إجراءات صحة ونفاذ التصرفات العقارية

إجراءات صحة ونفاذ التصرفات العقارية

إجراءات صحة ونفاذ التصرفات العقارية
العنوان     إجراءات صحة ونفاذ التصرفات العقارية  
انجاز الطالبة      خاليدة بن عوالي
 اشراف الدكتور    الصالح بوغرارة
التصنيف   مذكرة ماستر
السنة الجامعية     2021/2020
عدد الصفحات129 ص
حجم الملف24MO
صيغة الملفPDF
منصات  التحميلmediafire أو google drive
إجراءات صحة ونفاذ التصرفات العقارية

مقدمة 

   مما لا شك فيه أن العقار يكتسي أهمية بالغة في المجال الاجتماعي والاقتصادي، تتجلى هذه الأهمية في كونه الوعاء الأصلي لإقامة المشاريع العمرانية بمختلف أنواعها، فالعقار هنا يعتبر أساساً لإقامتها، فضلاً عن أنه ثروة اقتصادية، حيث يعتبر أهم وسيلة لجلب الاستثمار الوطني والأجنبي على حد السواء، وبناء على هذه الأهمية يشكل العقار أكثر الوسائل تحقيقا للتنمية المحلية والوطنية، ومن ثم بناء اقتصاد قوي.

   ونظرا للأهمية التي يكتسبها العقار، ونظرا لأهمية حق الملكية العقارية الذي يرد على العقار، حيث تكمن أهمية هذا الحق في كونه يمنح صاحبه من السلطات ما لا يمنحه حقا آخر غيره، الأمر الذي عزز رغبة الأفراد في اكتساب العقارات وتداولها، كما سعت مختلف تشريعات العالم نظرا لهذه الأهمية إلى هيكلة النظام العقاري، وتسهيل عملية تداول العقارات، ومن بين هذه التشريعات، المشرع الجزائري الذي خص العقار بقواعد قانونية، تنظم عملية تداوله، من خلال إخضاع صحة التصرفات العقارية إلى الشكلية المتمثلة في ركن الشكل الرسمي لتمام صحته، أي أنه إضافة إلى الأركان العامة المتمثلة في التراضي، المحل والسبب، يشترط ركنا إضافيا خاص بالتصرفات العقارية، وهو الشكل الرسمي، حيث يرتب القانون على تخلفه بطلان التصرف، ثم أخضع هذه التصرفات لإجراء الشهر العقاري لنفاذها، حيث إنه لا يعتبر ركنا في التصرفات، إنما هو إجراء قانوني، يهدف إلى نفاذ نقل ملكية العقار، وإعلام الغير بالتصرفات العقارية، لتكون بذلك حجة عليهم.

   وقد مر هذا التنظيم بمحطات تشريعية متعاقبة، كان الهدف منها تنظيم المعاملات العقارية، حيث يهدف هذا التنظيم إلى استقرار هذه المعاملات، ودعم الثقة والائتمان بين المتعاملين، أما فيما يخص المحطات التشريعية التي مر بها هذا التنظيم، فيجدر الحديث في هذا الإطار عن الحقبة الاستعمارية التي تميزت بمجموعة من الإجراءات تمثلت أهمها في تشجيع المعاملات العقارية، كما تميزت برضائية العقود الناقلة للملكية، حيث لا تشترط الكتابة الرسمية إلا للإثبات، في حين كانت تحرر هذه العقود في الشكل العرفي، كما كانت تخضع لإجراء الشهر العقاري في نظامه الشخصي.

   عقب الإستقلال ولأسباب موضوعية، قام المشرع الجزائري بتمديد العمل بالتشريعات الفرنسية غير المخالفة للسيادة الوطنية، فتميزت هذه المرحلة بتحرير العقود التي محلها عقار أو حقوق عينية عقارية في الشكل العرفي، كما تميزت بتطبيق نظام الشهر الشخصي، القائم على أساس أسماء الأشخاص الذين صدر منهم التصرف.

