مدخل للعلوم القانونية S1

مدخل للعلوم القانونية S1

مدخل للعلوم القانونية s1
مدخل للعلوم القانونية S1
تمهيد

   تعد علاقة القانون والمجتمع ببعضهما البعض علاقة أساسية وقوية. اذ لا يوجد قانون بدون مجتمع ، ولا يوجد مجتمع بدون قوانين تحكمه. ولا يمكن تصور وجود القانون إلا بوجود المجتمع. فالأفرد الذين يعيشون بمعزل عن المجتمع وليس لهم علاقات اجتماعية مع بيئتهم الخارجية لا يحتاجون إلى القواعد القانونية "مدخل للعلوم القانونية S1". 

   والقانون ظاهرة اجتماعية أنشئت لتنظيم الروابط والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد بمختلف مظاهرها. فالقانون ينظم حياة الإنسان من مختلف جوانب الحياة كالأحوال الشخصية (زواج طلاق ميراث نسب...) وينظم المعاملات المالية ، مثل البيع والشراء والرهن العقاري ...

   فالقانون هو أن نكون بصدد مجتمع سياسي منظم يفترض وجود سلطة عليا ذات سيادة تسهر على فرض القانون واحترامه، حتى يسود الأمن والاستقرار في المجتمع وذلك بهدف تنظيم وضبط سلوك الأفرد، بحيث تتوجه السلطة بخطابها إلى الأفراد في صورة أمر أو منع أوتكليف بهدف تنظيم شؤون المجتمع وتقويم سلوكه. 

  مفهوم القانون 

   القانون هو مجموعة من القواعد القانونية العامة والمجردة التي تنظم سلوك الأفراد داخل المجتمع  والمقترنة بجزاء وعقوبة توقعهما السلطة العامة على من خالف احكام القاعدة القانونية.

   ويعد القانون من بين وسائل الضبط الاجتماعي ووسيلة ضرورية تعتمد عليها الدولة لتنظيم سلوك الأفراد، ، كما أن للقانون دور أساسي يتجلى في الحفاظ على تجانس والتحام أفراد المجتمع واستقرارهم وذلك من خلال تحقيق الأمن والعدالة والحرية وذلك بالتزام الأفراد بالقواعد والأوامر الصادرة عن السلطات .

 خصائص القاعدة القانونية 

  يتبين لنا من خلال تعريف القاعدة القانونية أن هناك للقاعدة القانونية أربع خصائص وهي :

- قاعدة اجتماعية سلوكية : وهي تهتم بتنظيم علاقات الأفراد فيما بينهم داخل المجتمع و علاقة الفرد بالمجتمع بالإضافة الى علاقة الفرد بالدولة . 

- قاعدة عامة : تكون موجهة لعموم الناس دون تمييز وقد تخاطب فئة معينة من المجتمع دون غيرها وعلى سبيل المثال " مدونة التجارة " تخاطب فئة التجار فقط،و "مدونة الشغل" تخاطب فئة الأجراء والمشغلين فقط.. 

- قاعدة ثابتة و مستقرة : حتى يتمكن القانون من اداء دوره والمتمثل في تنظيم سلوك الأفراد من الضروري أن تكون القاعدة القانونية ثابتة و مستقرة حتى يتمكن المخاطبين بهذه القاعدة من التعرف عليها والامتثال لأوامرها .

- قاعدة ملزمة : تكون القاعدة القانونية ملزمة أي مقترنة بصفة الجزاء وتعد من أهم خصائص هذه القاعدة و تتجلى على وجه الخصوص في القانون الجنائي وينقسم الجزاء إلى : 

الجزاء التأديبي : بمعنى أن كل موظف أو مستخدم أو عامل خرق قواعد الوظيفة أو العمل فإن الإدارة أو الشركة تعاقبه ووتخد في حقه اجراءات تأديبية. "مدخل للعلوم القانونية S1". 

