الدور الرقابي للجنة الشرعية للمالية التشاركية

الدور الرقابي للجنة الشرعية للمالية التشاركية

 الدور الرقابي للجنة الشرعية للمالية التشاركية 
اعداد الطالبةهند بلغازي
اللغة العربية 
التصنيفرسالة
الفئةقانون الأعمال 
السنة الجامعية2022/2021
عدد الصفحات199
صيغة الملفPDF
حجم الملف15MO
موقع التحميلGoogle Drive

مقدمة

     تعتبر المالية التشاركية صناعة جديدة أرخت بظلالها على المغرب بفضل عدة عوامل داخلية وخارجية ،وقد التحق المغرب بركب الصناعة المالية التشاركية بشكل مثير للإهتمام لاسيما بعد صدور القانون 103.12 المنظم لعمل مؤسسات الإئتمان والهيئات التابعة لها وغيرها من القوانين التبعية .ولأجل تفعيل المالية التشاركية وتنزيلها على أرض الواقع تبنت البنوك التشاركية رزمة من الصيغ التمويلية التبادلية وأخرى من الآليات التشاركية القائمة على مبدأ الغنم بالغرم وقاعدة الخراج بالضمان ، وأعلنت عن تقديمها لخدمات متنوعة تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية ومقاصدها النيرة. 

وبهذا الصدد قام المشرع المغربي بخطوات مهمة من خلال إصداره لقانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ، حيث تضمن هذا القانون قسما كاملا عن البنوك التشاركية ، الأمر الذي منحها قوة تستمدها بكونها جزء من النظام البنكي المغربي من ناحية ومن ناحية أخرى بصفتها بديلا مناسبا ومنافسا للبنوك التقليدية من خلال آلية معاملاتها ومنتجاتها التمويلية المتناسبة مع ضوابط الشريعة الإسلامية التي تتجلى في إحلال المشاركة في الربح والخسارة محل الإقتراض بالفائدة ، وقد خصص له القانون 103.12 ثلاثة أبواب :

 الباب الأول تحت عنوان "مجال التطبيق" والثاني معنون بهيئات المطابقة " ، والثالث بعنوان " أحكام متفرقة ". 

وبناء على ذالك تم التأسيس بظهير شريف للجنة الشرعية للمالية التشاركية التي تعد بحق أفضل نموذج للحكامة الشرعية على المستوى العالمي ، وتم إصدار العديد من القوانين البنكية المفصلة لما في القانون سالف الذكر ، وهي تعد إنجازات في حد ذاتها ، لأن البنوك أصبحت ملزمة بالعمل بها ، ووضع المساطر الداخلية على غرارها . لكن ذلك لم يمنع من بروز العديد من تحديات ذاتية وموضوعية أمام البنوك والنوافد التشاركية ، تعيق حركتها ، وتعقد بها عن تحقيق الأهداف المرجوة منها.

وتتميز البنوك التشاركية عن غيرها من البنوك التقليدية بعدم التعامل بالفائدة أخدا وعطاء ، فهي نقوم على مبادئ إقتسام الأرباح والخسائر. 

ولتحقيق هذا التميز يتعين على البنوك التشاركية أن تتقيد بأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها في معاملاتها ولهيئات المطابقة الدور الكبير في ضمان هذا الأمر.

وتعد المطابقة الشرعية من بين أهم خصائص المالية التشاركية ذات المرجعية الإسلامية التي تنبني عليها المؤسسات المالية الإسلامية ، وقد حضي موضوع المطابقة باهتمام المشرع المغربي بحيث تحدث عن المطابقة بدل الرقابة الشرعية على خلاف غيره من الدول ، وتشمل المطابقة التي يقوم بها المجلس العلمي الأعلى ، وقد إعتمد المشرع من خلال الأحكام المنظمة للأراء بالمطابقة في مايتعلق بالمالية التشاركية مقاربة جديدة متميزة عن باقي البلدان المعتمدة للمالية التشاركية ، بإستغنائه عن الرقابة الشرعية الخاصة بكل مؤسسة مالية ، كما يشمل مفهوم المطابقة مهمة تتبع ومراقبة مدى تقيد البنوك التشاركية بالأراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى.

أهمية الموضوع :

تشكل الرقابة الشرعية على البنوك التشاركية أهمية بالغة لكونها تعد ركيزة أساسية في تأمين سلامة القطاع البنكي والحفاظ على السياسة النقدية للدولة حيث تلعب الجهات الإدارية والسلطات الرقابية دورا هاما في التأكد من سلامة أداء البنوك التشاركية من المخاطر التي قد تتعرض لها ومن مخاطر منتجاتها التمويلية التي تعتمد بالأساس على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة ، حماية للإقتصاد الوطني وضمانا لحقوق المودعين وثقتهم وحفاظا على الإستثمار ، خاصة مع إحتدام المنافسة بين هذه الأخيرة ونظيرتها البنوك التجارية.