  وبصدور قانون التوثيق سنة 1970، الذي أصبح ساري المفعول في 1 جانفي 1971، نص في المادة 12 منه صراحة على وجوب إفراغ التصرفات العقارية في شكل رسمي لدى شخص مختص له سلطة في تحريرها، مع مراعاة الأشكال التي اشترطها القانون، وتوالت التشريعات بعدها لتأكد نفس القاعدة، منها القانون 88-14 المؤرخ في 3 ماي 1988 المعدل والمتمم للأمر 75-58 المتضمن القانون المدني الجزائري .

   كما سعى المشرع الجزائري إلى بناء نظام الشهر العقاري الأمثل، ولكي تمارس الدولة نوعا من الرقابة على هذه المعاملات، وعليه تم صدور الأمر 71-73، المؤرخ في 11 أوت 1971 المتضمن الثورة الزراعية، حيث أشار هذا الأمر إلى تأسيس نظام الشهر العقاري، كما نص على هذا النظام المرسوم التنفيذي 73-32 المؤرخ في 5 جانفي 1973، المتضمن إثبات حق الملكية الخاصة5، وبصدور الأمر 75-74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقارية، لا سيما المرسومان التطبيقيان له، أي المرسوم رقم 76-62 المتعلق بإعداد مسح الأراضي العام، والمرسوم رقم 76-63 المتضمن تأسيس السجل العقاري ، تم بهذه التشريعات إعادة هيكلة نظام الشهر العقاري، حيث كان هذا أول تشريع للشهر العقاري في الجزائر.

   وبناء على ما سبق فإن تنظيم المشرع الجزائري للعقارات والعمليات التي تهدف إلى تداولها استلزم سن قواعد قانونية محكمة، قامت بإخضاع كل تصرف محله إنشاء أو نقلا أو تعديلا أو إلغاء حقوق عينية عقارية، إلى ركن الشكل الرسمي، حيث تخلى بهذا عن مبدأ رضائية العقود العقارية، هذا وقد أضاف المشرع إجراء آخر يشترط بعد استيفاء ركن الشكل الرسمي، يتمثل هذا الإجراء في الشهر العقاري، الذي تطلبه القانون لترتيب التصرفات العقارية لأثرها العيني، كما قيد القانون عملت إفراغ التصرف في شكل رسمي والشهر العقاري بجملة من الشروط والإجراءات، ينبغي مراعاتها لتتم بشكل صحيح مرتبة لآثارها القانونية.

   من خلال ما سبق، ولأسباب موضوعية متمثلة في الأهمية والقيمة العلمية التي يكتسيها هذا الموضوع لا سيما في الواقع، وبالإضافة إلى الأسباب الذاتية المتمثلة في الرغبة في دراسة موضوع ذات أهمية في نطاق تخصصنا المتمثل في القانون العقاري، ارتئيتا من خلال ما سبق التطرق لصحة ونفاذ التصرفات العقارية، لتحقيق الأهداف المتوخاة منه، والمتمثلة في إظهار التكامل الحاصل بين ركن الشكل الرسمي كأساس لصحة التصرفات العقارية، والشهر العقاري الذي يتم من خلاله نفاذ التصرفات العقارية، فهذه الأخيرة تعد باطلة إذا لم تستفد ركن الكتابة الرسمية، كما أنها لا ترتب أثرها العيني إذا لم يتم شهرها.

   كما تجدر الإشارة إلى الدراسات السابقة التي عالجت هذا الموضوع أو جانب منه، نذكر من بينها الأستاذة شيخ سناء في بحثها المعنون بالشكلية في إطار التصرفات العقارية، والأستاذ ويس فتحي في بحثه الموسوم بالشهر العقاري وآثاره في مجال التصرفات العقارية، حيث كانت دراسته مقارنة لمختلف الأنظمة القانونية في تبنيها لنظام الشهر العقاري، لاسيما تطوره القانوني، قواعده وإجراءاته.