الجزاء المدني : وهو جزاء يتخد في حالة خرق بعض القواعد القانونية المتعلقة بالقانون المدني ، ويتخذ هذا الجزاء عدة أشكال كالبطلان وهو جزاء يقرره المشرع في حالة عدم توفر أحد أركان العقد، والإبطال الذي  يرتبه المشرع بسبب الإخلال بأحد  شروط العقد ... واضافة الى جزاء التعويض أي تعويض المتضرر جراء تعرضه لأذى ، وهنا يتعلق الأمر بخرق قاعدة قانونية آمرة ففي هذه الحالة لا يتم توقيع الجزاء بل تعويض المتضرر .

الجزاء الجنائي : وهو مرتبط بالمحكوم عليه ويمس حياته وقسم المشرع هذا الجزاء إلى ثلاث درجات و ذلك على حسب درجة الجرم. 

الجنايات : وتعتبر الجرم أعلى درجات الإجرم وأخطرها مثل القتل العمد... وخصص لها المشرع أقسى العقوبات " السجن المؤبد و الاعدام والتجريد من الحقوق الوطنية..." 

الجنح : تعد الجنح ادنى مرتبة من المرتبة من الجنايات كالسرقة إذا لم تكن مرتبطة بظروف التشديد  وكذلك جريمة الفساد وجريمة الخيانة الزوجية... و التي خصص لها المشرع عقوبة الحبس من شهر إلى خمس سنوات وغرامة مالية تحدد من 1000 درهم إلى 5000 درهم. وهنا يجب التمييز بين الجنح الضبطية من شهر الى سنتين و الجنح التأديبية من سنتين إلى خمس سنوات. 

المخالفات : تأتي المخالفات في المرتبة الثالثة بعد الجنايات والجنح كمخالفات السير مثلا والتي خصص لها المشرع عقوبة لا تقل عن شهر و غرامة مالية تبدأ من صفر درهم إلى ألف درهم. 

 تمييز القاعدة القانونية عن باقي القواعد الإجتماعية الأخرى 

تمييز القاعدة القانونية عن قاعدة الأخلاق : الأخلاق هي مجموعة من المبادئ الاجتماعية التي تهدف إلى نشر الخير بين الناس ، وهي متداخلة مع القاعدة القانونية وتتميز عنها من حيث الجزاء فالجزاء في قاعدة الأخلاق يتمثل في تأنيب الضمير أما القاعدة القانونية فجزاءها مادي يتمثل في العقوبة .

- تمييز القاعدة القانونية عن قواعد المجاملات : قواعد المجاملات هي مجموع القواعد التي تقوم على فكرة المجاملة، و يتواتر الناس على اتباعها و تتميز عن القاعدة القانونية من حيث الجزاء ، بكون جزاءها معنوي أما فالقاعدة القانونية يكون جزاءها جزاء مادي  .

- تمييز القاعدة القانونية عن قاعدة الدين : الدين هو مجموع ما يوحي به الله تعالى من أوامر ونواهي وتكاليف بواسطة الأنبياء والرسل، و تتميز عن القاعدة القانونية من حيث الجزاء ، بكون الجزاء فيها اخروي بعد موت الانسان أما جزاء القاعدة القانونية فهو مادي يوقعه البشر  .

 أقسام القاعدة القانونية 

   تنقسم القاعدة القانونية إلى خمسة أقسام تختلف عن بعضها البعض باختلاف الزاوية التي ينظر منها إليها، فمن حيث القوة الإلزامية فهي قاعدة آمرة ومكملة، أما من حيث المضمون نجد القاعدة الشكلية و الموضوعية، أما من حيث الشكل فهي قاعدة مكتوبة وغير مكتوبة، ومن حيث الأولوية فإننا نطبق قواعد الشريعة الإسلامية . ومن حيث القاعدة القانونية العامة و الخاصة نركز على زاوية العلاقة التي تنظمها قواعد القانون العام والقانون الخاص. "مدخل للعلوم القانونية S1". 

القواعد المكتوبة : يقصد بها القواعد الموضوعية الصادرة بشكل مكتوب مثل مدونة التجارة و قانون الالتزامات و العقود و القاعدة الغير المكتوبة وهي القوانين غير المكتوبة التي يتم تطبيقها بشكل دائم و يصبح احترامها ضروري في المجتمع كالأعراف .

