العنوان | المراقبة الإدارية على الجهات |
---|---|
انجاز الطالب | محمد بيدوح |
اشراف الدكتور | أحمد أجعون |
التصنيف | بحث الإجازة |
السنة الجامعية | 2020/2019 |
عدد الصفحات | 45 ص |
حجم الملف | 3MO |
صيغة الملف | |
منصات التحميل | mediafire أو google drive |
مقدمة
أضحت الإدارة اللامركزية تلعب دورا مهما في تفعيل التنمية الترابية وتلبية حاجيات المواطنين وتحقيق مصالحهم، وذلك راجع الى المكانة التي تحتلها الجماعات الترابية داخل التنظيم الإداري المغربي خاصة وأن المشرع منحها الشخصية المعنوية واعتبرها من بين أشخاص القانون العام وجعلها مستقلة ماليا واداريا ووضع لها إصلاحات عديدة تهدف الى تحقيق الحكامة الترابية مما يساعدها ذلك على دعم قدراتها لتدبير الشأن العام الترابي.
ولعل أهم مجال ترابي خصب يمكن أن يسرع من وتيرة تفعيل التنمية هو الجهة وذلك راجع الى مكانتها الدستورية والقانونية، بحيث حسب الفصل 143 من دستور 2011" فإن الجهة " تتبوأ تحت إشراف رئيس مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى، في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب الوطني..."، وأيضا بسبب الإختصاصات والصلاحيات الممنوحة لها قانونا واعطائها مجالا من الاستقلالية وفقا لمبدأ التدبير الحر.
ولقد أصبحت الجهة الحقل الإداري والاقتصادي الذي تتحقق فيه التنمية سواء أكانت اجتماعية، ثقافية، اقتصادية أو سياسية من خلال تعاون جميع الفاعلين سلطة منتخبة كانت أو معينة أو مواطنين، وذلك للتخطيط والتوجيه عن طريق بلورة استراتيجية جهوية مرتكزين على تفعيل الحكامة الترابية، ومن ضمن اللبنات التي تنبني عليها هذه الأخيرة التدبير التشاركي الذي يتأسس على مبادئ سياسة القرب وثقافة المشاركة بكل تجلياتها المتمثلة في تعبئة الطاقات المحلية والتواصل بما يضمن بناء جسور الثقة بين المنتخبين والقوى الحية سواء المجتمع المدني والنخب المحلية من المواطنين، في إطار الشفافية والمساءلة والاشراك وإتاحة المعلومة للجميع، وهذا ما يسمى بالديموقراطية المحلية التي تجمع بين الديموقراطية التشاركية والتمثيلية وذلك لتدبير شؤون الجهة .
إن تمتع الجهة بكل هذه الامتيازات القانونية لا يعني بتاتا فك جميع الروابط والعلاقات مع الدولة، لتبقى هذه الصلات قائمة معها وذلك من خلال إقرار نظام المراقبة الإدارية، فإذا وافقت الدولة على توزيع بعض الإختصاصات بينها وبين الجهة فمن واجبها أن تتأكد بأن ما تقاسمته مع الجهة يحترم فعلا الشرعية.
والحكمة من تقرير هذه المراقبة الإدارية هي حماية المصلحة العامة وتوجيه السياسة الجهوية لموافقة السياسة العامة للبلاد. وفي السابق كنا نتحدث عن نظام الوصاية الادارية وتم استبدال هذا المصطلح عند تعديل دستور 2011 بعبارة المراقبة الإدارية الذي نص عليها الفصل 145 من الدستور.
واستبدال مصطلح الوصاية بالمراقبة الإدارية له إشارة واضحة على أن مفهوم الوصاية لا يعبر بشكل واضح عن الدور الإشرافي الذي تقوم به الدولة اتجاه الجهة فهذه الأخيرة تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية في تدبير شؤونها، والوصاية المراد بها في القانون الخاص حماية الأفراد الناقصين الاهلية وتسيير شؤونهم، أما الجهة هي شخص اعتباري تتمتع بالأهلية الكاملة ولا يمكن الوصاية عليها لذلك تم تعويض الوصاية بالمراقبة الإدارية فهذه الأخيرة تلجأ اليها الدولة لمواكبة الجهة في تسيير أعمالها وليس للتدخل في شؤونها.
