العنوان | موسوعة التحكيم التجاري الدولي |
---|---|
تأليف الدكتور | خالد محمد القاضي |
نوع المرجع | كتاب |
عدد الصفحات | 639 ص |
حجم الملف | 18MO |
نوع الملف | |
روابط التحميل | mediafire أو google drive |
مقدمة
القانون الدولي العام يجسد النظام العام الرضائي الذي يحكم العلاقات الدولية ، وهذه الطبيعة الرضائية في قواعد القانون الدولي العام لازمته منذ نشأته على يد الفقيه الهولندي "جـروسـيـوس" الملقب "بأب القانون الدولي"، ومروراً بتطوراته المتلاحقة التي لعب فيها الفيلسوف الإنجليزي "بنتام" دورا مهما ، ثم شهدت كثيرا من التداعيات التي أكدت على مر التاريخ هذه الطبيعة الرضائية ، من خلال المصدر الرئيسي للقانون الدولي العام وهو المعاهدات والإتفاقيات الدولية ، إذ كان الفضل الأكبر في هذا لمعاهدات وستفاليا عام 1648م التي وضعت اللبنة الأولى في بناء صرح القانون الدولي العام ، متضمنة العديد من الأسس التي حكمت العلاقات بين الدول ما يقرب من قرن ونصف قرن من الزمان .
ثم سطع مصطلح التحكيم الدولي في سماء القانون الدولي العام ليؤكد ويجسد هذه الطبيعة الرضائية ، ذلك انه ينهض - في معناه ومبناه - على مبدأ سلطان الإرادة ، وأصبح التحكيم الدولي نظاما قضائيا عالميا ، كأحد شطري الوسائل القضائية - مع محكمة العدل الدولية - لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية.
وكان طبيعيا أن يواكب التحكيم الدولي ، التطورات المتلاحقة للقانون الدولي العام التقليدي ، ويستجيب لأنساق القواعد القانونية التي تتولد عنه ، كقواعد القانون الدولي الاقتصادي ، وقانون التجارة الدولي ، والقانون التجاري الدولي ، ذلك ان هذه القواعد الجديدة باتت تلعب دورا مهما وفعالاً في النظام العالمي الاقتصادي الجديد ، الذي ظهرت فيه الكيانات الإقتصادية الدولية الكبرى التي تنزع إلى ان تتعولم من خلالها كل اقطار الكون.
لذلك ، فقد عكفت على استقراء هذا الواقع المتمثل في غزو تلك الكيانات الإقتصادية الكبرى لجعل الدول "الأقل تقدما" سوقا رائجة لمنتجاتها دون أن تتيح لها فرصة المساهمة الفاعلة في تنمية قدراتها التنموية ، فألفيت ان هذا الواقع جد مرير ، إذ تهيمن 40 الف شركة - وفروعها البالغة 250 الفا - على الإقتصاد العالمي ، وتتقاسم خمسة بلدان رئيسية هي الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وفرنسا وبريطانيا وألمانيا فيما بينها وحدها (172) شركة من أكبر مائتي شركة في العالم .
وانطلاقا من اسـتـقـراء الواقع كذلك ، ولما كانت مـصـر تـجـتـاز مـرحلة اقتصادية فارقة في تاريخها ، تتهيأ بها لتحقيق أهداف استراتيجية في نظامها الإقـتـصـادي، فإن تلك الأهداف "لا يمكن أن تكون إلا بصيـاغـة تجـعل العلم والوطنية المصرية معا هما القوة الدافعة لحـركـة الحـيـاة المصرية"، وفي اعتقادي أن ذلك العلم وتلك الوطنية يمتزجان معا في صيغة المشروعات الدولية المشتركة International Joint Ventures كصيغة " تقدم إطارا قانونيا منظما ييـسـر انـتـقـال رؤوس الأموال والعمال والفنيين، ولما يقدمه المشروع الدولي المشترك من الضمانات الناجمة عن صفة الدولية التي يتمتع بها ، لتحقيقه لأهداف التكامل الإقتصادي الدولي بين الدول الصناعية المتقدمة وغيرها من الدول " الأقل تقـدمـا"، ذلك إلى جانب التـعـهـدات والحـصـانات والمزايا التي تقررها الإتفاقيات الدولية المنشئة له ، والتي تتعهد الدول الأطراف فيها بضمان تنفيذها" .
وإذ كان ما تقدم ، فإن هذه الصيغة تفضل -في تقديري- غيرها من صور التعاون الإقـتـصـادي الدولي، مثل الشركات متعددة الجنسيات ، التي تهدف إلى حـمـاية الطرف الأجنبي - الشـركـة الأم- صاحب الهيمنة على مـقـدرات التجارة الدولية، ولو تم ذلك على حـسـاب مـصـالح ومـصـيـر الدول الأخرى ، وإذ كانت تلك المشروعات الدولية المشتركة تنشأ بمقتضى اتفاقيات دولية، فإنها -كذلك- انموذج تطبيقي للطبيعة الرضائية التي تعد القاعدة الحاكمة لقواعد القانون الدولي العام .