كما يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة في مواكبة تطورات الصناعة المالية التشاركية بالمغرب لاسيما بعد صدور القانون السالف الذكر بحيث تكاد تنعدم الدراسات الأكاديمية التي تولي عناية للقوانين البنكية الصادرة بهذا الشأن ، لأراء اللجنة الشرعية للمالية التشاركية على وجه الخصوص.

أسباب إختيار الموضوع :

وقع إختيارنا لموضوع الدور الرقابي للجنة الشرعية للمالية التشاركية إنطلاقا من إعتبارات موضوعية والتي نجملها في :

كون أن هناك جهلا بالأسس التي تقوم عليها الصناعة المالية التشاركية على إعتبار أن الناس يظنون أن المالية التشاركية تقدم خدمات خيرية فقط وهو مشكل تقافي . أضف إلى ذلك أن هناك إنجازات عدة تنيف على العشرين ، لكنها لم تحضى بما يكفي من الإهتمام في الجانب الأكاديمي على الخصوص وهذه الإنجازات مترابطة بعضها ببعض ، ويكاد يستحيل فہم منجز واحد أو تحليله دون النظر في الباقي ، والسبب في ذلك هو أن العديد من الباحثين والمتمرسين في هذا المجال لا يعلمون بكل هذه الإنجازات التي هي عبارة عن قوانين بنكية ، وأراء شرعية ومذكرات صادرة عن مختلف الأجهزة الإدارية المتصلة بهذا المجال .

إشكالية البحث :

هل المهام التي ألقيت على عاتق اللجنة الشرعية تناسب تنزيل نظريات المالية التشاركية وتحدياتها بالمغرب ؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية نوردها فيما يلي :
ماهي مقومات اللجنة الشرعية؟
وماهو نظامها القانوني ؟
ومن أين ينتدب أعضاءها؟
هل تنفرد برأيها لوحدها بالطابقة أم تحتاج رأي مختصين في المجال المصرفي الإسلامي ؟
ومامدى إلزامية الأراء بالمطابقة بالنسبة للبنوك التشاركية ؟
وما الصلاحيات المخولة للجنة الشرعية للمالية التشاركية في هذا الإطار؟
هل يمكن إعتبار وظيفة التقيد بأراء اللجنة الشرعية لامست مستوى التطلعات ؟
ماهي التحديات التي تواجه اللجنة الشرعية للمالية التشاركية؟

منهجية البحث :

سلكت في صباغة هذه المقاربة مسلكين إثنين :
مسلكا وصفيا ومسلكا تحليليا من خلال التطرق لأبرز النظم الرقابية سواء المتعلقة بالرقابة البنكية التي يمارسها بنك المغرب ، أو المطابقة الشرعية التي يتولاها المجلس العلمي الأعلى ووظيفة النقيد، وذلك إنطلاقا من الشروط المتطلبة لتأسيس البنك التشاركي ثم الرقابة على التمويل والمخاطر المرتبطة بها ، وصولا إلى الدور الإفنائي للمجلس العلمي الأعلى ، ثم العمل على تحليل ذلك على ضوء النصوص القانونية

خطة البحث :

الفصل الأول : الإطار العام للجنة الشرعية للمالية التشاركية.

الفصل الثاني : دور هيئات المطابقة وموقع بنك المغرب من ذلك .

الفصل الأو ل : الإطار العام للجنة الشرعية للمالية التشاركية

     تعد المصارف الإسلامية شكلا جديدا ومتميزا عن المؤسسات المصرفية فهي لا تستمد مبادئها وقواعد عملها من النظام المصرفي العالمي، كما هو الحال بالنسبة للمصارف التقليدية بل تستمدها من الشريعة الإسلامية، بحيث تعالت الدعوات أنحاء المعمور داعية إلى التخلي عن النظام التقليدي القائم على الفائدة وما تنطلي عليه من ريا صريح. لذلك بدأ نبش التراث الفقهي الإسلامي للبحث عن البديل الشرعي من أجل بناء إقتصاد إسلامي على غرار الأنظمة الإقتصادية القائمة .

ويلاحظ أن لقوانين البنوك التشاركية في المغرب إختيارات مهمة، إرتكزت على أصول الفقه الإسلامي وقواعده ولاسيما الإجتهادات المعتبرة في الفقه المالكي، مع الانفتاح على تجارب أخرى، وهي وبذلك تتبنى الشريعة الإسلامية ومقاصدها، حيث إطلعت اللجنة الشرعية للمالية التشاركية على تجارب عدد من البلدان الإسلامية وهذه اللجنة مستقلة عن الحكومة وعن بنك المغرب وهي تتخذ قراراتها بالإجماع، وتنظر في جميع المسائل المتعلقة بالتمويل التشاركي بالمغرب.

