمارسه المحتكرون .

   إن الانفتاح على السوق الاقتصادية له عدة مزايا، وهي لا تقتصر على تنظيم الأسعار وتشجيع حرية المنافسة، أو تحرير الاقتصاد، ولكنها تركز أيضا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار كافة العوامل التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تقديم الدعم للمقاولة الإنتاجية وتنميتها، بما في ذلك الحرص على توفير السلع والخدمات التي يزداد الطلب عليها، وتقديم الضمانات القانونية التي تشجع على الاستهلاك.

   ومن وجهة نظرنا نعتقد بأن خصوصية المستهلك، وأهمية الدور الذي يقوم به في المنظومة الاقتصادية، من خلال وظيفة الاستهلاك، تعتبر من أهم المعايير المحددة للحماية القانونية، التي فرضت على المشرع التدخل لتحقيق التوازن ما بين أطراف العلاقة الاستهلاكية، لكن من هو المستفيد الحقيقي من حماية قانون الاستهلاك ؟ وما هي الأسباب التي دفعت التشريعات المقارنة إلى تنظيم الاستهلاك؟ 

   هذا ما سنحاول دراسته من خلال تحليل الطبيعة القانونية للمستهلك، والكيفية التي بموجبها وضعت المقومات القانونية للتوفيق ما بين المصالح الاقتصادية العامة، والمصالح الفردية الخاصة، وذلك وفق الخطة التالية:

الفصل الأول: مفهوم المستهلك

الفصل الثاني: تنظيم الاستهلاك

القسم الثاني : الوسائل القانونية لحماية المستهلك

   لا يخفى على أحد مدى الأهمية التي أصبحت توليها التشريعات المقارنة لقانون الاستهلاك،  وذلك لأن أغلب الدول المتقدمة تسعى إلى توفير الحماية الضرورية للمستهلك، من أجل تشجيعه على المساهمة في التنمية الاقتصادية. 

   ولكن يلاحظ البعض بأن القواعد القانونية المنظمة للعلاقة الاستهلاكية لم يتم بلورتها بشكل واضح، لاسيما وأن إشكالية تداخل النصوص القانونية الجاري بها العمل، مع المقتضيات المستحدثة لخلق التوازن ما بين المستهلك والمهني تثير صعوبات قانونية، وتعيق التطبيق الجيد للضمانات التي يمنحها المشرع للطرف الضعيف في المعاملات الاقتصادية. 

   وعلى هذا الأساس نعتقد بأن التساؤل حول المكانة التي يحتلها قانون الاستهلاك في المنظومة القانونية السائدة في المجتمعات الاستهلاكية، يفرض نفسه في هذا الموضوع الذي نحن بصدد دراسته، فهل النموذج التشريعي الذي يعرضه قانون الاستهلاك يعد النتيجة الحتمية للتنظيم الذي تخضع له التصرفات والممارسات التي تستهدف المستهلك؟ أم أنه يعتبر مجرد دليل قانوني يمنح للمستهلك فرصة للاستفادة من بعض الامتيازات التشريعية والتنظيمية لمواجهة التحديات الاقتصادية؟ أو أنه على العكس من ذلك هو الوسيلة القانونية التي يستخدمها المشرع للبحث عن التوازن الحقيقي للعلاقات الاجتماعية في ظل النظام الاقتصادي؟

   ليس من السهل تجاهل الدور الذي يقوم به قانون الاستهلاك في ضبط سلوك الأفراد، وتنظيم العلاقات التعاقدية التي تربط ما بين المستهلك والمهني. فسواء كانت القواعد التي وضعها المشرع لتحقيق هذا الغرض، تمتاز بالدقة والفعالية، أو أنها مجرد نظرية تعكس المفهوم العام للحماية القانونية، فإن التشريعات المقارنة قامت بتطوير آلياتها القانونية، لمواكبة التحولات الاقتصادية والتطورات العلمية، وهو الأمر الذي فرض عليها ضرورة إدخال عدة تعديلات على الإجراءات والتدابير القانونية التي تطبق على العلاقة الاستهلاكية.

   ومن هذا المنطلق نرى بأنه يجب على السلطات المغربية المعنية بالأمر، أن تعيد النظر في سياستها وبرامجها الاقتصادية، بالشكل الذي يتيح لها تحقيق التكامل ما بين وظيفة الاستهلاك وتطور المنافسة التجارية، من خلال وضع الإطار القانوني الذي يعطي للمستهلك الدعم المعنوي لأخذ المبادرة بنفسه للمطالبة بحقوقه والدفاع عنها، وذلك بالاعتماد على المبادئ التالية :

- توفير الإعلام المناسب ونشر التوعية القانونية والاقتصادية على نطاق واسع.
- وضع الآليات القانونية في متناول المستهلكين، سواء بصورة فردية أو بشكل جماعي، للمطالبة بوقف التصرفات غير المشروعة أو للدفاع عن الحقوق.
- تهيئ الظروف الملائمة لتكوين جمعيات حقيقية للمستهلكين.

   والواقع أن هذه المبادئ يصعب حصرها، نظرا لاتساع نطاق المعاملات الاقتصادية، وتنوع التصرفات التي يبرمها الأفراد فيما بينهم لإشباع حاجياتهم الذاتية ، غير أننا نرى بأن أهم الوسائل التي وضعها القانون لحماية المستهلك تتجسد في إعلامه وإخباره بماهية المنتجات أو الخدمات وطبيعتها (الفصل الأول)، وأيضا في مساندته عندما يكون طرفا في المنازعات الاستهلاكية (الفصل الثاني).


المصدر اطروحة المظاهر القانونية لحماية المستهلك للباحث مهدي منير
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-