القاعدة الموضوعية : يقصد بها مجموعة من القواعد التي تحدد حقوق وواجبات الأفراد . والقواعد الشكلية يقصد بها القواعد التي تبين الإجراءات و المساطر التي يجب إتباعها للمطالبة بالحقوق بدءا من المقال الافتتاحي للدعوى إلى حين تنفيذ الحكم .

الشريعة العامة : وهي مجموعة من القوانين العامة التي يتم الرجوع إليها عند انعدام نص قانوني يطبق على نازلة معينة مثل "قانون الالتزمات و العقود يعتبر شريعة عامة. 

الشريعة الخاصة : هي مجموعة من القوانين الخاصة التي يتم تطبيقها و العمل بمقتضياتها حتى ولو تضمنت الشريعة العامة عكس ذلك كمدونة التجارة ومدونة الشغل .

القواعد الآمرة : يقصد بها الحد من حريات الأفراد وأمرهم بما يجب القيام به أو الامتناع عنه بحيث لا يكون للأفراد أي حق في تغيير الأوامر بل يكونون ملزمين  بها و لا يجب الاتفاق على مخالفتها . 

القواعد المكملة : وهي مجموعة من القواعد التي يمكن للأفراد الاتفاق على مخالفتها والخروج عن مقتضياتها  . 

1) معايير التمييز بين القاعدتين  الآمرة والمكملة :
المعيار اللفظي : وذلك من خلال الألفاظ و العبارات التي تتضمنها القاعدة القانونية وتوضح بصراحة الصفة الآمرة ( يمنع لا يجوز لا يسمح ) والصفة المكملة  ( يمكن يجوز يسمح ). "مدخل للعلوم القانونية S1"

المعيار المعنوي :  يقوم على مدى تعلق القاعدة القانونية بالنظام العام، بمعنى الأساس الذي يرتكز عليه المجتمع سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، ويقوم هذا المعيار ايضا على حسن الآداب اي الأسس الأخلاقية اللازمة لقيام كل مجتمع و التي يأخذ بها في زمن معين . 

قواعد القانون الخاص: ويقصد بها مجموعة من القواعد التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم و بين الدولة باعتبارها شخصا عاديا . أماقواعد القانون العام فهي مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقة التي تكون فيها الدولة صاحبة السيادة .   

معيار التمييز بين قواعد القانون الخاص وقواعد القانون العام :

معيار الجبر و الاختيار  كل القواعد القانونية التي تتسم بصفة الجبر تعتبر من القانون العام ، بينما القواعد القانونية التي يخضع فيها أطراف العلاقة للإختيار بين احترام مقتضياتها أو الاتفاق على  مخالفتها تعتبر من قواعد القانون الخاص. 
غير أن هذا المعيار ليس دقيقا فكثيرا ما نجد أن هناك قواعد في القانون العام ليست قواعد جبرية و كذلك نفس الشيء في القانون الخاص نجد قواعد ليست اختيارية .

 معيار المصلحة الخاصة والمصلحة العامة : يقوم هذا المعيار على تطبيق قواعد القانون العام اذا كنا أمام قواعد تهتم بالمصلحة العامة ، وإذا تعلق الامر بقواعد تهتم بتحقيق المصلحة الخاصة فنطبق القانون الخاص . 

معيار التبعية والمساواة : اذا تعلق الأمر بعلاقة تتسم بالتبعية و التسلسل الإداري نكون أمام قواعد القانون العام ، أما اذا تعلق الأمر بعلاقة تحقق المساواة فنحن أمام قانون خاص .

معيار الاعتبار المالي : كل ما يتعلق بالمعاملات المالية كالبيع والشراء يعتبر من القانون الخاص ، أما غير ذلك من العلاقات التي تبتعد عن المال كالقواعد المنظمة لجهاز الدولة فهي من القانون العام .  