إذن، فعلمي بأهمية المشروعات الدولية المشـتـركـة لمسـتـقـبـل مـصـر الإقتصادي، وإيماني العميق بوطنيتي التي تجرى في أوصالي ، أوجبا على ان يلبي بحثي حاجة وطني ، لقناعتي اليقينية بأن البحث العلمي المجرد عن الواقع كالناسك العابد العاكف في المسجد دون ان يكون له دور إيجابي في مجتمعه....
تقسيم الدراسة
نخـصـص القـسـم الأول لدور التحكيم الدولي في تسوية منازعات المشروعات الدولية المشتركة في بابين ، نتناول في الباب الأول الإطار القانوني للتحكيم الدولي في منازعات المشروعات الدولية المشتركة من حيث ضوابط فكرة التحكيم الدولي ، والتنظيم الدولي للتحكيم في جـانـبـيـه ، التـعـاقـدي "المعاهدات الدولية " والتطبيـقي "مـراكـز التحكيم الدولي" ، وكذلك الصـور المختلفة للإتفاق على التحكيم الدولي واركانه .
وفي الباب الثاني نناقش التنظيم الإجرائي للتحكيم الدولي في منازعات المشـروعـات الـدوليـة المشـتـركـة بدءا من تشكيل هيئة التحكيم وتحـديد اختصاصاتها، ومروراً بسير إجراءات التحكيم حتى صدور حكم فاصل في النزاع بين الأطراف، وكذلك القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم وموضوع النزاع .
أما القسم الثاني فـسـوف يكون وقفا على دراسة دور القضاء في تسوية منازعات المشروعات الدولية المشتركة ، وذلك من خلال بابين أولهما نفرده لاخـتـصـاص القـضـاء بنظر منازعات المشروعات الدولية المشتركة، وذلك بعرض للقواعد العامة للاختصاص القضائي (الوظيفي، والمحلى ، والنوعي ، والقيمي ، وقضاء الأمور المستعجلة) ، وتلك القواعد التي حددها قانون التحكيم المصرى والمتعلقة بمعيار التجارية والدولية في ذلك القانون ، وإشكالية تنازع الاخـتـصـاص بين قـضـاء الدولة وقـضـاء التحكيم ، ثم نلقى إطلالة على مبادئ المحكمة الدستورية العليا في مسائل التحكيم .
أما عن الباب الثاني والأخير في تلك الدراسة ، فسوف يكون محلاً لاستكناه موقف القضاء المصري من التحكيم الدولي في منازعات المشروعات الدولية المشتركة بحسبان ان الأول مكمل للآخر ، فلا وجود له إلا به ، ولاحياة له إلا في ظل احكامه ، فيتدخل القضاء بالمساعدة في تشكيل هيئة التحكيم ، وإجراءات التحكيم باتخاذ التدابير الوقتية والحجز التحفظي واستدعاء الشهود والإنابة القضائية ، ثم دوره في تنفيذ أحكام التحكيم وتبعات هذا التنفيذ من منازعات وإشكالات ، وأخيرا نعرض لبعض تطبيقات قضائية للأحكام الصادرة في دعاوى بطلان احكام التحكيم .
وتنتهى تلك الدراسة بخاتمة تضم خلاصة البحث وتوصياته .
فصل تمهيدى : تحديد ماهية المشروعات الدولية المشتركة في إطـار قـواعـد القانون الدولي العـام
ما من شك أن صيغة المشروع الدولي المشـتـرك تـفـضـل غـيـرهـا مـن صـور الاستثمارات الأجنبية كآلية لتفعيل التكامل الاقتصادي الدولي لاسيما في الدول النامية ، لذلك فإنه قد يكون من المناسب - في تقديري - قبل أن نناقش دور التحكيم الدولي والقضاء في تسـويـة مـنـازعـات الـمـشـروعات الدوليـة الـمـشـتـركـة ، أن نستكنه جـوهـر ومـاهـيـة تـلك الـمـشـروعـات الدولية المشتركة International Joint Ventures في إطار القانون الدولي العام .
كـمـا أنـه قـد يـكـون من الملائـم كـذلك أن نسـتـعـرض بعض الأشكال والنماذج التطبيقية لتلك المشروعات الدولية المشتركة ، ذلك أن الدراسات النظرية البحتة لا تكتسب أهميتها إلا من خلال مـا تـتـفـاعـل مـعـه مـن التطبيقات العملية .
ومن ثم ، فسوف نلقي الضوء بداءة على التعريف بالمشروعات الدولية المشتركة ثم نشفعها بعرض لبعض النماذج التطبيقية لها في مبحثين متواليين .
القسم الأول : دور التحكيم الدولي في تسوية منازعات
المشروعات الدولية المشتركة
القسم الثاني : دور القضاء في تسوية منازعات المشروعات الدولية المشتركة.
كتاب موسوعة التحكيم التجاري الدولي تأليف الدكتور خالد محمد القاضي.
تعليق