   كما تجدر الإشارة إلى الصعوبات التي واجهنا خلال إعدادنا لهذا البحث، والمتمثلة أساسا في ضيق الوقت الذي حال بنا دون التوسع أكثر في الموضوع الذي يعتبر متشعب ويقتضي دراسة واسعة، بالإضافة إلى الصعوبة الجدية المتمثلة في قلة المراجع في القانون العقاري عموما على مستوى مكتبة كليتنا.

   وللوصول إلى النتائج المرجوة من هذا البحث، ارتأينا طرح الإشكالية التالية :
ما مدى التكامل بين الشكل الرسمي لصحة التصرفات العقارية، والشهر العقاري لنفاذها ؟
ومحاولة الإجابة عن هذه الإشكالية انبثق منها عدة فرضيات نجملها في النقاط التالية :
- صحة التصرفات العقارية تتحقق بإخضاع هذه الأخيرة إلى الشكل الرسمي.
- التصرفات العقارية غير رسمية هي تصرفات باطلة لا أثر لها.
- إجراء الشهر العقاري هو مصدر نشأة الحقوق العينية العقارية.
- الشهر العقاري هو الإجراء المكمل للشكل الرسمي لتمام التصرفات العقارية.

    ما أننا انتهجنا في هذا البحث كل من المنهج الوصفي، بوصفنا للقواعد الموضوعية لركن الشكل الرسمي، وإجراء الشهر العقاري، والمنهج الاستدلالي من خلال الاستدلال بالنصوص القانونية التي نظمت الإجراءات المتعلقة بالشكل الرسمي والشهر العقاري، والمنهج التحليلي من خلال تحليل هذه النصوص القانونية، كما اعتمدنا في جانب من الموضوع على المنهج المقارن، من خلال استقراء نصوص قانونية أجنبية.

   والإحاطة بجوانب الموضوع اقتضت منا تقسيم هذا الأخير إلى فصلين، خصصنا الفصل الأول للشكل الرسمي كأساس لصحة التصرفات العقاري، وينقسم بدوره إلى مبحثين يتضمن الأول الإطار المفاهيمي للمحرر الرسمي، ويتضمن الثاني أنواع المحررات الرسمية المتعلقة بالعقار، وخصصنا الفصل الثاني لدراسة الشهر العقاري كإجراء لنفاذ التصرفات العقارية، وهو بدوره ينقسم إلى مبحثين، يضم الأول الإطار الموضوعي للشهر العقاري، ويضم الثاني الإطار الإجرائي للشهر العقاري.

 الفصل الأول : الشكل الرسمي كأساس لصحة التصرفات العقارية.

   إن الأصل والمبدأ العام في التصرفات القانونية هو مبدأ "الرضائية" بمعنى أنه يتم انعقاد العقد وقيام التصرف بمجرد تراضي أطرافه انطلاقا من إيجاب أحدهم وقبول الآخر ما لم يقضي القانون بغير ذلك، واستثناء لهذا الأصل، فقد خص المشرع الجزائري بعض التصرفات القانونية

   حسب طبيعتها بركن إضافي واستثنائي يتمثل هذا الأخير في الشكلية التي يتمثل مضمونها في وجوب إفراغ محتوى التصرف القانوني في شكل معين يتم من خلاله التعبير عن إرادة الأطراف في إحداث أثر قانوني لهذا التصرف.

   وتتعدد أنواع الشكلية بحسب الغاية التي تهدف إلى تحقيقها، فقد يستلزم القانون الشكلية لإثبات التصرف حيث إن تخلفها لا يؤثر في وجود التصرف الذي يبقى صحيحا، وقد يستلزم القانون الشكلية لانعقاد التصرف، كالتصرف الوارد على عقار، وهذا النوع من الشكلية يؤدي تخلفها إلى عدم وجود التصرف لتخلف ركن منه.

