القانون الدولي الإنساني s6

القانون الدولي الإنساني s6

القانون الدولي الإنساني,القانون الدولي الإنساني s6,محاضرات القانون الدولي الإنساني
العنوانمحاضرات  القانون الدولي الإنساني 
تأليف الدكتور      محمد البزاز
الفصل   السادس قانون عام 
نوع المرجع   محاضرات  
السنة الجامعية    2020/2019
عدد الصفحات79 ص
حجم الملف1MO
نوع الملفPDF
روابط التحميلmediafire أو google drive
القانون الدولي الإنساني,القانون الدولي الإنساني s6,محاضرات القانون الدولي الإنساني

مقدمة

   يقضي القانون الدولي المعاصر بحظر اللجوء إلى القوة العسكرية لتسوية الخلافات بين الدول أو حتى التهديد باستعمال القوة، أي أن شن الحرب أضحت خارج الشرعية الدولية بمقتضی میثاق منظمة الأمم المتحدة لعام 1945. 

   لكن اللجوء إلى الأعمال العسكرية في بعض الحالات الاستثنائية يكون مستساغا، كحالة الدفاع الشرعي عن النفس وحالة حروب التحرير الوطنية وحالة التدابير العسكرية التي يتخذها مجلس الأمن في إطار تطبيق نظام الأمن الجماعي الذي ينص عليه الفصل السابع من الميثاق.

   وهكذا فإن نشوب الحروب أضحت أمرا واقعا ممكنا، بالرغم مما تنطوي عليه من عنف وبطش وارتكاب الفظاعات والأعمال الوحشية، وتبيح إهلاك النفوس وتخريب الديار وإهدار الأموال. ومن هذا المنطلق يمكن القول بلا تردد أن الحرب هي مستنقع الجرائم :

   وبالنظر لآثارها التدميرية على مختلف الأصعدة، وبالنظر للأهوال والمآسي التي تخلفها، وبسبب وحشيتها ومجافاتها للقيم الأخلاقية النبيلة، وبسبب إزهاقها لحياة الأفراد والمجتمعات، حيث يصبح الإنسان لا قيمة له، وبالتالي تعتبر الحروب عملا منبوذا بموجب الضمير الإنساني. 

   ولمواجهة هذا الواقع المر، ظهرت حاجة البشر إلى الحد من ظاهرة النزاعات المسلحة، أو على الأقل الحد من غلوائها، وتقليص قدر الإمكان من قساوتها ومراعاة القيم الإنسانية المتجذرة في النفس البشرية، من أجل التخفيف من الظلم والمعاناة والبؤس والحرمان والكوارث الاجتماعية التي تخلفها الكثير من الحروب. 

   وحاول المجتمع الدولي إرساء قواعد وآليات لتنظيم هذه الظاهرة وأنسنة الحروب، وهو ما أدى إلى تشكيل نظام قانوني يطبق خصيصا في حالات النزاع المسلح، وهو ما يصطلح عليه حاليا القانون الدولي الإنساني.

  وبالفعل بناء على القيم الإنسانية الراسخة في الطبيعة البشرية ولمواجهة مآسي الحروب توصل المجتمع الدولي حديثا إلى تطوير الأعراف والقواعد الدولية المنظمة لسير الأعمال العدائية، وإلى ضبطها وتقييدها بأحكام وضوابط واضحة، وإلى تنظيم معاملة الأعداء وأموالهم، ومعاملة الجرحى وأسرى الحرب، معاملة إنسانية رحيمة، حيث تأسس فرع جديد للقانون المنظم للعلاقات بين الدول في حالة الحرب يعرف بالقانون الدولي الإنساني، الذي يتشكل من مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي أبرمت على مراحل .

   وهكذا جنبا إلى جنب مع محاولات الإنسان ترشيد الحرب وتقنينها وتحريمها سارت محاولات لجعلها إنسانية، وهذه المحاولات هي ما سوف نتناوله في هذا المؤلف. وما دام أن نشوب الحروب معطی موضوعي في العلاقات الدولية، فإن القواعد الدولية الإنسانية تهدف الى جعل العمليات العسكرية أقل وحشية ودمارا وأكثر إنسانية. 

   ولتحقيق هذا الهدف، فإن القانون الدولي الإنساني لا يتدخل في تحديد مدى مشروعية النزاعات المسلحة ولا تحديد مدى حق الدولة في اللجوء إلى الحرب كوسيلة لحل النزاعات الدولية، بل تتمثل وظيفته الأساسية فقط في حماية الضحايا من المخاطر الناجمة عن تلك الحروب.

  لم ينشأ القانون الدولي الإنساني من فراغ فهو إفراز لمجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي تدعو في إطارها العام إلى نبذ الحروب بين الدول والشعوب، والرجوع إلى الحل السلمي للمشكلات التي تنشأ بين الدول، وإذا ما وقعت الحرب فإن ثمة اعتبارات ذات طابع إنساني يجب إعمالها. ومن المؤكد أن "أنسنة الحرب L'humanisation de la guerre"، تطلب أن نضع في الاعتبار أن "الرحمة تجاه من يعانون" ويلات النزاع المسلح هي  مبدأ يجب دائما مراعاته، رغبة في تلافي كل أنواع الانتهاكات التي حدثت في الحروب قديمها وحديثها، حماية لحياة الإنسان، الذي هو موضوع تكريم إلهي وفضله الخالق على كثير ممن خلق تفضيلا.

   أكيد أن القانون الدولي الإنساني لا يستطيع منع الحرب، لكنه يرمي إلى وضع الضمانات اللازمة للحد من آثار النزاعات المسلحة، والعمليات الحربية بالخصوص، وعلى توفير الحماية والمساعدة للأشخاص الذين لا يشاركون في القتال أو أصبحوا غير قادرين على المشاركة فيه، وتمتد تلك الضمانات أيضا لتشمل الممتلكات التي لا تشكل أهدافا عسكرية. كما يرمي إلى تقييد وحظر استخدام وسائل وأساليب معينة في القتال، وذلك في سعيه إلى إعلاء المقتضيات الإنسانية على الضرورات الحربية.


المصدر محاضرات القانون الدولي الإنساني للدكتور  محمد البزاز
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-