معيار وجود الدولة كطرف : القانون العام ينظم العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها، أما القانون الخاص فينظم العلاقات بين الأشخاص العاديين. 

معيار صفة الاشخاص أطراف العلاقة :  هذا المعيار يعتبر تعديلا للمعيار السابق لأنه يأخذ بعين الاعتبار الوضع الجديد للدولة، التي لم تعد تقتصر على الدخول في علاقات تظهر فيها بصفة السيادة ، بل اصبحت تتدخل كذلك في علاقات تظهر فيها كشخصٍ عادي. "مدخل للعلوم القانونية S1". 

 القانون العام والقانون الخاص 

   يتفرع القانون الخاص و القانون العام إلى عدة فروع ، ففي القانون العام يمكن التمييز بين القواعد التي تنظم علاقة الدولة بالدول الأخرى في إطار ما يسمى بالقانون العام الخارجي ، وتلك التي تنظم علاقة الدولة داخل حدودها الترابية بمواطنيها في اطار القانون العام الداخلي . 
1. القانون العام الخارجي 
يتكون من مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم علاقات الدولة الخارجية ، ويتضمن القانون الدولي العام و المنظمات الدولية .  

القانون الدولي العام : يتكون من مجموعة من القواعد القانونية التي تهدف إلى تنظيم العلاقات الدولية بين في حالة السلم إذ يتولى تحديد معايير تصنيف أشكال الدول " دولة كاملة السيادة ,دولة موحدة ..." ، وفي حالة الحرب اذ يضع هذا القانون الضوابط التي يتعين على الدول المتحاربة احترامها، وتتمثل مصادر هذا القانون في الاتفاقيات الدولية والعرف والفقه و القضاء .

المنظمات الدولية : تتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تتولى تحديد اختصاصات المنظمات الدولية والاقليمية وتنظيم علاقات الدول المنضوية تحتها " كمنظمة الأمم المتحدة و منظمة الصحة العالمية...."

2. القانون العام الداخلي

 يتولى تنظيم علاقة الدولة المرتبطة بممارسة السيادة داخل حدودها الترابية كالقانون الدستوري ، القانون الإداري ، القانون المالي . 

3- فروع القانون الخاص  

القانون المدني : يعد أساس القانون الخاص و المصدر العام الذي يرجع إليه عند عدم وجود النص المناسب في فروع القانون الخاص الأخرى ، كما أنه يقوم بتنظيم العلاقات بين الأشخاص سواء على المستوى الشخصي أو الأسري أو المالي أو العيني . "مدخل للعلوم القانونية S1". 

القانون التجاري : هو مجموع القواعد القانونية التي تنظم الأعمال التجارية والتجار كالقواعد المنظمة لاكتساب صفة تاجر ولأهلية التجارية و التزامات التاجر و الأصل التجاري و الاوراق التجارية. 

القانون الاجتماعي : أو قانون الشغل حيث اقتصر في البداية على تنظيم علاقات العمل فقط ، ليصبح بعد ذلك يهتم بالحماية الاجتماعية للأجراء ،حيث انقسم إلى فرعين. قانون الشغل : ينظم الشغل وعلاقة الأجير بالمشغل  وهو ما أطلق عليه لا حقا مدونة الشغل. و قانون الضمان الاجتماعي الذي يحدد التعويضات و المعاشات المستحقة للأجير بعد تقاعده  أو اصيب بخطر مهني كحوادث الشغل و الأمراض المهنية . 

القانون العقاري : أو قانون التحفيظ العقاري يهدف الى ضبط وضعية العقار بصفة عامة من خلال تحديد مساحته وحدوده وأوصافه ، بالإضافة إلى تحديد الحقوق الشخصية والعينية الواردة عليه ، وبيان أسم مالك العقار وأسماء أصحاب الحقوق المترتبة عليها و طريقة انتقال الملكية . 

قانون الأسرة : يتولى تنظيم الأحوال الشخصية كالخطبة و الزواج والطلاق والولادة والنتائج المترتبة عنها كالبنوة و النسب و الأهلية و النيابة الشرعية و الوصية و الميراث.. .