    إن المشرع الجزائري ونظرا لتمييزه للعقار بقواعد قانونية مختلفة نوعا ما في تنظيمها، فقد قام في هذا الإطار بربط صحة التصرفات التي تتضمن إنشاء أو نقل حقوق عقارية بإخضاعها للشكلية الرسمية وعليه فإنه يشترط لصحة التصرف الوارد على عقار إخضاعه للشكل الرسمي المحدد في القوانين التي سنها المشرع لتنظيم التصرفات العقارية.

    وإخضاع التصرفات العقارية للشكل الرسمي يتخذ العديد من الصور كما أنه يتطلب قواعد وإجراءات محكمة الحصر قانونا حيث إنه للقول أن التصرف قد استوفي ركن الشكل لا بد من اتباع قواعد وشروط الشكل الرسمي الذي يهدف في تحققه إلى حماية كل من اكتسب حق جراء هذا التصرف وتحقيق الصالح العام، كما يترتب على تحققه آثاراً قانونية، ويترتب في حالة تخلفه جزاء قانونيا.

    انطلاقا مما سبق تتضمن دراستنا في هذا الفصل الإطار القانوني للشكل الرسمي المشترط لصحة التصرفات العقارية، لذلك سنتطرق في المبحث الأول إلى الإطار المفاهيمي للشكل الرسمي، ثم أنواع المحررات الرسمية الواردة على عقار في المبحث الثاني.

الفصل الثاني : نفاذ التصرفات العقارية

   مما توصلنا إليه في الفصل الأول أن توافر الشكل الرسمي في التصرفات العقارية هو أساس صحتها، وصحة التصرف الوارد على عقار لا تؤدي لنفاذه، إنما ترتب التزامات شخصية بين الأطراف أهمها الالتزام بنقل الملكية العقارية التي يقتضي تمامها إجراء الشهر العقاري، الذي يؤدي في تحققه انتقال الملكية بشكل فعلي وقانوني، يحتج بها في مواجهة كلا من الأطراف والغير.

    يعتبر الشهر العقاري آليه قانونية تنتهجها التشريعات لحماية الملكية العقارية، واستقرار المعاملات العقارية، ودعم الائتمان العقاري، كما أن وظيفة الشهر العقاري هي وظيفة إعلامية، فهو إجراء يهدف إلى إعلام الأشخاص الذين يريدون معرفة جميع المعلومات الخاصة بالعقار وأسماء المالكين، والتصرفات التي تعاقبت عليه.

   والشهر العقاري كوسيلة فنية تحقق أهداف اقتصادية هامة، شهدت تطور التشريعي عبر تعاقب القوانين، أدى هذا التطور إلى ظهور نظامين يتمثل الأسبق منهما ظهوراً في نظام الشهر الشخصي الذي ظهر قديما، والذي أدت الانتقادات التي طالته إلى محاولة إيجاد نظام آخر للشهر العقاري، وتجلت هذه المحاولة باستحداث نظام آخر عرف بنظام الشهر العيني.

  إن المشرع الجزائري قد جعل الشهر العقاري إجراء إجباري لتمام نقل الملكية العقارية، التي لا تكون نافذة إلا باستيفائه حيث نص على هذا المبدأ في العديد من النصوص القانونية من بينها نص المادة 793 من ق م ج، التي جاء فيها: "لا تنتقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار ".

   إن الشهر العقاري كغيره من الإجراءات القانونية، يمر بمراحل ويقتضي شروطا لا سيما تلك المتعلقة بالمحررات الخاضعة له، وتتوج عملية الشهر في تمامها بآثار تهدف في محتواها إلى نقل وتطهير وحماية الملكية العقارية.

   وبناء على ما سبق سنتطرق في هذا الفصل إلى إجراء الشهر العقاري باعتباره الإجراء الذي يحقق نفاذ التصرفات العقارية ونقل الملكية العقارية، لذا اقتضت هذه الدراسة تقسيم الفصل إلى مبحثين، يتضمن أولهما الإطار الموضوعي للشهر العقاري، ويتضمن الثاني الإطار الإجرائي للشهر العقاري.



مذكرة إجراءات صحة ونفاذ التصرفات العقارية إعداد الطالبة خاليدة بن عوالي 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-