وبالتالي للحديث عن اللجنة الشرعية يقتضي منا بداية التحدث عن الرقابة الشرعية أو ما يسميها البعض من الخبراء الاقتصاديين، هذه الأخيرة التي تعددت أنواعها في الإسلام، فمنها ما يعرف بـ (الرقابة العليا) وهي رقابة الله عز وجل على خلقه مصداقا لقوله تعالى: (إن الله كان عليكم رقيبا) ومنها (رقابة الإنسان على الإنسان)، (ورقابة ولاية المظالم على الولاة)، و(رقابة مجموع المسلمين) أو (الرقابة المجتمعية أو الشعبية) بالإضافة إلى رقابة الانسان على نفسه، وهي ما يعرف بالرقابة الذاتية).

أما الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية فإنها تدخل في أكثر من نوع من هذه الرقابات؛ فعضو الرقابة الشرعية هو المخبر عن الحكم الشرعي لكل مسألة وبالتالي فهو المخبر عن حكم الله بذلك.

وتعدد تسميات الجهات المسؤولة عن الرأي الشرعي في المصارف الإسلامية العربية والأجنبية، وذلك تبعا للاختلاف في أشكالها وفي مفهومها وأهدافها، وكذلك تبعا لوزنها ومكانتها القانونية في المصرف.

ومن الملحوظ أن أكثر التسميات شيوعا للجهات المسؤولة عن الرأي الشرعي في الصيرفة الإسلامية هي : "هيئة الرقابة الشرعية، المستشار الشرعي، لجنة الرقابة الشرعية، المراقب الشرعي، المجلس الشرعي، اللجنة الدينية، الهيئة الشرعية، وأيضا جهاز الرقابة الشرعية. وقد تكون هذه التسمية هي الأنسب حيث تشمل كل تخصصات أعضاء الرقابة الشرعية في المصرف الإسلامي من مفتين ومستشارين ودعاة وأمين وباحثين وغير ذلك.

وتأسيسا على ما سبق سنعمل على تقسيم هذا الفصل إلى فرعين :
الفرع الأول : الرقابة الشرعية على المالية التشاركية المفهوم والتنظيم.
الفرع الثاني : اللجنة الشرعية للمالية التشاركية.

الفصل الثاني : دور هيئات المطابقة وموقع بنك المغرب من ذلك

    تأتي أهمية الاقتصاد الاسلامي عامة وفرع المالية الاسلامية خاصة بما يملكه من مقومات أساسية وضوابط شرعية وآليات عملية تحدد إطاره المفهومي وتجسد مقاصده على المستوى العملي والتي من أبرزها آليات التمويل والإستثمار الشرعية بشقيها التبادلي والتشاركي، وكما هو معلوم فإن المصارف الاسلامية باعتبارها مؤسسات مالية إسلامية، تضع على عاتقها وضع المال في مساره الإسلامي الصحيح إعتمدت على محفظة من المنتجات المالية الإسلامية التي تجد تأصيلها في إطار فقه المعاملات، خدمة لأهداف الاقتصاد الإسلامي وتنزيلا لمقاصده الشرعية.

وسيرا على نهج وإرشادات الحكامة الرقابية الشرعية الصادرة دوليا وإقليميا، فقد قام المشرع المغربي بإنشاء هيئة شرعية مركزية للمالية التشاركية تابعة للمجلس العلمي الأعلى تكرس مبدأ المطابقة الشرعية على البنوك التشاركية مهمتها الحرص على إبداء الرأي الشرعي بشأن المنتجات والعقود والمعاملات المالية والأعمال التجارية المتعلقة بالبنوك التشاركية.

ونظرا لعدم وجود قوانين وتشريعات تنظم العلاقة بين المؤسسة المالية الإسلامية وبين الهيئات الشرعية فإنه لا يمكن من تحديد الالتزامات والتبعات القانونية المترتبة على الهيئات الشرعية ... كما أنه نظرا لعدم وجود مثل هذه الهيئات في العصور السالفة، فإنه لا عجب في عدم العثور على أحكام فقهية مسطورة في مدونات الفقه الإسلامي تحدد الإلتزامات الشرعية على هذه الهيئات المستحدثة خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين. غير أن هذا لا يعني إنتفاء أية مسؤولية أو إلتزام أو تبعة على الهيئات الشرعية.

وبالتالي يمكن القول أن البنوك التشاركية تخضع إلى رقابة مزدوجة الأولى من طرف بنك المغرب بصفته الجهاز المسؤول عن إدارة النقد في بلادنا أما الرقابة الثانية وهي التي يمارسها المجلس العلمي الأعلى كما سبق الذكر أعلاه. فماذا قصد المشرع بالمطابقة ؟ وما العلاقة بين هيئة المطابقة وبنك المغرب ؟

سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تقسيم هذا الفصل إلى فرعين بحيث نسلط الضوء بداية على المطابقة الشرعية وعلاقة عملها بالرقابة الشرعية في (الفرع الأول) على أن نتحدث عن علاقة  بنك المغرب بهيئات المطابقة وتحدياتها في (الفرع الثاني).

__________________________________________________________
 رسالة الدور الرقابي للجنة الشرعية للمالية التشاركية إعداد الطالبة هند بلغازي

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف للتبليغ عن انتهاك حقوق الطبع والنشر يرجى التواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-