مصادر القاعدة القانونية 

   تنقسم مصادر القاعدة القانونية الى مصادر رسمية كالتشريع و العرف و الفقه الإسلامي و مصادر تفسيرية تتجلى في الفقه و القضاء .

1 - المصادر الرسمية :
التشريع الاساسي : يعتبر الدستور اسمى قانون في الدولة،  وهو مجموعة من القواعد و المبادئ الاساسية التي تحكم الدولة و بيان نظام الحكم فيها، كما انه يتولى تنظيم السلطة التشريعية و التنفيذية و القضائية و تكوينها و اختصاصاتها .

 والدستور نوعان دستور عرفي و هو مجموعة من الأعراف التي تتولى تنظيم شؤون الدولة و يتميز هذا الدستور بالمرونة التي تمكنه من مواكبة المجتمع كالدستور البريطاني . و الدستور المكتوب وهو عكس الدستور العرفي حيث يأتي في شكل مكتوب وما يميزه هو الوضوح كالدستور المغربي . 

التشريع العادي : أو القانون أي مجموعة من القواعد التي تنظم علاقات الأفراد فيما بينهم و بين الدولة ، ويرجع الاختصاص في وضع القوانين إلى السلطة التشريعية المكونة من مجلسي النواب و المستشارين ، كما يسمح للسلطة التنفيذية بإصدار القوانين في بعض الحالات (الفصل 70 من دستور 2011) .

حالة الإذن : وهي الحالة التي يأذن فيها القانون للسلطة التنفيذية بسن مراسيم وقرارات وزارية تدخل في اختصاصاتها، و ذلك وفق فترة زمنية معينة و لغاية محددة و يتم العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها ، بعد احالتها على البرلمان للمصادقة عليها في الوقت المحدد لهذا الإذن . 

حالة الضرورة : يمارس البرلمان نشاطه في دورتين ، الدورة الخريفية او دورة افتتاح البرلمان في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر برئاسة جلالة الملك و الدورة الربيعية في الجمعة الثانية من شهر أبريل ،وتفصل بين الدورتين فترة عطلة ، لهذا قد تستدعي الضرورة خلال فترة العطلة اصدار نص قانوني ، لذلك سمح الدستور للسلطة التنفيذية بالتدخل في هذه الحالة بالإتفاق مع اللجان البرلمانية المعنية بالأمر وتقديمه للبرلمان بعد انعقاده في الدورة الموالية للمصادقة عليه. 

ولإصدار القانون لا بد من مروره عبر مجموعة من المراحل كما يلي :
مرحلة اقتراح القانون : يصدر عن رئيس الحكومة ويسمى بمشروع قانون ويسمى مقترح قانون إن صدر عن أحد أعضاء البرلمان (الفصل 92 من الدستور 2011). 
مرحلة تداول القانون و مرحلة مناقشته : يتم تداول مشروع القانون أو مقترح القانون في المجلس الحكومي برئاسة رئيس الحكومة و يتم كذلك تداوله في المجلس الوزاري برئاسة الملك إذا تعلق الامر بالنظام العام او مشروع المالية ...(الفصل 92 من الدستور الحالي) 
- مرحلة تداول القانون في مجلسي البرلمان قصد التوصل إلى نص واحد ( الفصل 84 من الدستور 2011) 
- مرحلة إحالة مشروع ومقترح القانون على اللجان البرلمانية ومرحلة التصويت ( الفصل 80 من الدستور الحالي). 
- يمكن للملك أن يطلب من مجلسي النواب والمسشرين أن يقرؤ مشروع القانون أو مقترح القانون. 
- مرحلة إصدار الملك الأمر بتنفيذ القانون خلال 30 يومًا التالية لإحالته على الحكومة بعد الموافقة عليه " مرحلة الإصدار". "مدخل للعلوم القانونية S1". 
- مرحلة مطابقة القانون مع نصوص الدستور : يمكن أن يحال إلى المحكمة الدستورية لمطابقته مع نصوص الدستور
- مرحلة النشر بالجريدة الرسمية : في الأخير يتم نشره في الجريدة الرسمية ليسري بعد 30 يوم من إصداره . 