وحسب الفقيه هنري لومب جي، فالمراقبة الإدارية هي مجموع السلطات التي يمنحها المشرع للسلطة المركزية لتمكينها من مراقبة نشاط الوحدات اللامركزية بقصد حماية المصلحة العامة، أما الفقيه شارل دوباش فقد غرف المراقبة الإدارية على أنها ذلك الفعل الذي تمارسه الدولة على الوحدات المحلية بقصد المحافظة على وحدة وترابط الدولة، وأيضا لتجنب الآثار الخطيرة التي تنشأ عن سوء الإدارة من جانب الوحدات اللامركزية وضمان وحدة القانون بالنسبة لإقليم الدولة بأكمله على ألا تتم هذه المراقبة إلا في الحالات المحددة قانونا ودون المساس باستقلاليتها.
يمكن تعريف المراقبة الإدارية على أنها مجموعة من التصرفات التي تقوم بها السلطة المركزية من خلال ممثليها لمعاينة مدى احترام الجماعات الترابية خاصة الجهات للقانون وعدم تعسفها في استعمال اختصاصاتها ومخالفتها لقواعد الشرعية.
تسعى الدولة من خلال المراقبة الادارية الى مواكبة أعمال الجهة ومساعدة المنتخبين الذين تنقصهم الخبرة والمؤهلات لتسيير الجهة وأيضا لمعاقبة المخالفين للقانون، ولا يجب أخد نظرة سوداوية على أن المراقبة الإدارية لها وقع سلبي وتقيدي لحرية الجهة وأنها عائق للتنمية الجهوية، على العكس فهي لها مجموعة من الإيجابيات والسلطة المركزية لا تتدخل في اختصاصات الجهة خاصة الذاتية بل تقوم بمراقبة مدى شرعية تصرفاتها لكنها تتدخل في حالة وجود تقصير مخالفة لذلك، والمراقبة ما لم يكن فيها خير لما وضعها ربنا سبحانه وتعالى على عباده لقوله جل وعلى " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " ، وذلك لحرص العباد على التحسين من سلوكياتهم وتصرفاتهم لأن بعد هذه المراقبة هناك جزاء.
وكذلك نفس الأمر بالنسبة للمنتخبين الجهويين فالرقابة تجعلهم يحسنون تدبير أمور الجهة وإلا سيلقى عليهم مجموعة من الجزاءات القانونية.
إن شكل المراقبة الإدارية اليوم المنصب على الجهات لم تعرفه هذه الأخيرة في السابق، فمفهوم الجهة لم يتضح إلا في سنة 1971 وذلك بعد صدور ظهير رقم 1.71.77 المتعلق بإحداث الجهات الاقتصادية السبعة وذلك قصد التخفيف من مركزية القرارات الاقتصادية والاجتماعية دون تمتع هذه الجهات بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري.
وأمام الرغبة في تعميق التجربة اللامركزية والإرادة الملكية للمغفور له الملك الحسن الثاني بإنشاء جهات على شكل النموذج الألماني، تم الارتقاء بالجهة الى مستوى جماعة محلية وذلك مع مجيء دستور 1992 ودستور 1996 بالإعتراف لها بالشخصية المعنوية ومع صدور القانون رقم 47.96 المتعلق بالجهات 6 الذي قفز باللامركزية بالمغرب قفزة نوعية واعتبر على أنه دعامة لتكريس نظام قائم على الديمقراطية".
ورغم كل ذلك فالجهة كانت خاضعة لوصاية السلطة المركزية على جميع المستويات، لكن في سنة 2010 قام جلالة الملك محمد السادس بتنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية وألقى خطابا يدعو فيه هذه اللجنة الى الاجتهاد لإيجاد نموذج مغربي للجهوية، والارتقاء من جهوية ناشئة الى جهوية متقدمة.
ومع تعديل دستور 2011 أصبحت للجهة مكانة مهمة داخل التنظيم الإداري المغربي وذلك راجع الى توسيع دائرة اختصاصاتها وتأكيد حضورها الفعال في تحقيق التنمية عبر إعطائها مجموعة من الصلاحيات وتحديد المؤسسات التي تقوم بمراقبتها وما زاد على تأكيد ذلك صدور القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات في سنة 2015 الذي نظم جميع الحيثيات المتعلقة بحياة الجهة، وكل هذه الإصلاحات المهمة والجوهرية تسعى الى الارتقاء بمكانة الجهة، وهي تعبير عن الإرادة الملكية التي تبناها الملك محمد السادس، وفي سنة 2019 أقيمت أول مناظرة وطنية للجهوية المتقدمة وذلك لمناقشة الأمور التي تهم الجهة واقتراح حلول للمشاكل التي تواجهها.
المبحث الأول : المراقبة الإدارية على أعمال الجهة
إن أهداف ومقاصد المراقبة الإدارية على أعمال الجهة لا تنحصر فقط في إلزام الجهة باحترام النصوص التشريعية والتنظيمية المختلفة وبدأ صلاحياتها واختصاصاتها كما هو مطلوب منها، بل تسعى هذه الرقابة الى جعل الأعمال والتصرفات والقرارات والمقررات التي تتخذها الجهة تحترم وتتفق مع توجهات السياسة العامة للدولة ومع متطلبات الساكنة المحلية .