   وهناك نوع آخر من القانون يسمي بالقانون التنظيمي تصدره السلطة التشريعية ويصدر بنفس الطريقة التي يصدر بها التشريع العادي، لكن هذه القوانين التنظيمية أسمى من القانون العادي و أدنى من الدستور أي في الرتبة الثانية من بعد الدستور، وهو مكمل للدستور فهو يفسر بعض النصوص الغامضة كالفصل 133 من الدستور المغربي " تختص المحكمة الدستورية في النظر بكل دفع ... " يحدد قانون تنظيمي شروط و إجراءات التطبيق هذا الفصل. 

التشريع الفرعي : أي النصوص التنظيمية وهو الذي تضعه السلطة التنفيذية لإكمال التشريع العادي وتفسيره وتفصيله، وإدارة المرافق العامة وحفظ الأمن و يأتي من بعد التشريع العادي ويصدر عن السلطة التنفيذية في شكل مراسيم و قرارات و يختص في تفسير القانون أي التشريعات العادية . 

و يجب التمييز بين النصوص التنظيمية و القوانين التنظيمية  لأن الأولى تصدر عن السلطة التنفيذية في شكل مراسيم و قرارات وزارية وهي تفسير التشريع العادي أي القانون أما الثانية فهي تصدر عن السلطة التشريعية وهي أسمى من التشريعات العادية و أدنى من الدستور أي في المرتبة الثانية بعد الدستور وتختص في تفسير و تكملة نصوص التشريع الأساسي أي الدستور .

العرف : مكانة العرف بين فروع القانون الأخرى تختلف من فرع لآخر. 
- القانون الدولي العام : يعتبر العرف المصدر الأساسي لهذا القانون لأنه لا توجد هيئة تشريعية فوق الدول تتولى وضع القوانين الدولية. 
- القانون الدستوري : في هذا القانون يمكن اعتبار العرف مصدر أساسي في بعض الدول كبريطانيا أما في الدول الأخرى فيأتي من بعد التشريع. 
- القانون المدني : أصبح دور العرف محدود بسبب شمول المشرع لمعظم المجالات التي ينظمها القانون. 
- القانون الجنائي : لا توجد مكانة للعرف في هذا القانون لأن القاعدة تقول " لا جريمة و لا عقوبة إلاّ بنص ". 

2) المصادر التفسيرية :
الإجتهاد القضائي : هو مجموع من القواعد الموضوعية التي تستنبط من الأحكام الصدرة من المحاكم في كافة القضايا التي تتولى أمر النظر فيها ، واستنادًا إلى مبدأ فصل السلطات الذي أتى به الفقيه الفرنسي مونتسكيو في كتابه روح القوانين ، فإن القاضي تقتصر مهمته فقط على تطبيق القانون في النوازل التي تعرض عليه و لا يجوز له أن يقوم بمهمة التشريع لأن قيامه بهذه المهمة يشكل تدخل في اختصاصات السلطة التشريعية أي تعارض مع مبدأ فصل السلط و اذا كان دور القاضي فقط تطبيق القانون فإنه كثيراً ما يصطدم أثناء بته في القضايا المعروضة عليه بغموض نص قانوني أو عدم كفايته ، فلا يمكن للقاضي الامتناع على القيام بوظيفته لذلك منحه المشرع الحق في تفسير هذا النص مستأنسا برأي الفقهاء و الأحكام القضائية السابقة و اذا تم الاستقرار على تطبيق هذا الحكم في معظم القضايا المشابهة فيعتبر اجتهادا قضائياً .

الفقه : هو مجموع الآراء التي يقول بها فقهاء القانون فهو يقوم على استنباط الاحكام القانونية من مصادرها بالطرق العلمية مع مناقشة هذه الأحكام ليتبين ما في القانون من نقص و عيب . "مدخل للعلوم القانونية S1". 

  ويعتبر الفقه مصدر من مصادر القانون لأنه يلجأ إليه المشرع في تشريعه للنصوص القانونية و يلجأ إليه القضاء في معظم النوازل التي تحال عليهم ، ويتجلى دور الفقه  في تفسير إرادة المشرع إذ لم تكن واضحة ،أي القيام بتفسير النصوص القانونية الغامضة وينقسم الفقه من حيث دوره إلى قسمين هما :

الفقه الموجه : عندما يقوم بدور إنشائي من خلال دراسة ومعالجة المسائل الدستورية، ومن الأمثلة على ذلك مبدأ سيادة الأمة عند روسو ومبدأ الفصل بين السلطات عند
مونتسيكيو. 
الفقه المفسر : وهو يقوم بتحليل وشرح القوانين الدستورية فيبرز ما بها من نقص أو غموض أو إبهام ويسترشد بآرائه التشريع والقضاء على حد سواء.

مبادئ العدالة و الإنصاف والقانون الطبيعي : تكمن قوة القانون الطبيعي في طبيعة الروابط الاجتماعية ، من خلال احترام هذه الروابط للقانون الطبيعي تتحقق مبادئ العدالة و الإنصاف .

 اُعتمد القانون الوضعي في بعض النظريات على القانون الطبيعي أي مستوحاة منه كنظرية التعسف في استعمال الحق فبالنسبة لهذه النظرية يمكن لصاحب الحق أن يتعسف في استعماله و ينتج عنه ضرر للغير و هذا يسمى التعسف في استعمال الحق هنا يتدخل القانون الطبيعي لتعويض المتضرر من هذه الأفعال .

نطاق تطبيق القانون 

  بعد مرور القاعدة القانونية من مراحل انشائها وتمتعا بالقوة التنفيذية و الإلزامية تدخل مرحلة في غاية الأهمية تكمن في تطبيقها على أرض الواقع ، يثار تطبيق القاعدة القانونية ثلاث مستويات، مستوى الاشخاص والمكان والزمان. 

1- تطبيق القانون على الأشخاص : 
   تصبح القاعدة القانونية بعد سنها وإصدارها و نشرها ملزمة لمن وجهت إليهم و لا يجوز لأحد ان يدعي عدم علمه بها و هذا ما يعرف بقاعدة " لا يعذر أحد بجهله للقانون " .

 و الواقع أن هذا المبدأ لا يساير حقيقة الأمور لأنه يستحيل أن يكون كل الأفراد داخل المجتمع على علم ودراية بالقوعد القانونية الجديدة ، لأن هناك حالات يستحيل معها العلم بالقانون كالجهل والقوة القاهرة... 

2-  تطبيق القانون من حيث المكان :
- إقليمية القوانين : ويقصد به أن القانون يتم تطبيقه على كل الأشخاص المقيمين فوق إقليم الدولة "البري والبحري والجوي" حتى لو كانوا أجانب يسري عليهم القانون المغربي طالما هم في المغرب. "مدخل للعلوم القانونية S1". 

 -  شخصية القوانين : يراد بهذا المبدأ تطبيق قانون دولة على مواطنيها سواء كانوا فوق إقليمها أوخارجه وعدم تطبيق قانونها على الأجانب ولو كانوا يقيمون فوق إقليمها.

3  - تطبيق القانون من حيث الزمان :

   يتعين الرجوع الى تاريخ بداية العمل بالقانون الجديد لمعرفة تاريخ سريانه ، فقد يكون تاريخ بداية العمل به لاحقا، وقد يكون تاريخ نشره هو تاريخ سريانه ،كما قد يكون بداية سريان القانون سابق على تاريخ نشره . 

   ولكن في غالب الأحيان لا نجد في النص القانوني أي اشارة توضح تاريخ تنفيذ أو سريان القانون، حيث يذهب الفقه و القضاء في غالب الحالات إلى تاريخ النشر هو تاريخ التنفيذ. 