ونجد أن القانون التنظيمي 111.14 قد أرسى نظاما جديدا للمراقبة يقوم على المراقبة البعدية كمبدأ عام مع الأخذ بالرقابة القبلية خاصة على المستوى المالي للجهة وهذا من جانب، ومن جانب أخر نجد أن مراقبة المشروعية يقوم بها كل من الوالي ووزير الداخلية والقضاء الاداري أيضا، بحيث تم إقحام هذا الأخير من خلال القانون التنظيمي المتعلق بالجهات كطرف مهم في المراقبة الإدارية.
تتم المراقبة الإدارية على أعمال الجهة من خلال مجموعة من الآليات القانونية والتي تم التنصيص عليها قانونا من خلال الباب الثالث من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات بحيث نصت المادة 112 على أنه "يمارس والي الجهة المراقبة الإدارية على شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات مجلس الجهة..."
ويستخلص من ذلك أن المراقبة الإدارية المطبقة على الجهات هي رقابة للشرعية وأضحت لها أهمية كبيرة"، وتم إسناد هذه المهمة للوالي وذلك حسب ما تم ذكره في الفصل 145 من دستور 2011 و"يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية...".
وإذا كان التنظيم الجهوي يرتكز على مبدأ التدبير الحر12 وتمتيع الجهة بالشخصية المعنوية فهذا لا يعني بشكل من الأشكال الاستقلال التام للجهة، وائما يعني ذلك أن الجهة أصبحت لديها الحرية في اختيار الوسائل المناسبة لإشباع حاجاتها وذلك تحت الرقابة على أعمالها، والتي يمارسها كل من ممثل السلطة المركزية والقضاء الإداري باستعمال مجموعة من الوسائل والتقنيات الرقابية المتمثلة في التعرض ومراقبة المشروعية (المطلب الأول)، وتقنيات التأشيرة والحلول والأعذار (المطلب الثاني).
المبحث الثاني : المراقبة الإدارية على الأشخاص بالجهة
أصبح المغرب في العقود الأخيرة يولي كل اهتمامه بالإدارة اللامركزية لما لها من قدرة على الدفع بعجلة التنمية خاصة الإدارة الجهوية، وإذا كان القانون التنظيمي 111.14 أعطى مجموعة من الاختصاصات والصلاحيات للأشخاص الذين تم انتخابهم لتسيير الجهة فإن ذلك لا يمنع من تسليط الرقابة الإدارية عليهم التي يمارسها والي الجهة طبقا للدستور، وذلك لمواجهة أي انحراف او تجاوزات في استعمال الهيئات اللامركزية لسلطتها، ورغم هذه الرقابة التي تمارسها الإدارة المركزية من خلال السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أو الرقابة التي تمارسها السلطة القضائية فإن الهيئات المنتخبة تتمتع بالاستقلالية في مباشرة شؤونها واستعمال سلطتها في حدود ما رسمه لها القانون.
إن هؤلاء الأشخاص الذين تم اختيارهم لتسيير الجهة هم نتيجة للديموقراطية التمثيلة والتشاركية بحيث هم هيئات منبثقة عن إرادة المواطن وبالأخص الساكنة الجهوية بواسطة آلية الانتخاب التي تمنح لأعضاء مجلس الجهة الاستقلالية في إدارة الشأن الجهوي والسهر على تحقيق مصالح الساكنة ورعاية حقوقهم، ولتأطير عمل هؤلاء المنتخبين الجهويين لا بد من نظام أساسي والذي هو عبارة عن مجموعة من القواعد التي تنظم المنتخبين الجهويين داخل الجهة وذلك بغية منعهم من الإساءة في استعمال السلطات التي أعطيت لهم وتوجيههم لكي لا تتعارض قراراتهم مع المصلحة العامة وأيضا لتبيان مالهم من حقوق وما عليها من التزامات .
ولضمان حسن سير المجلس الجهوي ولتنزيل المقتضيات المتعلقة بالنظام الأساسي للمنتخب الذي يحدد حقوق وواجبات المنتخب الجهوي نجد أن المشرع كان شديد الحرص على إعمال الرقابة على المنتخب الجهوي والتي تتمثل في الرقابة على أعضاء المجلس بصفتهم الفردية والجماعية (المطلب الأول)، والرقابة على رئيس مجلس الجهة (المطلب الثاني).
بحث المراقبة الإدارية على الجهات إعداد الطالب محمد بيدوح.
تعليق