- تنازع القوانين في الزمان : يترتب على صدور قانونين ينظمان نفس المسألة تنازعا بين القانونين أيهما يكون أولى بالتطبيق هل القانون الجديد ام القديم؟ 

النظرية التقليدية : تميز بين الحقوق المكتسبة و مجرد الأمل حيث يطبق القانون الجديد فورا على جميع الوقائع والتصرفات القانونية ولا يستثنى من ذلك الا الحقوق المكتسبة أي الحقوق التي اكتسبها قبل دخول القانون الجديد حيز التطبيق إما مجرد أمل فإنها تخضع فوراً للقانون الجديد . 

النظرية الحديثة : تقوم على تطبيق القانون الجديد مبدئيا على الحاضر و المستقبل، ولا يطبق القانون على الماضي إلا في بعض الحالات ، وتنازع القوانين في الزمان الذي يحل بواسطة مبدأ عدم رجعية القوانين و مبدأ الأثر الفوري للقانون . 

- مبدأ عدم رجعية القوانين : يقصد بمبدأ عدم رجعية القوانين أن القانون لا يسري على  الأحداث والتصرفات التي نشأت وتمت في الماضي، وإنما يقتصر على الحاضر والمستقبل، إذ لا يمكن أن نخضع الوقائع التي حدثت في الماضي للقانون الجديد ، وقد نص المشرع المغربي على ذلك في الفصل السادس من الدستور " ليس للقانون أثر رجعي " كما نص الفصل الرابع من القانون الجنائي على ذلك ايضا . ونجد أن هذا المبدأ ليس مطلقا بل ترد عليه بعض الاستثناءات يطبق فيها القانون بأثر رجعي .

- القوانين التفسيرية : نظرا لكون القانون الذي تم تفسيريه مجرد جزء متمم للقانون المراد تفسيره ، فإنه يسري من تاريخ صدور القانون الأصل و ليس من تاريخ صدور النص المفسر، فدوره يقتصر على تفسير نص كان محتاجا إلى تفسير ، وبالتالي يحق للقاضي أن يطبقه على الوقائع التي حدثت في الماضي فهو مجرد تفسير للنص وليس تغييره . 

- النص الصريح على الرجعية : هنا يتعلق الأمر بقوانين نص المشرع صراحة على رجعيتها كما هو الشأن بالنسبة لقانون القضاء العسكري الفصل  15 الصادر بتاريخ 10 نونبر 1556

- مبدأ الأثر الفوري للقانون : يقصد بهذا المبدأ أن القانون يطبق فورا على الحاضر والمستقبل بمجرد دخوله حيز التنفيذ. 

 إلغاء القانون

إلغاء القانون هو وقف العمل به وتجريده من قوته الملزمة ، ليحل محله قانون اخر  . 

تدرج الغاء القانون :
 المبدأ العام أن القاعدة القانونية تبقى سارية المفعول من تاريخ دخولها حيز التطبيق إلى حين صدور قاعدة جديدة تلغي القديمة و السلطة التي تملك حق الإلغاء هي تلك التي سبق لها أن أنشأتها ، أو السلطة الأعلى منها درجة أي لا يمكن إلغاء التشريع الأساسي بتشريع عادي أو فرعي إلا بتشريع أساسي أي بنص مقامه أو أعلى منه درجة . 

أنواع الإلغاء : 
يكون الإلغاء إما ضمنيا أو صريحا  .

- الإلغاء الصريح : المقصود به رفع القوة الملزمة عن القاعدة القانونية القديمة من قبل القاعدة القانونية الجديدة، حيث يعمد المشرع في النص الجديد إلى التنصيص على إلغاء أحكام النص السابق كالمادة 456 من قانون المسطرة الجنائية. 

- الإلغاء الضمني : هو على عكس الإلغاء الصريح حيث لا ينص فيه المشرع صراحة على الإلغاء ، وإنما ينظم من خلاله موضوعا جزئيا أو كليا سبق أن نظمه النص القديم أو يضع قاعدة جديدة تتعارض مع القاعدة القديمة.
"مدخل للعلوم القانونية s1". 
   دروس ذات صلة :
كتاب مدخل للعلوم القانونية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-